الطورانية الاردوغانية والزلزال / د.عادل رضا
في تاريخ السادس من فبراير للعام 2023 جاء الزلزال القاتل في الجمهورية التركية ليكشف حالة قديمة موجودة منذ أيام الدولة العثمانية والتي تجزأت الى أكثر من 22 دولة ومنها الجمهورية التركية الحالية!؟ نقول ان هذا الزلزال المدمر لم يستشهد به أكثر من خمسين ألف انسان مع عشرات الألوف من الجرحى والمصابين فقط، وأيضا هذا الزلزال لم يمسح قرى وبلدات تاريخيا كانت موجودة وحية منذ ما قبل الميلاد بالألف السنين وكذلك هذا الزلزال يشق الأرض ويقلبها ويخلقا ودية جديدة ومسارات ضخمة مستحدثة.
نحن نقول ان هذا الزلزال المدمر قد حطم قشرة حقيقة ما كان موجود منذ ما قبل سقوط الدولة العثمانية وتقسيمها من الاستعباد الفرنسي والاستعباد البريطاني بالاتفاق والتوافق مع الإمبراطورية القيصرية الروسية الى أكثر من 22 دولة وهذا ما ذكرناه سابقا.اننا نقول: ان هذا الزلزال قد كسر قشرة ما كان مخفيا وما كان يحدث منذ أكثر من مائة سنة من كراهية طورانية تركية عنصرية ضد مواطنين يعيشون في نقس الدولة العثمانية التي تضم ارض اناضوليا المليئة في التنوعات العرقية والدينية والطوائف المتنوعة كما هو الحال في مجمل هذا الشرق القديم.”يُشار هنا إلى أنَّ الطورانية نفسها مزعومة إلى حدّ كبير، سواء في عناوينها أم في جذورها، فأبطالها السياسيون منذ نهاية القرن التاسع عشر، مروراً بالثُلاثي “طلعت” و”أنور” و”جمال باشا”، وانتهاء بـ “أتاتورك”، ليسوا أتراكاً، بل تعود أصولهم جميعاً إلى منابِت شتَّى، تؤكِّد أنَّ الطورانية من جذورها إلى أردوغان هي صناعة قوَّة إقليمية، فهم من أصولٍ يهوديةٍ أو كرديةٍ أو غجريةٍ أو مجريةٍ أو ألبانية.
أما الجذور التاريخية لمُجْمَلِ العنصر التركي (السلجوقي ثم العُثماني)، فهي لا تقلّ تزويراً عن تزوير التاريخ اليهودي، فالأتراك في أصولهم قبائل بدوية رَعوية لم تعرف تركيا أبداً قبل القرن الثاني عشر، ويشبهون اليهود في ظروف استيطانهم الكولونيالي بتوظيفٍ من قوَّةٍ خارجيةٍ استدعتهم لأغراضٍ عسكريةٍ. فإذا كانت الدولة العباسية قد استدعت الموجة التركية البدوية المُقاتِلة الأولى، وهي الموجة السلجوقية، لمواجهة البويهيين الشيعة، فإن ملك بيزنطة الأرثوذكسي استدعى الموجة العُثمانية (عُثمان بن أرطغرل من قبيلة القايي) لمواجهة فُرسان الصليب المُقدَّس الكاثوليك بعد السقوط الأول لبيزنطة (القسطنطينية) على يد هؤلاء الفُرسان، وتحريرها على يد المسلمين وإعادة الأرثوذكس.”
ان العقلية التركية الطورانية العنصرية الكارهة للأرمن واليونانيين والعلويين والعرب والاكراد والتي حكمت وأدت بالدولة العثمانية الى الزوال والنهاية والتفكيك، ان هذه العقلية لا زالت موجودة ومستمرة في الوجود والتواجد والاستمرارية مع الحالة الاردوغانية للأسلام ” الأمريكي” التابع لحلف الناتو وهو نفس الإسلام “الأمريكي” للأخوان المسلمين الذي كان أيضا ضد الحالة النهضوية العربية المضادة للاستعباد الغربي.وهذه العقلية أساسا مضادة للحالة الإسلامية الجامعة للقوميات و الأديان و التي قدمت حالة حضارية رائعة في التعايش منذ بداية حركة الإسلام المقدس الرسالة الجامعة و الخاتمة لكل الرسالات السماوية حيث انتجت هذه الحالة الإسلامية تجميع و حالة من التعايش الرائع بين كل القوميات ضمن دول و امبراطوريات إسلامية لديها سلبياتها و عيوبها و ايجابياتها و تفاصيلها الكثيرة و لكل بالخط العام هذه الحالة الإسلامية قد صنعت و خلقت نموذج جامع و شامل يحترم كل من يعيش على ارض الإسلام على العكس مما تريده و تسعى اليه الحالة الطورانية التركية العنصرية. وهذه العقلية أساسا ملتبسة غربيا ومتشابكة أوروبيا حيث انطلقت ك “فكرة” وك “كيان” وأيضا ك “ممارسة” لتزيد الأمور تعقيدا في الواقع الاناضولي إذا صح التعبير حيث التداخل والتشابك والتفاعل مع خليط هجرات متتالية ومتتابعة وتاريخ امبراطوريات قامت وزالت منذ ما قبل ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام الى يومنا هذا، يقول الباحث حسين داي في بحثه المعنون تناقض نظريات الأمة والمحتوى الحقيقي للمفهوم التركي التالي: ” أن المفكرين الغربيين لم يتمكنوا من توضيح مفهوم الأمة في حضارتهم العلمانية منذ القرن السابع عشر لأنه لا يتناسب مع هيكل أي بلد تقريبًا.
