هل الحرب وشيكة في منطقة الخليج وما حولها؟/ موسى العدوان
24 ديسمبر 2021، 01:00 صباحًا
للإجابة على السؤال أعلاه، لابد لنا من التمعن بما يجري في المنطقة هذه الأيام، والذي يوحي بحدوث حرب وشيكة قد تفرضها قرارات هوجاء، تنبئنا بها تهديدات متبادلة بين الإيرانيين من جهة والإسرائيليين مدعومين بالولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.
تتمحور هذه التهديدات، حول سعي الإيرانيين لامتلاك سلاح نووي. علما بأن المحادثات حول هذا الموضوع تجري هذا اليوم، بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في فينا، بهدف الحدّ من نشاط إيران النووي، مقابل رفع العقوبات عنها، وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه عام 2018.
إسرائيل تمتلك السلاح النوي سرّا منذ أواسط القرن الماضي، وتحاول منع أي دولة في الشرق الأوسط من امتلاكه. وما حادثة تدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981، واغتيال عشرات العلماء النوويين العراقيين في العقود الماضية، إضافة لاغتيال أربعة علماء نوويين إيرانيين بين عامي 2010 و2012، إلاّ دليل على نوايا إسرائيل، في الانفراد بذلك السلاح لفرض هيمنتها على دول المنطقة.
وأذكّر القراء الكرام هنا، بأن السلاح النووي الذي يسعى الطرفان لامتلاكه، إمعانا في الهيمنة والتوسع على حساب الآخرين، لا يستخدم في النزاعات المحلية، فامتلاكه يعتبر سلاحا للردع وليس للقتال، ولا يتم اللجوء إليه إلا كوسيلة اضطرارية أخيرة، عندما يجري تهديد كيان الدولة بالزوال من الوجود. ففي حالة استخدامه حتى وإن كان بقنابل نووية تكتيكية، سيفتح الباب لحرب نووية مدمّرة، تلقي بنتائجها المأساوية على الطرفين المتحاربين، وعلى المنطقة بكاملها.
وللتقرب من هذا الموضوع، وتشكيل صورة مبسطة عن كيفية تطور الأحداث المقبلة، علينا مراجعة التهديدات المتبادلة بين الطرفين في الفترة الأخيرة. فإسرائيل والولايات المتحدة، تؤكدان عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وأنهما ستمنعانه بالقوة إذا ما فشلت المحادثات الجارية حاليا في فينا. ولكن إيران من جانبها تدعي بأن مشروعها النووي يهدف لأغراض سلمية.
وزير الدفاع لأمريكي لويد أوستن أكّد قبل أيام “التزام أمريكا بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، لأن إيران تمثل تحديات امنية جادة، وأن أمريكا ستدافع عن نفسها وعن شركائها في المنطقة “. كما صرح قبل ذلك قائلا: “أنه قلق من أنشطة إيران النووية، وأن الرئيس بايدن قال بوضوح، مستعدون للانتقال إلى خيارات أخرى، في حالة أخفاق السياسة الحالية الخاصة بإيران”.
وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانيتس قال: ” بأنه يتطلع إلى تعميق الحوار مع الولايات المتحدة، حول الاستعداد العسكري المشترك لمواجهة إيران، ووقف طموحاتها النووية”. ثم أضاف “بأنه أصدر أوامره للجيش الإسرائيلي بالاستعداد للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، في حالة فشل المحادثات النووية في فينا “. أمّا رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي فقال: “أن بلاده تكثف استعداداتها للقيام بهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية”.
إزاء هذه التهديدات الإسرائيلية والأمريكية، ردت إيران عليها بالقول: “أن النظام الصهيوني نسي أننا قادرون على ضربهم من أي مكان”. وقال رئيس الأركان الجنرال محمد باقري: “رغم ثقتنا بوضعية الردع للبلاد، لكن قواتنا مستعدة لأدنى التهديدات في المجال الاستراتيجي”.
وردّ قائد القوة الجوية والصاروخية في الحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده على هذه التهديدات قائلا: “أن لا حاجة للحديث عن قدراتنا فالعدو يعرفها، ولذلك يطلب التفاوض على قدراتنا الصاروخية ويسعى للحد منها، وأن إيران سوف تدمر إسرائيل لو تم إعطاؤها الذريعة اللازمة”.
على ضوء هذه الحرب الإعلامية الساخنة، سواء كانت للاستهلاك المحلي أم للعمل الفعلي، لا بد لي من أخذها على محمل الجدّ، محاولا تصور السيناريو العسكري الذي قد يجري تنفيذه، لو صدرت الأوامر بالهجوم على إيران لا سمح الله. وهذا السيناريو المفترض، قد يكون صائبا أو خاطئا، لأنه عملية عصف ذهني منفرد، لا يعتمد على معلومات دقيقة.
وعليه فلنفرض أن إسرائيل توصلت إلى معلومات مؤكدة، بأن إيران اقتربت من صنع سلاح نووي، لمحاولة الهيمنة على المنطقة وخدمة مشروعها التوسعي، ففي هذه الحالة قد ترتكب إسرائيل حماقة مدعومة بالولايات المتحدة، وتبدأ الحرب من خلال تنفيذ الضربة الأولى، ضد المنشآت النووية الإيرانية على الشاطئ الشرقي للخليج العربي وفي العمق الإيراني، انطلاقا من القواعد العسكرية الأمريكية في دول الخليج لقربها من أهدافها. فقد تؤدي هذه الضربة إلى تدمير ما يقارب 50 – 60 % من المنشآت النووية الإيرانية.
ولكن أيران سترد بالضربة الثانية، مستخدمة القوات الجوية والصواريخ القريبة والبعيدة المدى، ضد أهدافها الأولية التي انطلقت منها الطائرات الإسرائيلية في دول الخليج العربي، مصحوبة بقصف صاروخي يوجه إلى أهداف في عمق الأراضي المحتلة. وفي الوقت ذاته، سيفتح حزب الله من جنوب لبنان، جبهة، تتساقط بها الصواريخ على أهداف محددة، في مواقع عسكرية ومطارات وموانئ بحرية، في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، فتعطل التحركات البرية والجوية والبحرية، وشلّ الحياة اليومية في إسرائيل.
وإذا ما أصبحت القواعد الجوية الأمريكية في دول الخليج، تحت تأثير القصف الجوي والصاروخي الإيراني، فقد تلجأ القوات الجوية الإسرائيلية إلى استخدام القواعد الجوية الأمريكية في الأردن، كونها بعيدة نوعا ما عن منطقة الاشتباكات. وبهذا تصبح هذه القواعد أهدافا لقصف الطائرات والصواريخ الإيرانية، وتصبح الأردن مشاركة بتلك الحرب رغم إرادتها. إلى أي مدى ستستمر تلك الحرب ؟ وهل ستنظم إليها دول أخرى؟ لا أعلم.. وهذا يعتمد على تطور تلك الحرب العبثية التي لا طائل من ورائها لدولنا العربية.
في الختام، أتمنى أن يكون هذا السيناريو لحرب وشيكة، حُلم ليلة شتاء لا يجري تنفيذه على أرض الواقع، لما سيجرّه على المنطقة من دمار وضحايا بشرية ومادية، مصحوبا بالفوضى وعدم الاستقرار . . !