قراءة الوضع في الضفة الغربية لا تحتاج الى تمعن كبير وتفكير بعيد المدى لكل ما يقال الامور واضحة.
هنالك المواجهة تتم في كل انحاء الضفة الغربية بتصاعد كمي ونوعي في كل مكان من بيتا الى الخليل الى النقب الى بني براك في غزة التعبئة كاملة وكافة الفصائل الفلسطينية اعلنت مواقف كنت ارجو ان لا تكون بهذا التوتر بل تمنيتها تصريحات ومواقف هادئة مصممة حازمة ولكن مستندة الى استعداد حقيقي وترتيب حقيقي ميداني في غرفة العمليات (فقد اكون مخطئا اذ قد تكون هذه التصريحات النارية قد ترافقت مع عمل دؤوب وجدي في غرف العمليات تحضيرا لمواجهة واسعة مع الاحتلال) يمكننا القول ان هناك حالة من الارتباك والقلق ونوع من الفوضى التي تسود صفوف القيادات الاسرائيلية السياسية والعسكرية بعد التصعيد الذي ادعى الجميع انه متابع له .
رغم ان اي خبير في مؤسسات الدراسات الصهيونية يستطيع القول ان الممارسات والخطوات التي اتخذتها حكومة بينت ستعني بالضرورة ردود فعل تصاعدية لرد الهجمات التي امليت باوامر على المستوطنين المسلحين لزيادة اغتصاب قطع الاراضي خاصة في شمال وجنوب الضفة والقدس وكذلك تهجير العائلات والاعتداء اليومي المستمر على الفلسطينيين من قبل زعران يسمونهم مستوطنين وهم في الحقيقة جنود يرتدون ملابس مدنية ويحملون سلاحا عسكريا هذا الارتباك رغم كل شيء حصل ولكن تبعات هذا الارتباك هي التي تجعل من وضع الحكومة الاسرائيلية وضعا مأزقيا فالآراء في القيادة السياسية والعسكرية منقسمة وليست موحدة حول كيفية مواجهة هذه العمليات التصعيدية التي يقوم بها رجال المقاومة الاستخبارات الاسرائيلية دافعت عن نفسها دفاعا كبيرا بقولها ان معظم هؤلاء الذين نفذوا العمليات ما كان بهم ليقوموا بذلك من خلال اوامر صدرت لهم من تنظيمات بل كانت عمليات فردية قام بها هؤلاء جعلت من الصعب على الاستخبارات والتنسيق الامني ان يكشف نيات هؤلاء وان يوقفهم قبل القيام بعملياتهم لقد كانت حسب قول الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية لقد كانت عمليتي النقب وبني براك عمليتين قام بهما شخصان لا علاقة لهما بتعليمات صدرت من قيادات المنظمات لكن قول الاستخبارات هذا والرأي الآخر الذي يقول ان المخابرات فشلت في معرفة مسبقة فيما يريدون هؤلاء القيام به هذا جعل من الخطوات التي اتخذتها قوى الامن والشرطة والجيش والقوات الخاصة والاستخبارات خطوات تصعيدية حاولت من خلالها هذه الاجهزة ان تعيد لنفسها بعض الهيبة بعد ان فقدتها وافقدت الاسرائيليين ثقتهم باجهزة اسرائيل الامنية فقد صرح غانتس ان من المستحيل على اسرائيل ان تحتوي تلك الموجة من عمليات الطعن من المستحيل ان تكشف اسرائيل كل من ينوي ان يطعن واعترف غانتس بذلك بصعوبة هذا النمط من العمليات التي يقوم بها افراد فلسطينيون ومن ناحية اخرى حاولت اجهزة الامن والقوات الخاصة بقيادة كوخافي نفسه ان تعيد الهيبة من خلال ذلك الكمين الجبان الذي نصب لثلاثة من الابطال ينتمون للجهاد الاسلامي لكنه رغم ذلك ورغم انه كان كمينا محكما وكان عدد الاسرائيليين اكبر بكثير (قرابة مئة عنصر من القوات الخاصة ) رغم ذلك دارت معركة ما زالت اسرائيل تخفي تفاصيلها وهي تسرب تدريجيا ويوميا معلومات جديدة عنها وقد وصل عدد الاصابات بين افراد القوات الخاصة حسب اعتراف اسرائيلي 11 عنصرا بينهم ضايط عالي الرتبة قيل انه مقدم في القوات الخاصة وقائد القوات الخاصة حسب بعض المصادر الاخرى لكن ما تاكد هو ما نشرته بعض الصحف الاسرائيلية من ان تلك السيارة التي كان يركبها الابطال الثلاثة لم تحاصر من قبل سيارات القوات الخاصة بل اصطدمت بها ثلاث سيارات عسكرية مجهزة لهذا الغرض حتى توقفها وشهد احد الجرحى بان هذا ثبت دفع الرجال الثلاثة للبدء باطلاق النار فورا لانهم اكتشفوا ان هذا الاصطدام لم يكن حادث سير بل كان كمينا لهم ومن مصدر آخر ان الثلاثة اطلقوا جميع الطلقات الموجودة في رشاشاتهم وهذا يعني انهم اطلقوا على الاقل على الاقل مئة وعشرين رصاصة هذا اذا لم يستخدموا مخازن اخرى لذخيرة رشاشاتهم ومئة رصاصة عن قرب تطلق على قوات عددها مئة لا شك انها اصابت عددا كبيرا في البداية قالت اسرائيل ان هنالك جريحين ثم زادت الى ثلاثة ثم وصل الى خمسة ولكن اعترفت الآن من خلال مصادر امنية بان عدد الذين اصيبوا 11 ولم تقل كم جريح منهم في حالة الخطر باستثناء الضابط الذي يتوقع ان يكون قد فارق الحياة الآن .
