طنطورة …على الذاكرة الانسانية أن تسجل هذا الاسم و تستعد لحساب قد يتاخر ولكنه سياتي حتما و لو بعد اجيال ..فجريمة طنطورة كسابقاتها تابى النسيان ولا يمكن أن تسقط بالتقادم ..وسيكون من المهم و قبل الوقوف على ابعادا هذه الجريمة و الوقوف على بعض ما كشف من تفاصيلها أن نتسائل و السؤال مشروع لماذا لا تبادر مختلف المنابر و القنوات العربية و الاسلامية و هي كثيرة الى بث الشريط الوثائقي لجريمة طنطورة و ترجمته الى كل اللغات بما في ذلك العبرية و بثه دون انقطاع ليصل الى اكبر عدد ممكن من الشعوب و يكشف للرأي العام الدولي و الرأي العام الاسرائيلي ما تم تغييبه من حقائق و من جرائم منذ النكبة ,,, ولعل ما كشف حتى الان في طنطورة من مقابر جماعية ليس سوى نقطة من بحر وليست سوى حلقة أولى من جرائم ضد الانسانية ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي و عصابات هاغانا و شترن في حق الفلسطينين قبل خمس و سبعين عاما .
طنطورة , لو حاولنا البحث عن معنى طنطورة لغة سنجد أنها كلمة عربية وأصلها طنطر والتي تعني التجذر أو الجذرو ربما تعكس في مفهمومها تجذر الفلسطينيين في هذه القرية الواقعة في قضاء القدس رغم محاولات الاجتثاث و الاقتلاع التي تعرضوا لها و ياتي الكشف عن مجزرة طنطورة ليكشف أهمية و ضرورة استحضارها في الذاكرة الانسانية المعنية للشعب الفلسطيني و لغيره من الشعوب التي لا تقبل بتقسيم و تجزئة القيم و الحقوق الانسانية والعدالة المغيبة على مدى عقود …
ad
الحقيقة أنها ليست هذه المرة الاولى التي يثير الحديث عن مجزرة طنطورة جدلا و سخطا في ان واحد في اسرائيل بين من يرفض كشف تفاصيل هذه الجرائم و بين من يدينها و يعتبرها عارا على الكيان الاسرائيلي , وقد سبق لطالب في جامعة حيفا يدعى ثيودور كاتس، أن قدم أطروحة في هذا الشأن في 1989، حول المجزرة التي ارتكبها لواء ألكسندروني بحق أسرى فلسطينيين من سكان قرية الطنطورة في النكبة، و قد أثار في حينه ضجة كبرى في إسرائيل، ما دفع بمؤرخين وسياسيين وعسكريين إلى نفي وقوع المجزرة و دفع الطالب لاحقا الى الاعتذار …
اليوم ,تعود طنطورة الشاهدة بالصوت و الصورة لتوجه اصابع الاحتلال لنظام عنصري مجرم , …طنطورة تخرج من صمتها و تنتصر لضحاياها من اطفال و شباب و نساء …قد يبدو الامر اقرب الى هراء أو نسج خيال فكيف يتحدث الموتى و قد تحولت اجسادهمالى تراب …و هذا صحيح و لكن عندما يشهد المجرم على جريمته تلك مسألة اخرى يفترض أن تكون وثيقة أمام المجتمع الدولي تدين الكيان الاسرائيلي على ما اقترفه منذ تأسيسه على أرض فلسطين التاريخية ..بعد اعترافات موثقة لقيادات عسكرية و صور بالتقنيات الحديثة لموقع المقبرة الجماعية الواقعة اسفل مرايب للسيارات تشهد عما ارتكبوه من فظاعات و من قتل بدم بارد لاهالي طنطورة و من لم يقتل منهم فقد كتب عليه التشرد و التهجير بين المخيمات و المنافي ..
البداية في طنطورة كانت مع وثائقي إسرائيلي كشف تفاصيل إحدى أفظع المجازر التي ارتبطت بالنكبة ..و في الوقت الذي كانت سلطة الاحتلال تعتقد أنها قبرت المجزرة مع و حكمت على ازالتها من الذاكرة الجمعية عادت طنطورة لتشهد على ما اقترفته العصابات الاسرائيلية في حق جيل كامل …
فيلم طنطو ة شهادة اخرى موثقة للمخرج الاسرائيلي الون شفارتس الذي يوثق شهادات جنود اسرائيليين شاركوا في المجزرة تحدثوا بدقة عما ارتكبت ايديهم منذ 1948 و دفنهم للضحايا في قبور جماعية ..ما جعل المؤرخون يؤكدون أن ما كشف عنه الفيلم يمكن الاعتماد عليه لفتح تحقيق دولي ضد مرتكبي مجزرة الطنطورة ومجازر القرى والمدن الفلسطينية خلال النكبة عام 1948، رغم العراقيل الدولية والمحلية.
قرية الطنطورة الفلسطينية الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي هُجّر أغلب أهلها المقدّر عددهم بنحو الف و ماتي فلسطيني في النكبة تنتفض اليوم على التاريخ و تروي للعالم اطوارا من مأساتها المنسية و حقها في العدالة …
الفيلم الوثائقي الذي أحرج سلطات الاحتلال قام بغربلة الأرشيف الإسرائيلي ونفض الغبار عما تم التكتم عليه طوال عقود من الاحتلال ..
الفيلم اعتمد على روايات وإفادات امتدت 140 ساعة، لناجين من المجزرة استقروا بمخيم اليرموك لاحقا بكل ما اختزنته ذاكرتهم من الام و جروح و ماسي تجاهلها العالم و اسقطها الجميع من سجل الحساب المفتوح لجرائم الكيان الاسرائيلي, اهمية الفيلم وهنا مربط الفرس انه وثق شهادات لمشاركين في ارتكابها من عسكريين اسرائيليين نفذوا تلك المجزرة المجزرة ، كما استند الفيلم الى وثائق بالأرشيف الإسرائيلي تتضمن اعترافات لبعض الضباط خلال المراسلات بينهم بارتكاب المجزرة وقتل السكان من دون الإشارة إلى عدد الضحايا ووضع الجثث في قبر جماعي.
ولاحقا وخلال النكبة تم تصوير طنطورة التابعة لقضاء القدس لتبدو فارغة بلا سكان قبل احتلال العصابات اليهودية لها، كل ذلك بهدف تزوير الحقائق و تكذيب روايات من كتب له النجاة من الاهالي الذين هُجّروا بالقتل وقوة السلاح.
والى جانب شهادات بعض الاهالي نشر الفيلم اعترافات جنود من لواء “ألكسندروني” الذين شاركوا في المجزرة، وأظهر تصوير جوي ثلاثي الأبعاد للمنطقة كشفت وجود قبر جماعي دفن فيه ضحايا مذبحة الطنطورة، الذين يراوح عددهم بين تسعين الى مأتي ضحية و ربما أكثر ..
وتبعا لشهادات الناجين، فقد تم التصدي للقوات اليهودية المهاجمة، فاستعان المهاجمون بطائرتين من سلاح الجو الملكي البريطاني قصفتا الطنطورة وقرية إجزم المجاورة، ثم اجتاح عناصر كتيبة 33 القرية وشرعوا في ارتكاب المجزرة وتشريد السكان، ونهبتها أيدي العصابات الصهيونية.مما ذكره الشهود الناجون أيضا أن جنديا واحدا قتل بالرصاص 12 شخصا…
الاكيد أن مجزرة طنطورة جريمة كاملة الاركان و لا يمكن ان تسقط بالتقادم و هي توثق لحلقة جديدة من حلقات جرائم الاحتلال و فظاعاته منذ النكبة على مدى سبعة عقود من دير ياسين و قبية والدوايمة وبلد الشيخ، ومجازر قرية حمامة ومدينة يافاو يافا و القدس الى القدس و صبرا و شاتيلا و غزة واحد و غزة الثانية و الثالثة و القائمة تطول ..