استطيع أن أفسر، لا أن ابرر، لماذا تنحاز السلطة الفلسطينية التي تقول بأنها تعبر في مواقفها وسياساتها عن اماني وتطلعات الشعب الفلسطيني للسعودية والإمارات في الحرب العدوانية الظالمة التي تشنها هاتان الدولتان على اليمن الشقيق منذ اكثر من سبع سنوات؟
كما أستطيع ان افهم لماذا تقوم تلك السلطة بشجب وإدانة الردود العسكرية اليمنية الدفاعية بالصواريخ والمسيرات على اهداف حيوية في العمقين السعودي والإماراتي، رغم انها لا توقع سوى خسائر مادية وبشرية بسيطة ورغم انها دفاع مشروع عن النفس تجيزه كل المواثيق والاعراف الدولية ببنما تلوذ بالصمت حيال الغارات التي يشنها التحالف السعودي- الإماراتي على اليمن رغم انها توقع خسائر كبيرة جداً بالمدنيين اليمنيين العزل.
فالسلطة ومنذ قيامها بموجب إتفاق اوسلو أصبحت جزء لا يتجزأ من معسكر الإعتدال، على المستوى الدولي ،وجزء لا بتجزأ من النظام الرسمي العربي، على المستوى الإقليمي، وهي بحكم ذلك لا تستطيع ان تتخذ سوى المواقف المتقاطعة والمتطابقة مع تلك المواقف الدولية والإقليمية. ولكنني لا استطيع ان أفسر ولا أن أبرر كيف تستطيع حركة سياسية فلسطينية استمدت شرعيتها الشعبية من ممارسة المقاومة وتعتبر نفسها في طليعة محور المقاومة في المنطقة وهي حركة “حماس” ان تتخذ موقفاً محايداً من تلك الحرب رغم أن العقيدة الاسلامية تعلم ان الحياد في المعركة بين الظالم والمظلوم هو إنحياز للظالم؟!.
فهكذا موقف هو للأسف موقف براغماتي وغير مبدئي ولا يليق بحركة مقاومة بات لها احترام كبير ليس في اوساط الشعب الفلسطيني فحسب بل في اوساط احرار الامة والعالم ايضاً.
ولكي نوضح اكثر فإن موقف حركة “حماس” من الحرب على اليمن هو موقف مستهجن ومستغرب ومدان للاسباب التالية:
اولاً: لأنه يخلو من الوفاء لشعب عظيم هو الشعب اليمني الشقيق الذي قدم الغالي والنفيس من اجل القضية الفلسطينية ولا زال على اهبة الإستعداد للمساهمة في كل معارك الشعب الفلسطيني من اجل تحرير وطنه، وما خروجه بمسيرات مليونية حتى تحت القصف سوى احد الدلائل المهمة على تعلقه بفلسطبن واستعداده للموت من اجلها .
ثانياً: لأن عدم الإدانة الصريحه والواضحة من قبل “حماس” للعدوان السعودي الإماراتي- على الشعب اليمني يفقدها المبرر الاخلاقي والإنساني للمطالبة بإدانة الإعتداءات التي شنتها وتشنها وستشنها إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين العزل.
ثالثاً: لأن اليمنيين وفي طليعتهم حركة انصار الله يحترمون حركة “حماس” ويقدرون دورها البارز في المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني من اجل تحرره الوطني فيما تصنفها الإمارات والسعودية على انها منظمة إرهابية وترفض الاخيرة إطلاق سراح العديد من كوادرها وقادتها المعتقلين في سجونها ومن صمنهم الممثل السابق للحركة في الرياض القابعين في سجونها بدون محاكمة.
ويكفي أن نذكر صناع القرار في حركة “حماس” وتحديداً رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بان حركة انصار الله اليمنية هي التي طرحت على السعودية قبل عدة اشهر مبادرة لإطلاق سراح طيارين وجنود سعوديين مقابل إطلاق سراح معتقلي حركة حماس في السجون السعودية وبالتالي فإن تاييدها وتأييد الشعب اليمني واجب اخلاقي وديني وانساني على “حماس” اولاً.
وأي موقف آخر تحت مسمى الحياد او النأي بالنفس عن الصراعات العربية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية هو إعادة إنتاج لمواقف منظمة التحرير الفلسطينية التي اوصلتنا إلى اوسلو.