اليوم خاضت قوات الاحتلال معركة كبيرة عند باب العامود بينها وبين شبان فلسطينيين كانوا متوجهين للاقصى من باب العامود وسقط منهم قرابة عشرين جريحا نقلوا الى المستشفيات وتم اعتقال قرابة سبعة عشر شابا من شباب القدس وهذا بحد ذاته بين الجرحى والمعتقلين يشكل اكبر معركة خيضت في القدس خلال الاشهر الماضية ومع بداية شهر رمضان الكريم لا شك ان اسرائيل تعرف ما صرحت به قيادات المقاومة وتعرف ماذا يعني شهر رمضان والصلاة في الاقصى وتعرف معنى اعتراض هؤلاء الشباب وعرقلة مسيرتهم نحو الصلاة في الاقصى وتعلم اسرائيل معنى ان يصاب عشرين فلسطينيا بجراح وان تعتقل قرابة العشرين من شباب القدس في معركة باب العامود انه عمل مقصود للجر نحو ما يريده بيت والقادة الاسرائيليين لاعادة الثقة للجمهور الاسرائيلي وللمستوطنين بشكل خاص باعادة الثقة بالجيش والامن والمخابرات الاسرائيلية التي فقدت الثقة من قبل المواطن الاسرائيلي نتيجة هزائمها على يد مناضلين فلسطينيين ضحوا بحياتهم من اجل الاستمرار ليس بالصمود فقط بل بالهجوم الدفاعي في معاقل قوات الاحتلال في مناطق النقب وتل ابيب .
نحن اذن لسنا بصدد الحديث عن حالة نظرية بل نحن نتحدث عن امر واقع هنالك معركة يخطط لها العدو ويستهدف منها كسر شوكة الشعب الفلسطيني الذي ارتفعت معنوياته وشد احزمة الامان على وسطه وبدأ يتهض وينفض تراب خمسة عشر سنة من تحكم المقاطعة والتنسيق الامني بامور الفلسطينيين نفض التراب وبدأ بالمقاومة وتهيأ مخيم جنين للعودة الى جنينجراد عندما تصدى للهجمة الصهيونية عام 2004 وسقط منه خمسين شهيدا ولكنه انزل في صفوف العدو ثلاثين قتيلا من قوات الاحتلال المدججة بالسلاح نتحدث عن امر واقع اسرائيل تحتاج الى هذه المعركة .
ان هذه الحكومة تحتاج للعملية العسكرية اكثر مما تحتاجه اسرائيل بشكل عام واسرائيل تحتاج لهذه العملية من اجل طمأنة الاسرائيليين والمستوطنين بان أجل اسرائيل لم يقترب بعد لكن علينا نحن هنا الدور الاكبر عندما يتحدث كوخافي عن ضرورة شن عملية عسكرية واسعة هذا يعني انه يريد ان يقوم بعملية استباقية ولا شك ان الخبراء الاسرائيليين يعلمون ان مثل هذه العملية قد تجر الى اشتباك مع حزب الله او الى اشتباك مع غزة وانها تهيء لذلك .
وهذا يعني ان المعركة التي يتحدث عنها كوخافي العملية العسكرية لن تكون محدودة جغرافيا بالضفة الغربية او بقطاع غزة بل هي خطة موضوعة من اجل ان تتوسع حتى تجذب اسرائيل الانتباه مرة اخرى الى دورها الاقليمي من ناحية وان تستعيد ثقة المواطن الاسرائيلي بجيش اسرائيل الذي لا يهزم .
حتى نختصر القول لا بد لغرفة عمليات محور المقاومة ان تثبت مرة اخرى كما اثبت المقاتلون اللبنانيون والمقاتلون اليمنيون والمقاتلون الفلسطينيون ان اسرائيل لا تملك الجيش الذي لا يقهر بل ان جيش اسرائيل قابل للانهيار .