مليون نازح داخل لبنان العربي، ومليونين من الفلسطينيين ينزحون داخل قطاع غزة على مدار اليوم، إضافة إلى عشرات آلاف الشهداء والجرحى العرب في لبنان وغزة وسوريا واليمن والضفة، ولا نستثني حرب التجويع والترويع والحصار البري والبحري لملايين العرب في لبنان وغزة والضفة، في عدوان إسرائيلي إرهابي متواصل على الأمة العربية لمدة سنة كاملة، وظف خلالها العدو الإسرائيلي أحدث أنواع الأسلحة التدميرية والمتفجرات الأمريكية والأوروبية.
ملايين العرب تحت القصف الإسرائيلي الهادف إلى بث روح الهزيمة داخل القلوب العربية، وتوزيع مغلفات الخوف والرعب على البيوت لمجدر ذكر اسم إسرائيل، أو التطرق بالحديث إلى قدرات الجيش الإسرائيلي، الذي يقصف البيوت والعمارات في بيروت وشرق لبنان وجنوبها على رؤوس أصحابها دون وجل، في رسائل إرهاب تؤكد أن المارد الإسرائيلي الذي انطلق من قمقم الخرافة، لن يتوقف عن العدوان، ولن يتراجع عن الذبح والقتل والتدمير لكل عربي يرفع رأسه رافضاً للمذلة والخنوع، ومعتزاً بتاريخه ودينه وسيرته، ومطالباً بحقه في الحياه الحرة الكريمة، عدوان يتجاوز الأرض التي تتعرض للقصف، ليصل إلى الروح التي تنفطر حزناً على ما يجري على أرض غزة ولبنان، أو تتفجر حقداً وغضباً على مواصلة العدوان الإسرائيلي دون وجود لاجمٍ، أو رادعٍ، أو مانعٍ للعدوان الإسرائيلي.
وما أكثر الحديث العربي الرسمي عن ضرورة وقف العدوان، ووقف إطلاق النار! وما أكثر اللقاءات والمؤتمرات والاجتماعات والزيارات على مستوى العالم، وكلها تطالب بوقف إطلاق النار، واحترام حقوق الإنسان، ورفع الحصار عن الشعوب العربية الواقعة تحت القصف، ولكن دون جدوى، فقد استخفت إسرائيل بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستهانت بقرار مجلس الأمن 2735، واحتقرت قرارات محكمة الجنايات الدولية، ولم يردعها قرار محكمة العدل الدولية، ولم تأخذ بعين الاعتبار في عدوانها المتغيرات النفسية التي عبرت عنها شعوب الأرض الرافضة للإرهاب الإسرائيلي، وهي تخرج إلى الشوارع وداخل حرم الجامعات، لتعلن عن رفضها للعدوان على الشعوب العربية المظلومة المهضومة الحقوق، وعين جميع المتابعين والمراقبين والباحثين تتجه إلى كلٍّ من أمريكا وإيران.
العيون تتجه إلى أمريكا بصفتها القوة العالمية العظمى الداعمة للعدوان الإسرائيلي، والقادرة على لجم الأطماع الخرافية، ويزعم البعض أن أمريكا هي القوة الوحيدة على مستوى الأرض ذات القدرة على فرض وقف إطلاق النار على كل جبهات القتال.
والعيون تتجه إلى إيران بصفتها المؤيد والداعم للتنظيمات الفلسطينية واللبنانية واليمنية والعراقية التي تقاوم العدوان الإسرائيلي، والسؤال الذي يلف على الشوارع ويقتحم البيوت في بلاد العرب: أين هي إيران؟ لماذا لا تساند حلفاءها؟ ماذا ينتظر الإيرانيون بعد كل هذا الذبح والقتل والتدمير الذي تتعرض له بلاد العرب؟ متى ستكون الجمهورية الإسلامية جزءا ًمن هذا الصراع الدائر على أرض العرب؟ متى تحطم إيران جدران الصمت، وتقتحم بقدراتها الهائلة أرض المعركة ضد العدو الصهيوني.
ونسي أولئك المنتظرون لأمريكا كي تلجم العدوان، ونسي أولئك المنتظرون التدخل الإيراني، كي يرعب العدوان، نسي أولئك وهؤلاء وجود 460 مليون عربي، هم ثقل الاقتصاد العالمي، وهم ثقل الاستقرار الأمني على مستوى العالم، وهم ثقل الحضور والفعل القادر على كسر التعنت الإسرائيلي، ولي ذراع الإرادة الأمريكية، 460 مليون عربي، هم ثقل الفعل القادر أن يقول للشعب الإيراني، نحن هنا، نحن أحق منكم بالتدخل، ونحن أقدر على الفعل، ونحن من سيقف في وجه العدوان، ويمزق المؤامرة على الإنسان العربي والأرض العربية، التي يطمع بها الصهاينة.
التوجه بالأنظار إلى أمريكا وإيران لوقف العدوان الإسرائيلي على الأرض والإنسان العربي فيه استخفاف بقدرات العرب وطاقاتهم الإبداعية، وفيه احتقار للأنظمة العربية، وقدرتها على صناعة الحدث، وفرض إرادة الإنسان العربي على القوى العظمى، والتوجه بالأنظار إلى أمريكا وإيران لوقف العدوان فيه إهانة للتاريخ، وتمزيق للجغرافيا التي تنادي على أمة عربية واحدة، يستهدفها العدوان الإسرائيلي، ويمزق شملها، ويدمر مستقبل أجيالها، ويمتص رحيق وردها دون أن تصده يد القوة الكامنة في قلب وروح 460 مليون عربي، تجري في عروقهم دماء النخوة والكرامة والشهامة.