canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
كتاب عربموضوعات رئيسية

“واقعية” اتفاق غزة و”رمزية” الصورة ما بين واشنطن وشرم الشيخ / هاني الكنيسي

هل انتهت حروب الشرق الأوسط بإعلان “اتفاق غزة”؟ سؤال سيريالي تجريدي تكعيبي أفعواني .. إلى آخر هذا النوع من مصطلحات الفن الحديث “غير المفهوم” للعامة من أمثالي. و”التذاكي” في محاولة الإجابة عليه، سيكون أقرب للهطل الفكري أو في أحسن الأحوال نوعا من “السذاجة” التحليلية. ولذلك آثرت “السلامة”، واخترت أن تكون مقاربتي من زاوية “مغزى الصورة” التي كانت موضوع أطروحتي لدرجة الدكتوراة في الإعلام قبل نحو ربع قرن من الزمان.
والصورة التي أقصدها “حرفيًا” في هذا البوست هي الصورة االلحظية Still Photo “البريئة” التي لم تتعرّض لتحرشات الفوتوشوب أو لانتهاكات الذكاء الاصطناعي AI، كما هي الحال في الكثير من المحتوى البصري الذي يحاصرنا في عصر الديجيتال.
بدأ المشهد الدرامي الذي نقلته العدسات “حيًا” أثناء مؤتمر صحفي في البيت الأبيض الليلة الماضية، حين تسلّم ترمب ورقة “بخط اليد” من وزير خارجيته ‘ماركو روبيو’ (في منتصف سؤال من أحد الصحافيين) وبدأ قراءتها بوجه منفرج الأسارير قبل أن ينحني عليه ‘روبيو’ بسرعة هامسًا في أذنه البرتقالية ببضع كلمات أعقبها الرئيس الأمريكي بإعلان “اتفاق غزة” بطريقته الارتجالية قائلًا “إننا قريبون جدا من صفقة في الشرق الأوسط” .. وبعدها بدقائق، نشر ترمب على منصته ‘تروث سوشيال’ تغريدة نصّها “هذا يعني أنه سيتم إطلاق سراح جميع الرهائن قريبا جدا، وستسحب إسرائيل قواتها إلى خط متفق عليه كخطوات أولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي. سيتم التعامل مع جميع الأطراف بشكل عادل! هذا يوم عظيم للعالم العربي والإسلامي، وإسرائيل، وجميع الدول المحيطة، والولايات المتحدة، ونشكر الوسطاء من قطر ومصر وتركيا، الذين عملوا معنا لتحقيق هذا الحدث التاريخي وغير المسبوق. طوبى لصانعي السلام!”
صورة “انحناءة” روبيو على أذن ترمب لتبشيره بأنباء “الانفراجة” في محادثات شرم الشيخ، وبكل ما تحمله من قيمة “تعبيرية” للحظة تاريخية، تصدّرت واجهات الصحف والمواقع الإخبارية التي بادرت بزف خبر الاتفاق الذي يعوّل عليه لوقف حرب إبادة وتجويع دامت عامين. لكن ما أن ذهبت “السَّكْرة” الانفعالية وجاءت “الفَكرة” العقلانية في أدمغة “الماكينة” الإعلامية التي تغطي الحدث، حتى تسابقت الصحف والمواقع والمنصات العربية والعبرية والأمريكية على إبراز أكثر الصور “إثارة” لاهتمام جماهيرها من قلب الحدث “المغلق” في شرم الشيخ، وذهب بعضها إلى حد “الإبداع” بالمزج بين صور حقيقية في إطار “تعبيري” على قاعدة “بالتضاد تُعرف الأشياء”.
