الجزائر والمغرب.. لكيلا نبصق على المستقبل/ دكتور محيي الدين عميمور
30 يوليو 2023، 19:09 مساءً
كنت، في كل مرة أرسل فيها مقالاتي لهذا المنبر المتميز، أجد نفسي مضطرا لكي أعتذر للعزيز الأستاذ عبد الباري عطوان والأستاذة مها لفشلي في اختصار المقال، رغم أني أبذل في محاولة الاختصار أحيانا، بل غالبا، جهدا أكبر من الجهد الذي أبذله في الكتابة.
هذه المرة سأعتذر للقراء ولهيئة التحرير عن العدد القليل من الكلمات التي سيجدونها في حديث اليوم، والتي أسجل بها تقديري لتصرف كريم في العلاقات الجزائرية المغربية، ارتبطت بهبوط طائرة سعودية تنقل الحجاج المغاربة إلى أرض المملكة، نتيجة لإصابة الحاجة المغربية “رحمة” بوعكة فرضت توقف الطائرة في الجزائر ونقل الحاجة لمستشفى مختص لعلاجها.
والتصرف الكريم الذي أعنيه هو الكلمات الطيبة التي تبادلها الجانبان وهم يتناولون ما حدث، والذي كان واجبا أخويا وإنسانيا من الجانب الجزائري تلقاه الجانب المغربي بكل أخوة ومحبة، وهكذا سجّل الأبرار في البلدين أن الاعتبارات الإنسانية هي أسبقية الأسبقيات، خصوصا بين الأشقاء والجيران.
وكانت التعليقات الأخوية من الجانبين، الجزائري والمغربي، صفعة للذباب الإلكتروني الذي عشنا تشنجه في المرحلة الماضية، وأكدت أن المثقف المغربي الكبير الدكتور طارق ليساوي كان على حق وهو يسجل، بكلماته، ثقته في نقاء الشعوب وصفاء نواياها وحسن مقاصدها، والتي تتفجر بكل نبل على ضوء حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن تداعي سائر الجسد بالسهر والحمى إذا اشتكى منه عضو، وأحسست أنها تؤكد ضمنيا ما ذهبت له الأستاذة الدكتور خديجة صبار.
وهذا هو الدرس الذي يجب أن نخرج به مما ارتبط بوجود الحاجة المغربية على أرض الجزائر، وندرك أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن “خوك خوك لا يغرك صاحبك”، كما يقول المثل الجزائري، وأن من ينتهزون وضعية خصام مرحليّ بين الأشقاء، وبغض النظر عن مبرراتها، فيتفننون في صب الزيت على النار، هم مرتزقة أيا كانت جنسياتهم، وهم طابور خامس في المغرب العربي، جُنّدوا لمحاربة وحدة المغرب العربي، التي ستفرض نفسها يوما عندما ندرك من هو العدوّ الحقيقي ومن هو الصديق الحقيقي، ونفرق بين العداوة والخصومة، وبين الإستراتيجي والتكتيكي، ونتذكر كيف أن أكبر عدُوتيْن في أوربا هما اليوم أساس الوحدة الأوربية، مسترجعا ما قاله الرئيس هواري بو مدين يوما من أن علينا ألا نبصق على المستقبل.
ولن أشكر من يستحق الشكر حتى لا أتهم بممارسة “الشيتة”، أو “مسح الجوخ” بالتعبير المشرقي.