الصالونات السياسية ومكنسة مالك بن نبي/ بسام الياسين
3 أغسطس 2022، 02:32 صباحًا
تسهيل معاملات المواطن، تأمين ضرورياته، توفير لقمة عيشه، تحقيق امنه وامانه، الحفاظ على كرامته، أُولى اولويات حقوق المواطن على دولته في الدوار الرابع الامر مختلف المواطنة بعُرفهم وتعريفهم مرادفة للجباية هي مدى قدرة المواطن على دفع الضرائب، ودرجة احتماله على الحلب، رغم ضعف القوة الشرائية للدينار، تآكل الاجور والرواتب، جنون الاسعار، البطالة المقنعة والكاملة في ظل هذه الظروف الكابوسية، عجيبة عجائبية اذهلت اهل السماء والارض ، تمثلت بصمود الاردني وصمته ثم حفاظه على تماسكه، رغم المناخ النفسي، الاجتماعي، الاقتصادي الضاغط على أنفاسه ما يعني ان اشراط الساعة قريبة، تلوح بالافق ان لم يجرِ تنفيسها قبل وقوع الكارثة.
“سيزيف الفرد، يمثل ذروة الشقاء الانساني، في الميثالوجيا الاغريقية، صورته تبدو باهتة بالمقارنة مع سيزيف الأردني اما سيدنا ايوب عليه السلام، لو التقى العبد الصالح ” مواطننا “، بعد ان ضجت الملائكة من صبره سيطير صوابه، وسيهمس باذنه عجباً منه لا اعجاباً به:ـ من اية طينة جُبلت، ما سر جَلَدَك وتَجَلُدكَ لا شك انك تحمل جينات اسلافك، اهل الكهف/ سكان الرقيم جنوب شرق عمان اولئك الذين وصفهم الله :ـ ” وتحسبهم ايقاظاً وهم رقود “.فانت تشحن هاتفك في اليوم، اكثر من مرة، ولا تشحن طاقتك الاعتراضية في العمر مرة.
الاعجب الاغرب، كبار المتقاعدين وعتاولة النخبويين الجالسين على دكة الاحتياط عيونهم شاخصة على الوظيفة شعارهم :ـ انا والا فلا ـ حتى لو احترقت روما هؤلاء زبائن دائمون في الصالونات السياسية، بضاعتهم ثرثرة وعملاتهم ملاغاة همهم إسقاط الوزارات بالغيبة وتغيير الواقع بالنميمة خيول هرمة، تساقطت اسنانها، وذابت حوافرها الدراسات المستقبلبة تقول:ـ المجتمعات الحديثة تحتاج للانسان العارف الى جانب المنتج ولا مكان للجعجعة فالعارف، المبدع، المبتكر، المفكر لا “الكلمنجي”، هو الذي يقود المجتمع، بينما الثرثار عاجز عن التجديد والمواجهة، همه الوجاهة والمنفعة فالمجتمعات الحية اسقطت من قاموسها السياسي، صالونات السياسة، لانها عاطلة معطلة، و اراضٍ جرداء، لا تنبت فيها سوى اعشاب سامة، وشجرها عاقر لا يثمر فكرة خلاقة مُنتجة.
الشخصية الوطنية الخالصة المخلصة، تتميز بسرعة التكيف مع المستجدات المتسارعة، التحرر من شهوة المنصب، وسلطة الدوران في فلك الدولة ثم الانقلاب عليها بعد المغادرة شخصيات غير صالحة لم تكن قدوة بل جُلهم كان مثار شبهة. معزولون منعزلون عن الناس، لا ينخرطوا في القضايا المحلية، ويفتقرون للخيال العلمي والتخطيط المستقبلي واحدهم، كذكر النحل، لا يملك آلة لسع للدفاع عن نفسه، ولا يصلح لجمع الرحيق .وظيفته التلقيح بعدها ينتهي امره لذلك تجده حريصاً على تسمين رصيده، و بناء قصره في العاصمة، تالياً قطع خطوط تواصله مع عشيرته .
الكافة كافة بلا استثناء، تبحث عن رجل تنويري، عقل ناقد لا ينق كضفدع جائع، ولا ينعق كغراب البين على الخرائب. جريء يرمي صخرةً في البركة الراكدة لتحريكها، لبعث الحياة في الشارع فشارعنا كفر ـ بالاسماء المعروضة على بسطة النخبة المرفوضة ـ لقناعته بافلاسها ابتداءً حيث جاءت كلها بطرق ملتوية فكيف تكون مشاعر المواطن، والشمس تشوي جلده على الرصيف، بانتظار حافلة ركوب، فيرى نخبوياً / اصلاحياً يمر امامه، بسيارة يتجاوز ثمنها خمسين الف دينار ـ ـ وهو يقبض بكلتا يديه على ما معه من فراطة، خوفاً ان تتسرب من يديه لدفع الاجرة.
بصراحة مطلقة، الاغلبية الغالبة، تحلم بنخبة على شاكلة المفكر الجزائري، مالك بن نبي الذي قال ذات استعمار:ـ فتحت عيوني، وامي تكنس البيت بمكنسة صغيرة قصيرة حتى احدودب ظهرها، ثم جاء الفرنسيون بمكنسة ذات عصا طويلة، فارتاحت واصبحت تكنس وهي مستقيمة فهل من مبدع، يأتي لنا بعصىً طويلة او عكازة، نتكيء عليها لتستقيم ظهورنا ؟!