يُرى أن مفهوم الأمة قد تم جره إلى نفس الفوضى في العالم الإسلامي التي انتقلت إلى الحضارة الغربية. هذا الحال خاصةً بالنسبة لتركيا أصبحت أكثر تعقيدا. سبب هذه الحالة الخاصة هو أن الأتراك لديهم مجموعة واسعة من التغييرات والإضافات في مجال الوجود التاريخي، سواء من حيث المساحة (الوطن)، والجوار الاجتماعي ونمط الحياة (من الرحل إلى المقيم، من تربية الحيوانات إلى الزراعة والتجارة) وأيضاً من ناحية الإيمان، هناك العديد من التغييرات والإضافات التي لا يمكن مقارنتها بالمجتمعات الأخرى. ما حدث هو الهجرة التي تؤثر على جميع الجوانب المادية والروحية للحياة الاجتماعية. ويمكن القول أنه، على عكس حقيقة إنشاء دول أخرى، تشكلت الأمة التركية في الحال التنقّل لذلك، لم يتم توضيح مفهوم التركية، الذي تم إعداده وفقًا لمعايير الحداثة الغربية. كل من أنظمة الفكر الإيديولوجية “القومية”، التي لا تزال تعرف باسم “التركية-الطورانية، أتاتوركي-الكمالية، الأناضولي”، لديها فهم تركي مختلف.””المفهوم “التركية” الأكثر انتشارًا في تركيا، عرفها المفكرون الذين هم في الإطار التركية. هذا الفهم، بغض النظر عما إذا كان مذكورًا أم لا فهو الطورانية. ولأنها قدمت في مؤسسات التعليمية أولئك الذين ليسوا في الخط “القومية” تعلموا مفهوم التركية في هذا الإطار. تحت عنوان “من الحضارة الإسلامية والقومية إلى الحضارة الغربية والقومية”، يستند هذا الرأي بشكل رئيسي على مفاهيم “الأمة والتركية” المنتجة في الحداثة الغربية، تم عرضه مباشرة من قبل المنظرين الأتراك الأوائل. في اكتساب هذا المفهوم صفة رسمية في تركيا ووصولها الى أيدولوجية ترتبط فيها بعض الدوائر بكل حماس”والأخطر في اتباع الطورانية ومنظريهم ما يقوله أحدهم والذي نراه يتحرك على خط التطبيق تاريخيا مع الأرمن والعرب واليونانيين والعلويين الى يومنا هذا ؟!، يقول نجدت سانجار أن العرق لا غنى عنه في التعريف التركي!؟ ويقول اتباع الطورانية العنصرية أيضا:”الأمة التركية لا تتشكل بخلط الأجناس المختلفة. كما هو الحال في بعض الدول اليوم، الأمة التركية هي من سلالة واحدة. وهذا النسب هو النسب التركي… القومية التركية فكرة عظيمة واضحة الأفكار والحدود كمثل وطني للنسب التركي العظيم. الطورانية والقومية التركية هما مبدأين أساسيان لهذه الفكرة العظيمة.” كما دافع رهاء أغوز توركان عن التفوق العرقي واستخدم شعار “العرق التركي فوق كل عرق”، وهناك من الاقوال المتداولة بين الطورانيين العنصريين الاتراك ان أي شخص يستطيع ان يعيش في تركيا ما دام يفكر ويتحدث ويتصرف ك “تركي!”؟ ومن هذا كله نفهم العقلية العنصرية الطورانية التي الغت الاذان باللغة العربية وغيرها من “التتريك العنصري الممارس”، لذلك أيضا يتم السماح بأي كردي او عربي او ارمني او علوي بممارسة السياسة فقط عندما يكون متعصبا قوميا لهذه العقلية الطورانية العنصرية، ك “ملكيين أكثر من الملك” وغير ذلك لا يتم قبولهم ضمن المنظومة الحاكمة او السماح لهم في لعب لعبة السياسة إذا صح التعبير، ولذلك علينا ان نلاحظ ان هناك قوزاق وألبان وارمن واكراد قوميين عنصريين طورانيين أكثر من الاتراك الحقيقيين أنفسهم ؟!. وهناك من يقول ان كمال أناورك نفسه ليس تركيا اصيلا ك “عرق” وانتماء، بل هو الباني القومية، وهذا ما يدخل المنظرين للطورانية العنصرية التركية بمأزق لذلك يتجاهلون هذه الحقيقة.اذن خدم الاستعباد الغربي لا زالوا في الصورة وتحت الضوء وفي خط الممارسة والتطبيق على ارض الواقع ك ” عقلية” وك “ذهنية” وك “قناعة” وك “ممارسة على ارض الواقع.ان الحالة الإسلامية الأميركية للطورانية التركية العنصرية الاردوغانية إذا صح التعبير، ليست فقط تتحالف مع الصهاينة عسكريا وامنيا وتجاريا وتنسق مع الصهاينة امنيا ومخابراتيا وهي أساسا لسواد وجهها هم اول من اعترف بهذا الكيان العنصري السرطاني الذي أقامه كل ما هو شر في العالم على ارض دولة فلسطين العربية المحتلة.