في تأبين المرحوم محمد الأزرق، كتب الأستاذ محمد الصالح الصيد
مؤلم جدا عندما تشتاق لرؤية صديق وزميل سابق غاب عنك طويلا وتود مقابلته والاطمئنان عليه واستعادة ذكريات سنوات العمر معه ، ثم تصدم بنبأ وفاته منذ سنوات. كان الاخ محمد الأزرق عزيزا على كثيرا، ومن أكثر الناس الذين صادقتهم وتعاملت معهم عن كثب في البي بي سي.
كان عزيز النفس لا يتأنق بأي قناع ليكسب ود أي أحد مهما كان. كان صريحا مباشرا وواضحا، لا يكثر المدح الزائد وعبارات المجاملة. كان مخلصا لعمله متعاونًا مع كل زملائه وصادقًا في تعامله معهم، لكنه صارما لا يسمح لأحد أن يستوطن شخصيته او يمس ذاته أو كرامته.
كان يعرف عنه حسن هندامه ومحافظته على أناقته الملفتة. كثيرا ما كنا نتجاذب أطراف الحديث عن أمور الحياة وظروف العمل وبعض الصعوبات الظرفية والتحديات التي كانت تواجه المذيع آنذاك سواء من بعض الزملاء أو المدراء. كان المرحوم محمد الأزرق إذا تحمس لفكرة ما، يسعى بكل ما لديه من حنكة وخبرة وتجارب حياتية شخصية لإقناعك بوجهة نظره.
وكان أحيانًا لا يكتفي بالكلمات والجمل بل يستعين بلغة الجسد؛ تعابير الوجه وحركات اليدين، بهدف إيصال الفكرة بشكل واضح . وكان بين الصمت والكلام يتذكر فجأة أمرا يدعم فكرته السابقة كان عاجزا عن استحضاره من قبل لاقناعك بها، ودون سابق إنذار يتوقف عن السير وسط شارع مزدحم بالمارة، ليقترب منك ويمسك ذراعك بلطف، وبصوت خفيض ونبرة هادئة يسترسل من جديد في كلامه لعلك هذه المرة تدرك ما كان يعنيه وتقتنع بفكرته. تغمد الله الأخ العزيز محمد الأزرق بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.