كتاب عربموضوعات رئيسية
دفاع عصمت سيف الدولة عن انتفاضة 1977 /محمد سيف الدولة
“دفاع عن الشعب” هو العنوان الذى اختاره الدكتور/عصمت سيف الدولة، عليه رحمة الله، توصيفا لمرافعته القانونية والسياسية عن انتفاضة يناير 1977 وعمن تم اتهامه بتفجيرها وتدبيرها من قبل السلطات. واليوم فى الذكرى 45 لهذه الانتفاضة، وقرب حلول الذكرى الحادية عشرة لثورة 2011 أعيد نشر هذه الدراسة لعدة أسباب:
لاهمية احياء ذكرى هذه الانتفاضة الشعبية الكبرى التى تحتل مكانة خاصة فى تاريخ النضال الشعبى المصرى حيث كانت هى الاولى من نوعها منذ قيام ثورة 1952، كما أن مصر لم تشهد لها مثيلا قبل مرور ما يزيد عن ثلاثة عقود فى يناير 2011.
- لاهمية المقارنة بين طبيعة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية والقضائية اليوم، بمثيلاتها منذ 45 عاما، وايضا المقارنة بين نوعية الاتهامات التى كانت توجه الى المعارضة اليسارية فى ذلك العصر وبين ما يوجه الى الاسلاميين وعدد من قادة وشباب ثورة يناير اليوم.
- كما أهديها لكل من شارك فى ثورة يناير، ولا يزال يبحث عن سنن وقوانين نجاح او تعثر الانتفاضات والثورات الشعبية فى مصر.
- كما أهديها الى الجيل الحالى من المحامين الذين يتصدون اليوم للدفاع عن كل هذه الاعداد من المعارضين السياسيين وسجناء الرأى، وكذلك لكل المهمومين بالحقوق والحريات فى مصر.
***
فى عام 1977 قدمت النيابة بناء على تحريات جهاز مباحث امن الدولة 176 متهما الى المحاكمة بعد ان قبضت عليهم ووجهت اليهم حوالى 15 اتهاما يمكن تصنيفها الى تهمتين رئيستين:
1) الاولى هى انشاء منظمات غير شرعية تهدف الى قلب نظام الحكم بالقوة،
2) والثانية هى تحريض الجماهير يومى 18 و19 يناير على التظاهر والتجمهر بهدف اسقاط النظام.
تصدى عدد من كبار المحامين للدفاع عن المتهمين وكلفوا الدكتور عصمت سيف الدولة بالقيام بمسئولية الدفاع الموحد العام فى الشق التحريضى من القضية. فقام باعداد هذا الدفاع وتقديمه، وحكمت المحكمة ببراءة كل المتهمين.
عن هذا الدفاع أقدم لمحات عن بعض محاوره فيما يلى:
اولاـ الانقلاب:
اتهم الدفاع الحكومة بالقيام بانقلاب دستورى والخروج عن الشرعية وذلك فيما اتخذته من سياسات على امتداد الفترة من اوائل 1974 وحتى تاريخ الاحداث وحدد هذه السياسات فى الاتى:
- سياسة الانفتاح الاقتصادى المحددة باصدار القانون رقم 43 لسنة 1974 المعروف باسم ” قانون نظام استثمار راس المال العربى والاجنبى والمناطق الحرة ” وذلك فى مخالفتها للمقومات الاقتصادية للدولة الواردة فى الدستور والمعبر عنها بالمواد ارقام 1 و2 و3 و5 و23 و24 و26 و29 و30 و32 و34 و35 و36 و56 و73 و179 و180. وكذلك ما اسفر عنه هذا القانون من سيطرة الطبقة الراسمالية على الدولة مما يمثل جريمة منصوص عليها فى المادة (98 أ) من قانون العقوبات التى تفرض عقوبة الاشغال الشاقة على اى هيئة “ترمى الى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات او القضاء على طبقة اجتماعية او قلب نظم الدولة الاساسية الاجتماعية والسياسية…” وكذلك ما ادى اليه من تبعية اقتصادية الى الولايات المتحدة الامريكية والخضوع لشروط صندوق النقد الدولى.
- وكذلك ما قامت به الحكومة من توقيع لاتفاقية فض الاشتباك الثانى مع العدو الصهيونى فى اول سبتمبر 1975 الذى جاءت ايضا مخالفة للشرعية الدستورية اذ تنص المادة الاولى منها على انه قد وافقت حكومة مصر العربية وحكومة (اسرائيل) على ان “النزاع بينهما فى الشرق الاوسط لا يتم حله بالقوة وانما بالوسائل السلمية ” وتنص المادة الثانية على ان ” يتعهد الطرفان بعد استخدام القوة او التهديد بها او الحصار العسكرى فى مواجهة الطرف الآخر”. وهو ما يمثل مخالفة للدستور الاتحادى بين مصر وسوريا وليبيا، فيما جاء فى مرفقاته من الاتى ” قرر الرؤساء الثلاثة بالاجماع ما يلى (1) ان تحرير الارض العربية المحتلة هو الهدف الذى ينبغى ان تسخر فى سبيله الامكانات والطاقات (2) انه لا صلح ولا تفاوض ولا تنازل عن اى شبر من الارض العربية (3) انه لا تفريط فى القضية الفلسطينية ولا مساومة عليها .
- وهو الدستور الذى طرح وهو ومرفقاته على الاستفتاء الشعبى فى مصر بتاريخ 17 ابريل 1971 وتمت الموافقة الشعبية عليه ومن يومها اصبح وثيقة ملزمة دستوريا وشرعيا.
- ثم الخروج الثالث عن الشرعية باصدار القرارات الاقتصادية برفع الاسعار فى 17 يناير 1977 والذى خرجت باطلة من حيث مخالفتها للموازنة الموافق عليها من مجلس الشعب حيث نص الدستور فى مادته رقم 115 انه “يجب عرض مشروع الموازنة على مجلس الشعب …ولا تعتبر نافذة الا بموافقته.
- وبالتالى فانه يترتب على هذا الخروج عن الشرعية من قبل الحكومة انه حتى اذا ثبتت التهم المسندة الى المتهمين بانهم قادوا الجماهير من اجل اسقاط سياسة الانفتاح الاقتصادى واسقاط اتفاقية فض الاشتباك ورفض غلاء الاسعار واسقاط القائمين على الحكم الذين اتخذوا هذه السياسات فانهم لا يكونون بذلك قد خالفوا الشرعية.