يقول الكاتب زاكروس عثمان معلومات قيمة وتحليل مهم حول حقيقة المنظومة الحاكمة في تركيا التالي:”أمام عجز الثقافة العربية فان العقل الجمعي العربي يظل يدور في حلقة التوكل على الغيب، والهرولة وراء الآخرين، بانتظار أيوبيا!! آخر ينقذهم من شمولية التردي والانهيار, وهذا يفسر سرعة استجابة الإنسان العربي, للظواهر السمعية المثيرة للغرائز القومية والدينية الأكثر بدائية, ولهذا فان التبعية تبقى صفة أصيلة ملازمة للعقلية العربية, حيث نجد عربا لأمريكا وعربا لروسيا, وعربا لإيران,واليوم صار هناك عربا لتركيا أيضا, حيث تحولت ظاهرة الإعجاب بتركيا في العالم العربي, من هيام العوام بالدراما التركية, إلى موقف سياسي تتبناه الأوساط العربية الثقافية والإعلامية, فإذا بهم يتعلقون بتركيا كقشة عابرة تنقذهم من الطوفان العولمي,وهم يتهافتون على تجربتها, لاعتقادهم بان تركيا صادقة في رفع شعارات الإسلام, أو جادة في خدمة المصالح العربية, فالشخصية العربية المأخوذة بالفروسية الجوفاء والزخرفة البلاغية, لا تمتلك القدرة على ابتكار نموذجها الذاتي الحداثوي,لتواجه به تحديات الواقع, كما تفعل الأمم الحية, التي تؤسس تجارب ثرية تمكنها من التفاعل الديناميكي مع مفرزات العولمة, ومن احتواء تسوناميات المتغيرات المتلاحقة في عالم اليوم, لذلك تربط المصير العربي بأجندة القوى الخارجية ,علها تنال بعض الفتات من هذه المائدة أو تلك .فما هي المعايير التي يعتمدها خبراء الرأي العرب, في تقـييمهم لنظام الجمهورية التركية تحت حكم حزب العدالة والتنمية, في هذا المضمار لا نجد أكثر من انطباعات واستنتاجات سطحية ضحلة بعيدة عن المنهجية, تشوبها انفعالات عاطفية متسرعة, قائمة على تحليل التجربة التركية من زاوية أحادية النظرة, ليجدوا في تركيا النموذج الأمثل الذي يجب الاقتداء به, فيطلقون توصيفات عجيبة عليها وعلى تجربة حزب العدالة في الحكم, ضاربين بعرض الحائط شعاراتهم عن الحريات العامة والديمقراطية وحقوق القوميات والثانيات والأقليات العرقية والدينية, ومناهضة الأنظمة الاستبدادية والشمولية, بذلك هم يسيئون إلى مكانتهم الفكرية والسياسية والأدبية كشخصيات عامة, لها حضورها في الأوساط الإقليمية والعالمية, إذ كثيرا ما يتلقى المتنورون من أبناء شعوب المنطقة, هذه الآراء المسطحة بكثير من الاستغراب والاستهجان, فما الذي أطاح بأبراج وعي بعضا من هؤلاء, وبعثر ازياج بصيرتهم ليشطح سمت تلسكوب خيالهم بعيدا عن الواقع بضعة سنوات ضوئية, إلى كوكب خارج مجرة الإدراك, ليكتشفوا عليه- وتؤبيا- تركية, غير التي نحفظ تضاريس سياساتها عن ظهر قلب.ما بهم-قبل العد إلى الـ 10-يتسابقون إلى إبداء إعجابهم بتركيا وحزب العدالة لحد التماهي، هل هو خلل معرفي أم فقر بالمعلومات، أم تحول فكري أصاب قناعاتهم، أم هو تأثر أعمى بالـ propaganda الغربية، فالغرب بعدما فقد الأمل بنشر الفكر الليبرالي-العلماني في مجتمعات أدمنت الأنظمة الدكتاتورية والفكر السلفي -الأصولي، أراد تسويق النموذج التركي على أساس انه اقل تشددا من الأنظمة الأخرى، وعلى أساس أن إيديولوجية حزب العدالة أكثر اعتدالا من الإيديولوجيات الأخرى السائدة في الشرق الأوسط.وإذا كنا نؤمن بثقافة الاختلاف ونحترم حق هؤلاء في إبداء الرأي، فإننا أيضا نحترم حق القارئ في الحصول على المعلومة كاملة، لذلك تقديرا لثقافة القارئ، رأينا أن نبين الحقائق التي لم يعرج هؤلاء عليها في غمرة هيامهم بتركيا، لنعمل بشيء من التجرد على إملاء الفراغات بين سطورهم، وإتمام جملهم الناقصة، والإشارة إلى النصف الآخر لوجه تركيا الذي غفلوا عنه سهوا أو عمدا، فالثقافة البديلة التي نشاركهم في البحث عنها، لن تكون أفضل من الثقافة السائدة، ما لم يكن أساسها قائما على الشفافية.