إذ ضجت مواقع السوشيال ميديا (الغربية) بصورتين متجاورتين للرئيسين الأمريكيين السابق جورج بوش الابن والحالي دونالد ترمب، في إطار(برواز) واحد عنوانه: “بدأت الحرب.. انتهت الحرب”. الكادر المزدوج يطرح بذكاء “بشري غير اصطناعي” مقارنة بين “الرسالة” التي حملتها صورة جورج دبليو بوش جالسا داخل أحد فصول مدرسة ابتدائية بولاية فلوريدا صباح يوم 11 سبتمبر 2001، بينما يهمس في أذنه رئيس موظفي البيت الأبيض آنذاك ‘أندرو كارد’، بأن “طائرة أخرى اصطدمت بالبرج الثاني لمركز التجارة العالمي” (والتي اعتُبرت لحظة مفصلية في التاريخ الأمريكي).. والرسالة التي حملتها صورة ترمب الجالس منصتًا لهمس روبيو في أذنه قبل إعلان خبر الاتفاق. وبخلاف التفاعل الواسع الذي أثارته المقارنة “البصرية” بين الصورتين، رأى فيها البعض “تلخيصا رمزيا” لمسار حروب الشرق الأوسط التي ارتبطت بالولايات المتحدة خلال ربع قرن، بينما اعتبرها آخرون “توظيفا مسيّسا” من نشطاء أرادوا أن يقولوا: “الحرب التي بدأت بهمسة في أذن بوش، انتهت بهمسة في أذن ترمب”!!. *في تقديري الشخصي، أنه وبرغم طرافة الطرح “البصري” في الصورة المزدوجة فإن قراءة “التاريخ” من منظور المقارنة بين زمني بوش وترمب تعكس مدي “سطحية” العقلية الغربية في نظرتها للشرق الأوسط بكل تعقيداته، وتترجم “شوفينية” خالصة تجعل من أميركا محور العالم.
على الصعيد العربي (والإسرائيلي بالتبعية)، استأثرت صورتان “معبّرتان” من قلب قاعة اجتماعات شرم الشيخ المغلقة (والتي شحّت منها الصور على مدى اليومين الماضيين) على زخم الاهتمام الإعلامي (السوشيال ميديا) والشعبي (تفاعلات الجمهور)، فور الإعلان عن التوصل لاتفاق غزة في واشنطن.
الأولى، لقطة مصافحة “بطريقة أقرب للمعانقة” بين رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني واللواء (احتياط) ‘نيتزان ألون’ من فريق التفاوض الإسرائيلي (وخلفهما إبراهيم كالين رئيس المخابرات التركية وقائد فريقها التفاوضي في شرم الشيخ). والمفارقة هنا لا تحتاج لتعليق .. يكفي فقط التذكير بأن “العناق” ودفء المشاعر في الصورة يأتي بعد شهر واحد بالضبط من الغارة الإسرائيلية الفاشلة على الدوحة بهدف اغتيال قادة حماس، وما لحقها من “أزمة” دبلوماسية غير مسبوقة بين إسرائيل وقطر، انتهت “نظريًا” باضطرار النتنياهو -تحت ضغط مباشر من ترمب- إلى الاعتذار “رسميا” لدولة قطر في مكالمة هاتفية من البيت الأبيض تناقلها الإعلام بشغف.
أما الصورة الثانية، والتي تهافتت عليها المواقع المصرية وتداولها نشطاء السوشيال ميديا بتعليقات “مبالغ في صياغتها”، فكانت لرئيس جهاز المخابرات العامة حسن رشاد خلال مشاركته في اجتماعات شرم الشيخ، في لحظة “قيل” إنها صادفت نظرته لأعضاء الوفد الإسرائيلي، واعتبر الكثير من المصريين المتحمسين أنها تحمل الكثير من معاني الثبات الانفعالي والحزم والصلابة التي “تليق بهيبة ووقار رئيس المخابرات وبوزن مصر في إدارة المفاوضات”!!
وفي سياق “الدلالة البصرية” ذاته، تداول الإعلام العبري صورًا تظهر الوفد الإسرائيلي في شرم الشيخ برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية ‘رون ديرمر’، بزعم أنها التُقطت في نفس القاعة التي جلس بها كبار مفاوضي حماس (ومنهم غازي حمد وظاهر جبارين) بزعامة خليل الحيه (الذي كان على رأس قائمة الضربة الإسرائيلية في قلب الدوحة).
والصورة أحيانا بألف ألف كلمة مما تعدّون.


هاني الكنيسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى