بعد التَّفريق يأتي التَّمزيق / مصطفى منيغ
الأوضاع تفاقمت أحوالها في تلك البقاع ، المحسوبة على بعض عُربان لم يتنبّهوا بعد أنهم السبب في دفع تلك المساحات الجغرافية إلى الضَياع ، فلا هم بما استمرُّوا فيه لشيءٍ يُذكَر حقَّقوا ولا هم عن توسيع عنادهم توقَّفوا همهم الوحيد استمرار الصراع ، يدفعهم لذلك ما يحسُّونه من فراغ ، منذ ظهور قِوى خارجية نجحت في إذكاء أوساط تحالفاتهم الهشة بأكثر من نزاع ، توَلَّّدَ على أثره ما ذهب به “زعماْء” اليَمن ، لتطبيق خطة الانتشار بين المتطاحنين ، ليتجمَّعوا لدى الفائز في عهدٍ ، لا يهم ما فقده الوطن بسببهم ، بل الأهمّ عندهم ما قد يحصلون عليه من غنائم دولةٍ ، حتى بما سيتآكل منها لصالح غير العُربان ، وما في العراق من مظاهر التخريب المقصود ، المُتَّجه للإبقاء على الرّعب يتجوَّل حتى بغداد ، مركز الجذب والنفور ، ومقام صُبْحٍ بقرار، ومساءٍ بتكريس الابتعاد عن تطبيقه بأوضح فِرار ، وزمن لا تدري مَن الجيش الوطني الرسمي فيه ؟؟؟، ولا حتى مَن يحكمه من المتصارعين فوق أرضه؟؟؟ . الفشل في تثبيت الحل ضارب أطنابه داخل المؤسستين التنفيذية كالتشريعية ، و تفقير الشعب يتصاعد مؤشره ، وفَوضَى التفجير المباشر ، أو بواسطة المُفخَّخ ، لا يعطى اهتماماً للمقابلة بالمثل ، من طرف أجهزة مسؤولة تتوصَّل برواتب عناصرها ، وهم بالآلاف ، من عرق الشعب ، والمصيبة تتدافع صوب حرب أهليَّة ، إن قامت فليقرأ من نَجَا منها الفاتحة على العراق الموحَّد ، وفي فلسطين حيث إسرائيل جامعة حولها مَن طَبَّع العلاقات الرسميَّة معها ، أو الذين في الطريق لذلك ، لتُطَبِّعَهُم على ثاني خطوة من تخطيطها ، المُقَسَّم على مراحل ، دون الارتباط بتوقيت محدَّد ، لأسباب متعلقة بسرية التنفيذ ، هذه الخطوة الثانية متعلقة بتأسيس حلف عسكري يضم بالإضافة لإسرائيل ، الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية ، باستثناء المملكة المغربية التي لها خَطُّ آخر ، يجب التوقّف عنده بما يستحق التركيز أكثر في خبايا مقاصده مستقبلاً ، من مهام الحلف العسكري ذاك الدخول في حرب مع إيران ، الأمر إن انتقل للواقع بما هيّأت له إسرائيل ، سيكون بمثابة إدخال فلسطين في فَخّ كَمَّاشَة ، مادامت “حماس” بقطاع غزة ، ستختار قطعاً الجانب الإيراني كاختيار انسب لتوجهها كشريك علني هذه المرة لحزب جنوب لبنان ، ولسنا في حاجة لمزيد شرح ، فالكل عالم بما تسعى إسرائيل ومن معها من “التطبيع” في شطره المختص بالقضاء البطيء على فلسطين جزءاً بعد جُزْء ، وإن تُرِكَت “رام الله” بالضفة الغربية وحدها ، بعد قيام “المعمعة” أو وسطها ، ستصبح خبرا لكان ، فعلى الفلسطينيين التحرك وبسرعة على هامش ما بقي من وقت ، المؤامرة كبيرة هذه المرة ، وبعض الأوراق لا تعمل لصالحهم ، بل لم يعد حماس المظاهرات وما يتجلى معها من تنديدات يؤدي لما يُعتمَد عليها من نتيجة ايجابية ، هناك من العقول ما يقدر أصحابها ابتكار أسلوب ، إن لم يوقّف يخفّف ما يجري الآن إقامته ، من استعدادات كفيلة ببداية التمهيد الجالب إيران لمعركة تفضح المستور ، وتُبعد كل طرف عمَّا كان على محوره يدور ، ساعتها سيفطن بعض العربان في الشرق أنهم كانوا ضحية أكذوبة توهمّوا بتأثيرها أنهم زعماء حتى هذه المرحلة أيضا ، عِلما أنَّ الوقتَ ضَيِّقُ إن أرادوا التراجع عن حلمهم المحفوف بذروة السراب .
… السودان بموقفه المتخذ عنوة شكل التذبذب إظهاراً لحدة دهاء سياسي يخدم مصلحة انتظاره للاستفادة الكلية من الأقوم على حساب المُحَطَّم ، والتخلص من عقدة عاطفة الانتساب المتلَقِّي بكنهها ضربات تصارع حظه لقطف محن ختام ، الانتساب لبعض عربان أكلوا على موائده خيرات كرم ، لحياء نابع من أسمى قيم ، وساعة الشدة تركوه بين قبضة مجهول يبعثر مقامه مرة في الجنوب وأخري في الشمال وعاشرة في الشرق ليُحرَمَ مِن استقرار مَقام ، لقد تيقَّن مُؤخراً أن الدولة لا تُؤَجَّرُ بل تُؤَجِّّر، لها صفة ارتزاق أبنائها تارة في اليمن وأخرى في ليبيا لن تتكرّر ، وكل قراراتها ستتم لاحقا باستقلال تام في الاختيار.(للمقال صلة) .