يدعون: بأن حزب العدالة قدم نموذجا لإسلام حداثوية معتدل, وفي موضع آخر يستشهدون بمقولة الرجل الثاني في الـحزب عبد الله غول ( نحن لسنا إسلاميين وحركتنا ليست دينية نحن حزب أوروبي محافظ وحديث) فأين هو الربط المنطقي بين أفكارهم في هذه الادعاءات, فحين يستحسنون الإسلام المعتدل بديلا عن الإسلام المتشدد يصنفون حزب العدالة كحزب ديني معتدل, وحين يفضلون العلمانية على الايديولوجيا الدينية, فإنهم يرفعون الصبغة الإسلامية عن حزب العدالة, وهذا فقاعة ديماغوجية انتقائية مقيتة تشوش رأي المتلقي, في محاولة للتسويق لهذا الحزب بأي شكل كان, فلم يستقروا على رأي حوله, إن كان حزب مشرقي إسلامي, أم حزب أوروبي حديث, هذا لأنهم لا يملكون الإجابة, أو لأنهم لا يريدون التصريح بحقيقة هذا الحزب, فمن المعروف أن نظام الجمهورية التركية قائم من أساسه على الايديولوجيا الطورانية – الاتاتوركية,التي لا تسمح بقيام أي تنظيم سياسي, ما لم تتضمن وثائقه وأديباته التزاما بأطروحات هذه الإيديولوجية, وفي هذا المجال فان تركيا بهويتها الأسيوية الشرقية الإسلامية, أو بهويتها الأوروبية, حطمت الرقم القياسي بين الدول في حظر وإلغاء الأحزاب, تحت مختلف الذرائع, ولكن الدافع الحقيقي وراء المنع, كان رفض تلك الأحزاب اعتناق الايديولوجيا الطورانية, وما كان مجلس الأمن القومي صاحب القرار الأول في تركيا يسمح لحزب العدالة بالاستمرار كحركة سياسية, ولا باستلام السلطة, ما لم يقدم ضمانات أكيدة على التزامه بالاتاتوركية,بغض النظر عن فبركة سيناريوهات حول محاولات حظره, فالغاية من هذه التمثيليات المبتذلة هي حظر الأحزاب التي تمثل شعب كردستان الشمالية الخاضعة للسيطرة التركية, حتى توهم شريكها الأوروبي, بأن حظرها للأحزاب لا يقتصر على الأحزاب الكردية بل الأحزاب التركية أيضا, وانه ليس في الأمر دوافع سياسية, بل نتيجة حكم القضاء, على أساس استقلالية السلطة القضائية في تركيا, بدليل تقديم الحزب الحاكم للقضاء, ولكن عمليا كان تدبير سيناريو محاكمة حزب العدالة يهدف إلى تمرير محاكمة حزب المجتمع الديمقراطي حيث تم قبيل أشهر حظره, رغم انه تبنى الأسلوب السلمي – الديمقراطي – البرلماني طريقا لحل مسالة كردستان الشمالية, في الوقت الذي تم فيه تبرأت حزب العدالة, وهذا يدل على أن القضاء التركي ليس مستقلا ولا نزيها ولا مهنيا, وان أحكامه بحق الأحزاب الكردية تصدر على خلفية سياسية إذا كانت مصالح الغرب تفرض عليه القبول بهذه الخدع التركية المكشوفة, فإنها لا تنطلي على أصحاب الآراء الحرة, التي ترفض حجب حقيقة حزب العدالة على أنهم ليسوا بإسلاميين ولا مسلمون ولا محافظين أوروبيين حداثويين,بل حزب طوراني,انتهازي,شوفيني,يتفوق على الأحزاب الطورانية الأخرى, بنجاحه في تحديد نوعية الأفيون الذي يستسيغه الشعب التركي ليخدره به, ويحصد الأصوات في الانتخابات . وعلى ما يبدوا فان عدوى إعجابهم بحزب العدالة دفعهم إلى الإعجاب بنظام الدولة التركية ككل, ليجدوها دولة علمانية (تضم تحت مظلتها الأديان والاتجاهات السياسية كافة ولا تلغي أحدا منها, فالوطن للجميع في تركيا المعاصرة والدين فيها لله) عجيب عن أي تركيا وأي علمانية يتحدثون, بالنسبة للأديان, فان غالبية الدول تقر بحرية الأديان والعبادة, وقلما تتدخل الحكومات حتى القمعية منها في المعتقد الديني لدى مواطنيها, وليس هناك ما يميز تركيا عن غيرها من الدول في هذا المجال, مع العلم أن سجلها في معاملة الأقليات الدينية ليس مشرفا, فما زال العلويون والسيزيليون والمسيحيون, يلاقون العقبات أمام ممارسة حقوقهم الدينية والاجتماعية, وإذا كان الدستور التركي لا يشير صراحة إلى دين الدولة, فإنها تنحاز خفية إلى مذهب الأكثرية السنية, وعلى أية حال فان القضايا الجوهرية التي تواجه تركيا هي ليست المسألة الدينية, حتى نقول أنها حققت انجازا في حل هذه المشكلة, أما بخصوص الادعاء بان العلمانية التركية من الاتساع ما يكفي لتستوعب كافة الاتجاهات السياسية, فهذا تجني صارخ على الحقيقة, كما ذكرنا, أن تركيا لا تتقبل التيارات الإيديولوجية والسياسية, من ماركسية أو قومية غير القومية التركية أو دينية أو ليبرالية, ما لم تتبنى أحزابها النظرية الطورانية, والتاريخ التركي المعاصر حافل بالإلغاءات, وليس كما يدعون بان الوطن في تركيا للجميع, فالدستور في تركيا المتعددة الأعراق والأجناس والأديان, ينص على أن تركيا للعنصر التركي وحده, ويقول قادة تركيا المعاصرة !! من أتاتورك إلى أردوغان أن من يسكن أراضي الجمهورية التركية عليه القبول بالهوية العرقية التركية لغة وثقافة وانتماء، ومن يرفض فعليه الرحيل، لن تكون تركيا وطنا للجميع إلا إذا كان هذا الجميع من العرق التركي، أو يتقبل سياسة التتريك السارية المفعول منذ الحقبة العثمانية.””العلمانية التركية المزعومة, فهي إيديولوجية عنصرية تم استزراعها عنوة بقرار سلطوي فردي في بيئة حضارية متخلفة, ومخالفة لمنشئها الأوروبي, ثقافة وفكرا ودينا, فلم تكن وليدة الرغبة في دولة مدنية – ديمقراطية, ولم تكن من بنات أفكار الفلاسفة, بل اتخذها الجنرال أتاتورك, ذريعة للتملص من استحقاقات معاهدة سيڤر1920,بخصوص منح شعوب السلطنة حق تقرير المصير, تماشيا مع مبادئ ولسون الأربعة عشر, فالرجل بنزعته السوفيتية العنصرية كان من غلاة القوميين الأتراك الطورانيين, ممن يمجدون العرق التركي ويضعونه فوق بقية الأعراق, وما كان مثل هؤلاء ليقبلوا بمنح حق تقرير المصير إلى المستعمرات التي بقيت تحت الاحتلال العثماني, لان الإيديولوجية الطورانية كوجه آخر للصهيونية قائمة على التوسع والعدوان, ولهذا سارع أتاتورك إلى دفن نظام السلطنة الإسلامية, بإعلانه أن جمهوريته الجديدة لا تتحمل أية التزامات كانت مفروضة على السلطنة البائدة, فلم يجد وسيلة أفضل من العلمانية ليقطع الصلة مع الميراث العثماني, والتقرب من أوروبا حتى تعفيه من تركات الرجل المريض, وتسمح له صبغ الجمهورية التركية بالصبغة العرقية التركية, فبادر إلى إنكار وجود القوميات الأخرى في الدولة, خاصة القومية الكردية, فأغلق المدارس الكردية ومنع اللغة الكردية, واعتقل البرلمانيين الأكراد, وباشر عمليات الجين وسايد ضد أبناء الشعب الكردي, ليفرض سياسة التتريك على أهالي البلاد الأصليين من أكراد وأرمن وعرب ولاز ويونان وبلغار ناكرا عليهم حقهم في الوجود, هذه هي علمانية أتاتورك وحداثوية اردوغان,دولة عرقية,قومية,عنصرية,عدوانية,عسكريتارية,تلغي صفة الإنسانية عن أي كائن بشري ما لم يكن من العنصر التركي, علمانية ليست لفصل الدين عن الدولة ,وليست لحراسة دولة المواطنة ,بل لحراسة الدولة العرقية, فهل حاد حزب العدالة عن هذه السياسة قيد أنملة .””إن الموضوعية تقتضي كثيرا من التحفظ أثناء الحديث عن نجاح التجربة التركية، وإذا كان البعض يدعي أن حزب العدالة حكومة ديمقراطيين مسلمين بعيدة عن نوستالجيا وأحلام الشوفينية، فليقدموا لنا المعايير الصحيحة التي يقيسون بها علمانية وديمقراطية نظام الجمهورية التركية، هل هي نموذج الدولة العرقية العنصرية التي تمارس التمييز بين مواطنيها على الهوية القومية، هل هي دولة العرق الأوحد، أم هي دولة المواطنة والعدل والمساواة واحترام التنوع القومي والديني والثقافي.””هذه هي تركيا التي نعرفها النموذج المشبع بالأطماع التوسعية والنزعة العسكريتارية والايدولوجيا السوفيتية، النموذج المعاصر للدولة العنصرية الاستعمارية، التي تحتل الأراضي الكردية نصف جزيرة قبرص، ولواء الاسكندرون، وتتحين الفرص للانقضاض على ولاية الموصل، وتعتمد على تحالفاتها الاستراتيجية مع الناتو وإسرائيل، لتمارس الغطرسة على دول وشعوب المنطقة، فإذا كانت بعض دولها قد وقعت في مطب الراديكالية الإسلامية، فان تركيا غارقة في مطب الراديكالية القومية، كجسم طفيلي، يعيش على صراع المتناقضات بين الشرق والغرب”ان هذه الحالة عدوة للأسلام المحمدي الأصيل وهي أيضا عدوة لمواطنيها العرب والأرمن والاكراد والعلويون الذين يعيشون على ارض الاناضول في ظل حكم الجمهورية التركية.تقول مصادري الخاصة من داخل تركيا وأيضا من خلال شبكة علاقاتي مع الاتراك المقيمين في أوروبا ان هناك تقسيم ديني في التعامل مع الهيئات الاغاثية العاملة في قرى العلويون والاكراد الذين تم تدمير قراهم وبلدانهم وكان هناك تأخير متعمد بما يختص بالمساعدات، وأيضا كان هناك تأخير متعمد وأوامر بالجيش للتأخر بمساعدة الضحايا والمحتاجين في المناطق العلوية والكردية من الجمهورية التركية.”أصبحت AFAD وهي المنظمة التركية لطوارئ الكوارث وهي المنظمة المختصة بالتحضير لمنع والتحضير للكوارث وتقليل الاضرار في حال حدوثها وهي أيضا المسئولية عن تقليل الاضرار الناجمة لما بعد حدوث الكوارث وترتيب الاستجابات المطلوبة من الدولة ومؤسساتها بجميع المؤسسات الحكومية المعنية، ان هذه المنظمة المهمة اصبحت مزرعة أقارب الأشخاص المنتمين لحزب العدالة والتنمية الاردوغاني ومن غير حملة الاختصاص المطلوب بل ان هناك اعداد كبيرة من أئمة المساجد فيها ؟! “بعد الزلازل التي ضربت كهرمان مرعش ، لم تساعد جهود البحث والإنقاذ في المنطقة. واتضح أن أقارب المقربين من الحكومة كانوا مديري إدارة الكوارث والطوارئ التي تعرضت لانتقادات بسبب وصولها إلى حطام الطائرة متأخرًا وعدم التنسيق أثناء كارثة كما تم الكشف عن أن الأشخاص الذين ليس لديهم تدريب وخبرة، والبحث والإنقاذ في إدارة الكوارث والطوارئ، عملوا كمدير إقليمي. يوجد العديد من الأئمة بين مديري المحافظات في إدارة الكوارث والطوارئ.””ان هؤلاء متخصصين في الدين وأساسا هم ضمن تعليم ديني متوسط وليسوا أصحاب اختصاص في الإغاثة او الجيولوجيا او إدارة الكوارث وهذه كلها تخصصات علمية اكاديمية تطبيقية، وهذه أحد اهم المشاكل التي تعيشها المنظومة الحاكمة الطورانية الاردوغانية والتي تتحرك لضمان الولاء على حساب أصحاب الاختصاص والتكنوقراط أصحاب الشهادات وهذا ما تم كشفه وأدى الى مضاعفة الكارثة للزلال أكثر وأكثر على الناس الأبرياء”
وهذه الكراهية والرغبة في تصفية العلويون والاكراد ليست وليدة لحظة زمنية تاريخية قديمة أدت الى انهيار الدولة العثمانية بل هي استمرت مع الجمهورية التركية الحالية وهذا ما حدث بواسطة الجيش والأجهزة الأمنية في العام 1978 في مذبحة مرش الشهيرة، حيث تم تنسيق حالة من القتل الجماعي على الهوية الدينية ضد العلويون وهذا الحالة القديمة المتواصلة ظهرت مع تأخر المساعدات بعد الزلزال.يقول الباحث خالد بشير: ” شكّل عقد الثمانينيات بداية ظهور تململ واضح من جانب العلويين مما يجري حولهم وضدهم. وكان ما سُمّي بالبيان العلوي الذي أصدره مثقفون علمانيون في آذار (مارس) عام 1989، من كل الطوائف والمذاهب والأعراق، حدثاً مهماً ومرحلة بارزة في مسيرة علويي تركيا؛ إذ طرح هذا البيان ولأول مرة المسألة العلوية في تركيا. “”ومنذ صدور البيان العلوي، قام العلويون بمحاولات عديدة لإثارة أوضاعهم إلى العلن، وشجّع على تكثيف تحركهم الأحداث الدموية التي وقعت بحقهم في “سيواس” عام 1993، وفي ضاحية “غازي عثمان باشا” بإسطنبول عام 1995؛ حيث وقعت مجزرة سيواس عام 1993، التي قتل فيها 73 شخصاً جميعهم من الشعراء والكتاب والفنانين العلويين، في حادثة احتراق فندق مفتعلة، كانت تعقد فيه فعالية ثقافية.””ومنذ وصول حزب “العدالة والتنمية” إلى الحكم عام 2002، شرع بتنفيذ سياسات تهدف إلى استيعاب العلويين ودمجهم في سائر النسيج التركي، وهو ما قوبل بالمعارضة من الطائفة؛ حيث اعتبرت هذه السياسات مهددة لوجودها.
وتتمثل هذه السياسات في بناء المساجد السنية في المدن والقرى العلوية، وتدريس أبنائهم الدين على الطريقة السنية. أما بيوت الجمع التي يمارس فيها العلويون الطقوس وشعائرهم الدينية، فتسميها الحكومة مراكز ثقافية علوية ولا تعترف بها كدور عبادة. كما تخصص الحكومة ميزانية رسمية لفائدة المساجد تتراوح ما بين 5 و6 مليارات دولار، من دون وصول أي شيء منها للعلويين.”ان الحالة العنصرية الطورانية اذن هي حالة مستمرة تستخدم الإسلام “الأمريكي” لصناعة حالة استحمار في المحيط الحيوي العربي التي تستعى المنظومة الحاكمة داخل تركيا الى ابتلاعه والسيطرة عليه باستخدام أدوات من تنظيم الاخوان المسلمين الدولي والذي هو أيضا مرتبط مع حلف الناتو التي تركيا أيضا جزء منه وتتحرك معه امنيا واستخباراتيا وعسكريا.وهذه المنظومة الحاكمة و نهجها القاتل ضد العرب و الأرمن و الاكراد و العلويين لم يتغير نهجها من أيام الدولة العثمانية الى اليوم , و الزلزال كشف ما هو كان قائم عندما تم تكسير بيضة الخديعة عن كل هذا الاستحمار التي تمارسه هذه المنظومة الحاكمة ضد مواطنيها قبل ان تتحرك ضد المحيط العربي بالتعطيش من خلال مشروع سدود جنوب غرب الاناضول او مع احتلال شمال الجمهورية العربية السورية و دعم تنظيمات الاجرام و التكفير الوظيفية الخادمة للمنظومة الحاكمة الطورانية العنصرية , و التي أيضا تستخدم هناك ما استخدمته ضد العلويون و الاكراد و الأرمن و اليونانيين من “تتريك” متواصل في اللغة و التعامل و الاضطهاد الديني.
