سيدة الشاطئين/ شعر ناجي محمد الامام
(أراها لأول مرة منذ سبع سنوات في مكالمة مرئية)
… وتقفل شاشتها دامعه
***
أَمِنْ بَعْدِ عَقدين ..
ما زلت سيدة الشاطئين
تحومين بينهما كقناة من الثلج أو قنطرة.
أما زلت تختصرين المساء …
بِكَمْ كوبِ شايٍ ، وكمْ مقطعٍ في البيانو
وما يعلم الله من قهوة “ساذجة”
ولسـتُ هناك لكي أشهدا …
بأن “موزارتَ ” ..إذا سكن الليل…
حين تنامين ،كالنغمة السادرة…
يَدِبُّ دبيب الغرير، إليك
يقبل رخص أناملك الطاهرة…
يقول ألا سلمتْ …سلمَتْ
وسَلمْتِ …
لقد كنتِ سيدتي باهـــرة!!
***
أما زال خاتمك اليمني بوسطاك
غير الذي
ترسمين به لون وجدك..
حين يغيب ..المساء
وتزهو السماء..
بنجمتك الزاهرة..
أما زال يعزفك الشوق ..
بين أنامله مثل شبابة البدوي
ويرتاح بين القِيَّان ليسأل …
أين الذي يَسْكُب الشعرَ
في جعة العاطلين..
ذاك الذي
كان …
يلبس “دراعة” من قصب..
ويكتب أغنية من كلام العرب…
ويعرف من أين تبدأ ريحُ الصَّبا ..
وهو فوق جبال “البرانس”
يزجر طير النحام..
ولكنه يتفاءل بالقُبَّره.
ويعشق شدو الحمام ..
ويُطعمُه الحُبَّ حَبَّ الذره
ويبكي بكاء الهزار على الشجره..
***
خلتْ شُرُفات ُ المطاعم ،
حَــلَّ الشتاء..
وعاد الرواد إلى المعصره
وفي برد كانون يحلو الحديث السخين..
و “لمة شلتنا “في المساء
على المدفأة
ريثما ” تستوي الكستناء”…
وترفع “لميا”عقيرتها
بـ”العتابا” الحزين
يا امرأةً ستظل تَشِبُّ ،
بعكس السنين…
لذا خُلِقَتْ…
كي يُحاجِجَ فيها الجمالُ الجديديْن:
ما أبْلَيَاكِ …
لأنك من طينة نادره..
بيضاء كالليلة المقمرة
شقراء كالنعمة الغامرة
***
أُسائِلُ …إني أسائلُ
….عنا الزمان البليد
أسائِل..
ـ والشِّعرُ نبضُ حكايات نصف القمرـ
ذكرى الشواطئِ ..
محفورةً في الغيوب ،
أحجية الرمل و السابحات
كما البحرُـ لا تنضب الذاكرة…
أسائل…منذ المساءِ الأخير…
و أبحثُ عن قطة الدار..
تلك الأليفةُ ذاتُ المُوَّاء الشجيِّ..
هل غادرتنا إلى الآخـــرة…
.. وأمك تلك النبيلة،
كم أتعبتها قراءة أسفار (مَتَّى)
وكانت تحن لأجبال “سينا”..
و”ديرَ المناحة”
و تحلم أن تتمشَّى..
كعيسى بدرب الألم
تحمل أشياءها “ليســــوع”..
***صليبا وأيقونة و بخوراً
و شالاً على الرأس والمبخرة..
***
تقولين ، والقولُ منكِ قليل…
كمثل الحكيم الأنيق ..
يُنَزِّلُ حكمتَهُ السائرة :
سألتَ، تذكرتَ أشياءَنا العاديات ،
وبُحْتَ بما كُنْت ُ..
لكنْ…ألا نستحقُّ عليك ..قليلاً
حديثًا يُخبِّرُ عنكَ…
لماذا شَحُبتَ…
قسماتُ جبينكَ شُدَّتْ…
أضاف إليك المشيبُ وقاراً…
أمنْ أزمةٍ عــابرة..
وتضحك سيدةُ الموجِعات…
تَؤُزُّ مَرَاشفُ برقِ الثنايا
أقاحًـا بلون دموع المطر… وسُؤر الرضيع
تهزَّ أنوثَةُ ضحكتها “الساهرة”..
مكامنَ قد غيَّبَتْها السِّنُونُ..
و أحزانيَ الغائرة…
وَا غِبطةَ الزمنِ المُتَجَهِّمِ ،
بَشَّتْ …
فبُلَّتْ …
أساريرُهُ الماكرة..
حتى الأيانق عند النوافذ
والبحرُ…هَشَّا…
ومَحَّارُ شاطئنا المتكلسُ ..
والجامعة…
تَضَوَّعَ مِسْكًا … تَفَاوَفَ عطراً..
***
قالتْ:
لماذا وجمتَ…
أعادَ العساكرُ..
يعتقلون قصائدَك الهادرة…
أما زلتَ تكتبُ للمُمْلِقينَ..
وتسعى لثورتك العاثرة..
ألا تستحقُّ عليكَ الحياةُ..
لراحةِ نفسكَ ..
أمسيةً ساهرة…
عُطلةً في “ميامي”..
رقصةً بالعصا في المراكب..
ما بين “أسوان” و “القاهرة”
وهل انجب ابنك طفلا..
تلاعبُهُ..أهو مثلك …
قل لي لماذا العروبة..
عندكَ دِينٌ…
وهمٌّ ..
وعندَهُمُ هزُّ عطفٍ..
وكأسُ مُدام..
أُلاحِظَ،لا غيرَ..
إنِّي أَرَاهُمْ..
وإني أراك..
و أن مواقعَهُمْ ثابتَه..
وأنَ مغانيهم زاهرة…
أَعِدْ لي الشجونَ…
تزورُ دمشقَ…؟خُذني ..
إلى “مار تقلا”…
كما كنت تصحبني في المغاور..
نسمع همس الزمان القديم..
وفي فندقِ “الشام”.. طبنا مُقاما..
ونسكن “شيبرد” في القاهرة…
***
وتَنْهَلُّ كُلُّ المواجع …
تُقفلُ شاشَتَها ….دامعَه…
فاجعه…فاجعه
87 تعليقات