هل تُحقق الولايات المتحدة الأميركية في استخدام إسرائيل سلاح الفوسفور بغزة ولبنان؟/ د. تمارا برو

ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن وزارة الخارجية الأميركية تحقق في مزاعم حول استخدام إسرائيل قذائف الفوسفور الأبيض الأميركية الصنع في قطاع غزة وجنوب لبنان. ويطال التحقيق الهجمات الإسرائيلية على مخيم جباليا في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من 125 شخصاً.

وقبل عدة أشهر نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً أشارت فيه إلى استخدام إسرائيل سلاح الفوسفور الأبيض في بلدة الظهيرة اللبنانية خلال شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين.

وبعد نشر هذا التقرير أعرب البيت الأبيض عن قلقه إزاء المزاعم باستخدام إسرائيل قذائف الفوسفور الأبيض التي أرسلتها لها الولايات المتحدة الأميركية.

لقد وثقت العديد من المنظمات الحقوقية استخدام إسرائيل غير القانوني لسلاح الفوسفور الأبيض في قطاع غزة وجنوب لبنان ، فقد أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية استخدام تل أبيب الفوسفور الأبيض ضد المدنيين.

منذ بدء الهجوم على قطاع غزة وجنوب لبنان، استخدمت إسرائيل سلاح الفوسفور الأبيض لإحراق وقتل المدنيين وتدمير القطاع الزراعي في لبنان إذ أحرق الكيان آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية وبساتين الحمضيات والزيتون والأحراج.

وإذا كان القانون الدولي لا يحظر صراحة استخدام سلاح الفوسفور الأبيض ولا يمنع استخدامه لأغراض عسكرية كالانارة وإخفاء تحركات الجنود، إلا أنه يحظر استخدامه ضد السكان المدنيين وفي أماكن مكتظة بالسكان ويوجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحمايتهم.

وإسرائيل استخدمت سلاح الفوسفور الأبيض في أماكن مكتظة بالسكان كمخيم جباليا ومستشفى الشفاء ومدرسة تابعة للأونروا في مخيم الشاطئ وهذه الأعيان المدنية كانت تؤوي آلاف النازحين.

إعلان واشنطن أنها تحقق في المزاعم حول استخدام إسرائيل سلاح الفوسفور الأبيض الأميركي الصنع جاء لأسباب عدة منها:

• الضغط الذي يمارس داخلياً وخارجياً على إدارة بايدن من أجل إجبار إسرائيل على حماية المدنيين والتقيد بأحكام القانون الدولي.
• أن تظهر للعالم أنها ترسل الأسلحة لإسرائيل من أجل القضاء على حركة حماس وتأمين أمن إسرائيل، وليس لاستخدامها ضد المدنيين الفلسطينيين، وبالتالي فهي تراقب كيفية استخدام تل أبيب للأسلحة التي ترسلها إليها.

 ولكن الولايات المتحدة الأميركية هي نفسها استخدمت قذائف الفوسفور الأبيض في حرب الفلوجة عام 2004 ضد المدنيين. وفي هذا الاطار نشرت قناة الراي الإيطالية عام 2005 تقريراً بعنوان “الفلوجة المذبحة الخفية” وثقت فيه استخدام أميركا لسلاح الفوسفور الأبيض ضد المدنيين.

ولو كانت واشنطن تريد فعلاً حماية المدنيين في غزة  لكانت ضغطت على إسرائيل من أجل وقف الحرب في القطاع، وتوقفت عن إرسال الأسلحة لها، ولكننا لغاية اليوم ما زلنا نرى تدفق المساعدات العسكرية إلى تل أبيب  رغم العدد الهائل من الشهداء والجرحى.

عدا عن ذلك، استخدت إسرائيل سابقاً ذخائر الفوسفور الأبيض في أثناء هجومها المتكرر على قطاع غزة ولبنان. ففي عام 2009 أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً تضمن مقابلات مع أطباء ومدنيين وصور تظهر بوضوح استخدام الفوسفور الأبيض في أمكان مكتظة بالسكان والإصابات الخطيرة التي خلفها هذا الاستخدام سواء على المدنيين أو البيئة في غزة، ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة الأميركية في إرسال هذا السلاح إلى إسرائيل رغم النداءات الدولية بحظر استخدامه.

تدعم واشنطن تل أبيب في حربها على القطاع ولو أرادت الإدارة الأميركية لكانت قد أوقفت الحرب منذ اليوم الأول، ولكنها أعطت الضوء الأخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتدمير قطاع غزة وارتكاب المجازر وتهجير الفلسطينيين بحجة حماية أمن إسرائيل وتدمير حركة حماس.

بالمحصلة، الولايات المتحدة الأميركية ليست جادة في تحقيقها حول استخدام إسرائيل لذخائر الفوسفور الأبيض الأميركية الصنع. فهي لو أدلت بصحة المزاعم فإنها بذلك تدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية باستخدام الفوسفور الأبيض، وتحمل نفسها المسؤولية عن ارسال هذه الذخائر إلى إسرائيل.

باحثة لبنانية