ان التعدد القومي و الاختلاف الديني من المفترض ان تكون حالة إيجابية لصناعة ثراء معرفي و تنوع انساني ينطلق من القواسم المشتركة لصناعة خط يخدم الجميع إنسانيا و أيضا خروج الأسئلة الثقافية ذات الهدف و البعيدة عن الجدليات الفارغة و الخادمة لخط صناعة الابداع المادي و المعنوي و خدمة الجانب الروحي للأنسان و المجتمع و الدولة هي من النواحي الإيجابية المطلوبة اما العنصرية و الإلغاء هي تتحرك في الجانب السلبي , لذلك نحن نقول بأن وجود خصوصيات قومية او دينية او طائفية ما دام تتحرك في الخط الثقافي و ضمن المساحات المشتركة ضمن الية حوارية تنطلق من المساحات المشتركة بعيدا عن نقاط الاختلاف هي امر إيجابي يقدم غنى لكل الواقع و يمثل خط للخير اذا صح التعبير بعيدا عن عنصرية القتل و الإلغاء , يقول المرحوم محمد حسين فضل الله في كتاب خطاب الإسلاميين و المستقبل بهذا المجال الاتي:”عندما نريد أن ندرس أساس الفكر القومي، فإنّنا نراه يتصادم في عمقه مع أساس الفكر الإسلامي، لأنّ الفكر الإسلامي ينطلق من قاعدة الوحي الذي أنزله الله على رسوله، باعتبار أنّه يمثل الحقيقة فيما يتحدّث به عن الكون في بدايته ونهايته وطبيعته، وفيما يتحدّث به عن الإنسان وعن حركته وأهدافه وأوضاعه، ككائن حيّ مسؤول في الكون أمام الله.وهكذا في نظرته الامتداديّة التي لا تتمحور حول منطقة أو جماعة معيّنة، أما الفكر القوميّ، فإنه ينطلق من الاستغراق في مجموعة معيّنة من الناس، بعيداً من أيّ معطيات غيبيّة أو دينيّة؛ إنه ينطلق من فكرة أنّ هناك قوماً من الناس في أرض محدّدة في عناصر معيّنة، لا بدّ أن يلتقوا ويجتمعوا ويفكروا لأنفسهم من موقع الخصوصيّة الذاتية والموضوعية التي ترفع مستواهم، بقطع النظر عن أيّ حالة أخرى وأيّ جماعة أخرى.فالفكر القومي يستغرق في داخل هذه الخصوصيات التي تمثّل محوره، بحيث تكون نظرته إلى العالم منفتحة على ما يرتبط بهذه الخصوصية، ولا يتحرك في العالم من خلال المواقع الإنسانية في ذاتياتها أو في آفاقها الواسعة. من خلال ذلك، نستطيع أن نؤكد أن الفكر القومي علماني بطبعه، بينما الفكر الإسلامي هو ديني في قاعدته.””ومن هنا، يختلف الفكر القومي عن الفكر الإسلامي من حيث طبيعة القاعدة والنظرة إلى الأمور، ومن حيث معنى الشموليّة هنا في الفكر الإسلاميّ، والمحدودية هناك في الفكر القومي. إنّ الحديث عن التناقض قد لا يكون دقيقاً بهذه المسألة. إننا نتحدث عن الاختلاف، أما التناقض، فينطلق من مضمون أن فكراً ما يمثّل الإيجاب، بينما يمثل ذلك السلب.إنّ القوميّة قد تلتقي بالفكر الإسلامي في بعض مواقعه وحركته وقضاياه وأهدافه المرحليّة ووسائله. لذلك، لا نعتقد أنّ هناك حتميّة للتّصادم بينهما، ولكن، من حيث طبيعة حركيّة الفكر الإسلامي وحركيّة الفكر القومي، من الممكن أن يكون هناك تصادم بينهما، عندما يريد الفكر القوميّ أن يؤكّد ذاته في الموقع نفسه الذي يريد الفكر الإسلاميّ أن يؤكّد ذاته.مثلاً، عندما نريد أن نقيم المنطقة العربيّة على الفكر القومي، فلا بد أن ننطلق في دراسة قضاياها من ذاتية القومية في خصائصها ومصالحها، وبعيداً من مصالح أيّ فئة أخرى، وبعيداً من أيّ التزام ثابت بأيّ شريعة معينة، بينما يكون الالتزام بالفكر الإسلامي خاضعاً للنظرة الشمولية للإنسان كلّه وللعالم كلّه وللحياة كلّها، بحيث تكون خصوصية هذا الموقع هنا مقارنة بخصوصية المواقع الأخرى، فتكون دراسة المسألة على أساس النتائج التي تخرج من خلال أولوية الخصوصيات هنا والخصوصيات هناك في الساحة العامّة، إنه تماماً كما هو الأفق العالمي والأفق لمحلي في نظرته للأشياء.””أما ما هي نظرتنا إلى القومية العربية؟القوميّة العربية عندما نخرجها من الخصوصية الإيديولوجية التي يفرضها الفكر القومي، فهي حالة إنسانية تمثّل أمّة من الناس، يُطلق عليهم اسم العرب، يلتقون في اللغة والأرض وبعض الخصائص الاجتماعية والتاريخية التي تجعل منهم مجموعة من البشر ذات خصائص مشتركة، مع وجود تمايز في تفاصيل هذه الخصائص بين موقع في الأمّة وموقع آخر، وبذلك ستكون القوميّة العربيّة هي خصوصيّة إنسانيّة تلتقي مع خصوصيات إنسانية أخرى، كالقومية الفارسية والتركية أو أيّ قومية أخرى، وهي لا تتنافى مع الإسلام، بل تمثل أحد الأطر الذي يتحرك فيها لتنفتح على نظامه ونهجه وتفكيره.كما أنّ للقومية العربية خصوصية تختلف عن القوميات الأخرى، باعتبار أنّ الإسلام ولد في أرضها، وتحرّك كتابه المقدّس بلغتها، وانطلق المجاهدون من الصحابة الأول من موقع خصوصياتهم العربية التي انفتحت على الواقع الإسلامي، وبذلك استطاع العرب في خصوصياتهم الفكرية والعملية أن يعطوا الإسلام الكثير، كما أعطاهم الإسلام الكثير.ولذلك، فإن شخصانية القومية العربية تتكامل مع شخصانية الإسلام، إذا صحّ التعبير، باعتبار أنّ العرب هم الطليعة الأولى للمسلمين، وهم القاعدة الأولى التي انطلق الإسلام من خلالها إلى العالم.