العدوان الأمريكي لن يغير شيئا.. وهذه رسالتي للاردن الشقيق/ كمال خلف
4 فبراير 2024، 13:22 مساءً
خمسة أيام من التهديدات الأمريكية المتكررة بشن هجمات في سورية والعراق ردا على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وجرح اخرين بهجوم تبنته المقاومة العراقية على موقع عسكري امريكي داخل الأراضي الأردنية. خمسة أيام كانت كفيلة باخلاء المقرات العسكرية والاستعداد للهجوم المرتقب. وهو ما حدث بالفعل قبل الضربات الامريكية فجر هذا اليوم ، فضلا عن ابلاغ واشنطن الحكومة العراقية مسبقا عن موعد الهجمات.
واذا كانت الإدارة الامريكية تعلم ان هذا العدوان لن يوقف الهجمات ضد قواتها في سورية والعراق ،فما هو جدواها؟ واذا كانت لا تعلم ، فانها علمت ذلك بعد ساعات فقط من العدوان، عندما تعرضت قاعدتها في التنف على مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية لهجوم بطائرة مسيرة قادمة من العراق ، كما تعرضت قاعدة عين الأسد لرشقة صاروخية، وكذلك حقل كونيكو في سورية، في رسالة واضحة من المقاومة تقول الهجمات لم تؤثر ، ونحن مستمرون.
تغامر الإدارة الامريكية بوجودها وجنودها ومصالحها ومكانتها في الشرق الأوسط ، وتشن هجمات عسكرية ضد اليمن والعراق وسورية وتضغط وتهدد لبنان ، في حين ان عليها فقط ان تجر مجرم الحرب ” نتنياهو من اذنيه لوقف الإبادة الجماعية والحرب في غزة. هذا هو الشيء الوحيد الذي يوفر على واشنطن كل هذا التصعيد وهذه المغامرات العسكرية الغير محسوبة العواقب .
الهجمات العدوانية الاثمة التي تشنها واشنطن على امتداد جغرافيا المقاومة في منطقتنا، لن تغير من حقيقة التغيرات والتحولات ذات الطابع الاستراتيجي في الشرق الأوسط . فشل العدوان الإسرائيلي طوال أربعة اشهر من القتال في غزة في تحقيق الأهداف وتداعيات ذلك طويلة الاجل على وزن وتأثير إسرائيل المستقبلي احد تجليات هذه التحولات وهذه البيئة الإقليمية الجديدة. واذا ارادت واشنطن احداث انقلاب في هذا المسار الثابت ، عليها ان تُنزل عشرات آلالف الجنود على الأرض في اليمن والعراق وسورية ولبنان وفلسطين وتخوض حربا شاملة على جبهات متعددة. وهذا غير وارد، وغير ممكن، وكارثي على مستقبل مركزية الولايات المتحدة في النظام الدولي ، في ظل انتظار خصومها الدوليين الكبار وقوعها في مثل هذا الخطأ التاريخي . وأركان إدارة بايدن يعون ذلك بشكل جيد . وهم يرددون لازمة ” لانريد حربا”.
اذا نحن لسنا سوى امام ردة فعل انتقامية لاثبات القدرة والردع والاستعراض، واغلاق باب كاد ان يفتح على مصرعية وهو الباب الذي تخرج منه جثث الجنود الأمريكيين تباعا نحو ديلاوير . ولكن ماذا لو قتل جنود أمريكيين إضافيين في الأيام المقبلة في اطار الرد من قوى المقاومة؟ ماهي خيارات؟ هل سترفع الولايات المتحدة من وتيرة القصف؟ ماذا لو تحول الجنود الأمريكيين داخل القواعد الامريكية في العراق وسورية الى رهائن ؟؟ هل سنرى مشهد أفغانستان 2021؟ ام فيتنام؟ ام العراق ابريل 2003؟ ام العراق 2011؟ هل لدى البيت الأبيض إجابات؟
حسب ما يعلنه المتحدثون في واشنطن فأن هجمات فجر اليوم ستكون ضمن سلسلة، وهنا لافت ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” ان الطائرات الأردنية سوف تنضم إلى العملية العسكرية الامريكية في سورية والعراق و قد تم تحديد أهداف لها. وافادت الصحيفة إن دور الأردن غير عادي ويهدف إلى إظهار التضامن مع الولايات المتحدة في أعقاب غارة الطائرات بدون طيار على البرج 22 الأمريكي بالقرب من الحدود السورية.
اذا صح ذلك فهو خطأ تاريخي قاتل وغير مبرر. سيكون النظام في الأردن في مواجهة شعبه الغاضب من المشاركة الامريكية المباشرة في الإبادة الجماعية وحمام الدم في غزة من جهة ، ومحور المقاومة من غزة الى اليمن والعراق وسورية ولبنان وايران من جهة ثانية، وسيكون قد وضع البيض كله في السلة الامريكية وركن الى حماية واشنطن وهذا وحسب التجربة التاريخية المعاصرة مراهنة خاسرة ولها عواقب وخيمة ، وستنطبق عليه مقولة الرئيس المصري الأسبق ” محمد حسني مبارك ” المتغطي بالامريكي عريان”. هذه تجربة النظام في أفغانستان قريبة زمنيا، ولا ضرورة للذهاب بعيدا في سرد نماذج مشابهة في السنوات الماضية او في التاريخ المعاصر . ما نرجوه ونحن نكتب هذه السطور ان تنفي عمان هذه الانباء بشكل واضح وصريح. لان هذا العدوان أولا مرتبط بشكل وثيق بالحرب على الشعب الفلسطيني في غزة ومحاولات مساندته ووقف المذبحة ضده . وثانيا عدوان على ارض عربية في بلدين جارين للاردن ” العراق وسورية ” ومن اجل مقتل ثلاثة جنود أمريكيين فقط . فكيف يتحرك الطيارون الاردينيون ذودا عن مقتل 3 جنود محتلين تضامنا مع شركاء العار الإسرائيلي في مذبحة غزة ، بينما لا يحركون ساكنا لاستشهاد سبعة وعشرين الفا معظمهم من الأطفال والنساء من اخوتهم واشقائهم الفلسطينيين . اكرر نأمل ان تكون الصحيفة كاذبة والخبر ملفق و في سياق حفلة الأكاذيب والتضليل الذي مارسها الاعلام الأمريكي طوال أربعة اشهر من الإبادة الجماعية في غزة. هذا توريط للاردن ، خاصة ان الجيش الأمريكي ليس بحاجة لطائرات اردنية لتنفيذ غارات ، والأردنيون يعلمون ماذا يدبر لهم ،ولن يقبلوا بالوطن البديل ، ولن يقبل الفلسطيني بوطن بديل .
العدوان الأمريكي على سورية والعراق واليمن ، والعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة والقدس ولبنان، هو باختصار حرب على الامة وما بقي فيها من نبض مقاوم لاخضاعها وتحويلنا كشعوب عربية الى عبيد وخدم للاسرائيلي المجرم الذي لن يتردد في قتل الأردنيين والعراقيين والسعوديين واللبنانيين وغيرهم من الشعوب العربية بذات الاجرام الذي يمارسه الان في غزة اذا قرر أي شعب نيل حريته او تمرد على السطوة الامريكية الإسرائيلية . مصيرنا كأمة وشعوب معلق بيد الابطال في غزة، ونتائج معركة الطوفان والجبهات المساندة.