كتاب عربموضوعات رئيسية
ماذا في الحسابات الامريكية وراء ما تسميه عمليات خاصة وادعاءات قتل زعامات إرهابية؟/ حسناء نصر الحسين
تحاول واشنطن ومنذ ان انكشفت امام الرأي العام الدولي بأنها من اوجدت الإرهاب العابر للحدود واستثمرت به لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية ، ان تقوم بعمليات تحاول من خلالها العمل على استهداف الذهنية الشعبية الجماهرية لإلغاء هذه الصفة عن نفسها والعودة بالذاكرة الشعبية لتاريخ ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١ م الذي عمدت من خلاله واشنطن على تقدمة نفسها بصورة الضحية وليس القاتل ، وهذا السيناريو الذي اصبح غير صالح للاستثمار تحاول تكراره بعملية قتل زعيم تنظيم داعش المعروف بأبو ابراهيم الهاشمي القرشي هي ليست الأولى في نوعها بهدف تغطية الفضيحة التي جرت في سجن غويران الذي امنت من خلالها هروب عدد كبير من الارهابيين ونقلت منهم إرهاب الصف الأول المقدر عددهم ب ٧٥٠ ارهابي من جنسيات عربية وأجنبية واقتادتهم بمساعدة جماعة قسد الانفصالية الى البادية السورية وعلى الحدود السورية العراقية في البوكمال لإعادة تدويرهم واستخدامهم للقيام بعمليات ضد مواقع الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والمقاومة الشعبية .
عملية الفرار هذه وما نتج عنها من تسهيل لفرار الدواعش من السجن وضعت واشنطن وحليفتها قسد في موقف ضعيف جدا لناحية الدور الكبير للتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقسد المسؤولة المباشر عن حراسة هذا السجن ورأينا كيف انقسم الإعلام الامريكي والغربي والعربي الى نصفين وتم فضح الدور الأمريكي في عملية الفرار هذه .
الرئيس الأمريكي ومعه مؤسسة البنتاغون سارعوا لتغطية هذه الفضيحة من خلال اختيار شخصية الارهابي القرشي وتم اعطاء الإيعاز لقوات المهام الخاصة لتنفيذ هذا المخطط وتنفيذ عملية الانزال الجوي في ساعات متأخرة من الليل وهذا يعني الاستماتة الامريكية لتنفيذ هذه المهمة الاعلامية بامتياز خدمة للرئيس الأمريكي وسمعة أمريكا وإلا لما كانت غامرت بحياة جنودها لو ما حاجتها الملحة للقيام بهذه العملية التي اصيب خلالها عدد من جنود المهام الخاصة الامريكية اثناء الاشتباك مع جماعة حراس الدين الذين يسيطرون على المنطقة التي تمت فيها العملية اي قرية اطمة الواقعة على الحدود السورية التركية وهذا ما أكدته وكالة سبوتنيك الروسية .
وبالنظر للخطاب المتلفز الذي القاه الرئيس الامريكي جو بايدن والذي بثه البيت الأبيض نستطيع ان نرى ان هذه المهمة ليست سوى البحث عن نصر إعلامي لخدمة الرئيس الذي ضعفت شعبيته بالداخل الأمريكي وهذا ما اكدته عدة مراكز معنية في هذا الشأن في الداخل الأمريكي ، وهي منهجية سلكها من سبقه من زعماء واشنطن في مراحل سابقة .
هذه العملية كما سابقاتها من عمليات اغتيال زعيم الدولة الاسلامية في بلاد الشام والعراق الارهابي ابو بكر البغدادي عام ٢٠١٩ م وعملية تصفية اسامة بن لادن وكل عمليات التصفية لا احد يعلم عن مصداقيتها شيء فلم يرى العالم جثث هؤلاء الارهابيين وتبقى الحقيقة حكرا على نخب الصف الأول في البيت الابيض، فعملية اخفاء الجثث امتهنتها واشنطن في عمليات التصفيات هذه وما تصريح بايدن بأن هذه العملية جاءت لحماية الأمن القومي الا كذب وخداع على الشعب الأمريكي بالدرجة الاولى فموت اسامة بن لادن لو سلمنا انه قنل فعلا في افغانستان لم تحمي افغانستان والعالم من شبح خطر الارهاب في العالم فلم يمت الارهاب في افغانستان بل انبثق منه جماعات ارهابية كثيرة منتشرة في سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرهم من دول العالم .
وهذا يؤكد ان الادارة الأمريكية تحاول التغطية على فضيحة سجن غويران المتخم بالعناصر الارهابية الدولية لاعادة الاستفادة منهم في حروبها في الداخل السوري وروسيا والصين وايران بما يخدمة مصالح واشنطن .
بايدن المهزوم امام روسيا من خلال فرض اجندة بلاده على الروس بقضية اوكرانيا والمهزوم ايضا في ملف النووي الايراني يحاول البحث عن التغطية على هزائمه في هذه الملفات من خلال فتح جبهات اخرى في سورية ذات الاهمية الاستراتيجية لروسيا ولإيران ايضا من خلال الاستمرار في اللعب بورقة الارهاب والحفاظ عليه ومن ثم اعادة تدويره للقيام بمهمات ارهابية اخرى .
لتبقى انتصارات الولايات المتحدة مقتصرة على المهام الخاصة التابعة لها تعلن من خلالها عن قتل ارهابي هنا وآخر هناك دون اي مصداقية او قيمة للحدث ان كان قد حدث، ودون أن يكون له ذلك الأثر الكبير في ضرب الاهارب العالمي، فمن عمل على تفريخ بن لادن والبغدادي والظواهري والقرشي قادر على تفريخ المئات من شاكلتهم .
وتبقى اهداف واشنطن من هذه الدعاية الحفاظ على تواجدها كقوات محتلة في سورية والاستمرار في نهب النفط والثروات السورية الاخرى .
بجانب إبعاد القوات السورية المتواجدة في البادية السورية والتي تشكل خطرا على مشروعها المعتمد على الارهاب عبر استهداف نقاطه عبر هذه المجاميع الارهابية لاجباره على اخلائها .
ولا نستعبد ايضا هنا شل حركة القوات الرديفة والمقاومة الشعبية عبر نشر هذه المجاميع التي سهلت هروبهم ونقلتهم الى منطقة البوكمال الحدودية وفي هذا هدف امريكي اسرائيلي بقطع الشريان الواصل بين طهران وبغداد ودمشق عبر استهداف هذا المعبر من الجماعات التكفيرية .
كذا محاولة احداث خرق في توزع مناطق النفوذ على الجغرافية السورية التي ارستها سنوات النصر السوري المدعوم بحلفائه بما يخدم فرض اجندتها في عملية الحل السياسي بناء على ما قد يحصل من مستجدات .
لتكون عملية التصفية للقرشي خدمة للإرهابي ابو محمد الجولاني الذي حاولت واشنطن ووسائل اعلامها تنظيفه وتلميعه وازالة صفة الارهاب عنه لتحجز لهذا القصيل المتوحش مقعدا في اي عملية سياسية قادمة .
هذه هي الحسابات الأمريكية وهذه هي قراءتنا .
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
عن رأي اليوم