ونتصوّر أن الإسلام استطاع أن يوسّع أفق العروبة، باعتبار أنه استطاع أن يعرّب مساحات كبيرة من الناس ومن العالم، عندما انفتحت على الإسلام، فانفتحت على لغته وعلى تاريخه وعلى رموزه وشخصيّاته وما إلى ذلك، بحيث أصبح الإنسان المسلم في كلّ بلد في العالم، يرى في التاريخ العربي تاريخه، ويرى في الشخصيات العربية شخصيّته بشكل أو بآخر، مما لا تملكه أيّ قومية أخرى، إلا بمقدار ما أعطت الإسلام من علمها وثقافتها وخصوصياتها في مرحلة ثانية أو ثالثة أو رابعة من التاريخ الإسلامي.أمّا عندما نتحدث عن القومية العربية كإيديولوجيا، تنطلق من خلال الخطوط الغربيّة في التفكير القومي، وتتحرّك بحرية في احتضان أيّ مضمون فكري جديد، فإنّ الإسلام يختلف معها من خلال ما تختزنه وتنفتح عليه وتتحرَّك معه من فكرٍ يختلف عن الفكر الإسلامي، عند ذلك، لن يختلف الإسلام مع القوميّة العربيّة، ولكنه يختلف مع الفكر القومي الذي ينفتح على فكر غربي أو غير غربي يختلف مع فكر الإسلام.””لقد ذكرنا أنّ هناك أكثر من رابط، باعتبار أنّ لغة العرب هي لغة الإسلام في كتابه المقدَّس وفي سنّته الشريفة، وكذلك تاريخ العرب هو تاريخ الإسلام، كما أنّ تاريخ الإسلام هو تاريخ العرب، وهكذا نجد أنّ حركيّة العرب في فترة طويلة من التّاريخ وحتى يومنا هذا، ترتبط سلباً أو إيجاباً بحركة الإسلام، باعتبار أنّ أغلب العرب مسلمون. ولذلك، فإننا لا نستطيع أن نفصل بين العروبة والإسلام في ماضيهما وحاضرهما ومستقبلهما كخطين يلتقيان في أكثر من موقع.”من هذا كله نقول: ان من الواضح ان مشروع الاستعباد الفرنسي البريطاني بالاتفاق مع القيصرية الروسية الموثق في الاتفاق الشهير سايس بيكو وما تخلل عنه من 22 دولة مستحدثة كنتيجة للحرب العالمية الاولي وهذه المشاريع لتلك الدول التي تم اقامتها منتوج لهذه الاتفاقية قد فشلت او انها بالطريق للفشل.ان الجمهورية التركية الحالية تواجه مشاكل في الهوية والانتماء وطريقة التعامل مع الشعوب والأديان والطوائف التي تعيش على ارض الاناضول منذ ما قبل الميلاد لليوم، وما تم صناعته او وجوده او تطوره من طورانية عنصرية لم تصنع لمواطنيها الا القتل والالغاء المتواصل، وان دولة تقتل مواطنيها او تضطهدهم او تفرض عليهم التصفية والتغيير الديني والقومي ليست دولة نموذج بطبيعة الحال لأي بشر طبيعي. ان هذا المشكل للفشل يتواصل لباقي “دول” سايس بيكو إذا صح التعبير حيث نشاهد القطر العربي اللبناني مع صيغة الاستعباد الفرنسي الصانعة لهذه المنطقة العربية الجميلة المنكوبة حاليا، ان الصيغة الفرنسية المعدلة أمريكيا مع اتفاق الطائف قد صنعت المأساة والفشل المتواصل. ان الأجانب الغرباء من فرنسيين و امريكان لا يعرفون هذه المنطقة اللبنانية العربية الاصيلة الا من منظار مصالح الاستعباد الفرنسي والاستعباد الامريكي و هو ما خلق اليوم في القطر العربي اللبناني واقع أسوأ من جهنم يتحكم فيه بالمشهد الداخلي سياسيا و اقتصاديا ومعيشيا هناك منظومة من قتلة و مجرمين و سفاحين من مليشيات الحرب الاهلية اللبنانية مع اوباش البشر و القمامات الادمية من حولهم كمنتفعين و مرتزقة و الذين صنعوا واقع مافيوي بلا نظام و لا قانون ولا رحمة و هذا الامر الحاصل في القطر العربي اللبناني المنكوب هو جرس انذار لباقي الأقطار العربية والتي ستنتهي لنفس مصير لبنان لاحقا ام اجلا , الا اذا تحركت هذه الأقطار العربية في خط الوحدة العربية الحقيقية الواقعية إداريا و تنظيما و عسكريا و امنيا وعاشت مشروع حقيقي مصلحي عربي للنهضة قبل ان يجرفها و يهدم أركانها , التغير القادم للعالم …..كل العالم من عالم لقطب واحد الى عالم متعدد الأقطاب و منها سيتم انشاء دول جديدة و مجالات حيوية متجددة ستخدم مصالح الأقطاب الروسية الصينية الانجلوساكسونية الأطلسية والتي تمارس الى الان صراع الأقطاب لحد الوصول الى إعادة صناعة اتفاق مالطا جديد كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية , و هذا التقسيم ان حدث فهو لن يخدم مصالحنا ك “عرب” بل مصالح تلك الأقطاب و ما يخدم بلدانهم و قومياتهم اذا صح التعبير, لذلك على الشعب العربي و الأنظمة الرسمية ان تعيس لحظة المسئولية و واقع الهم الرسالي صاحب المشروع , لكي لا يجرفنا التيار بعد ان لا ينفع الندم , و ما حدث في زلزال تركيا المنكوبة ليكن هزة للعقل العربي و الضمير لكي نعود للتحرك في خط صناعة السعادة للفرد و النهضة للمجتمع كما كنا , اما الواقع العنصري الاتاتوركي الطوراني السائر في خط خدمة الصهاينة و الحلف الطاغوتي الربوي العالمي فماذا سيكون مصيره لاحقا , فأن هذا أيضا سيكون ضمن ماذا سيترتب على صراع الأقطاب الدوليين ؟ وهذا هو جواب المستقبل القريب؟
د.عادل رضا طبيب باطنية وغدد صماء وسكريكاتب كويتي في الشؤون العربية والاسلامية