في أمسية ببيت شعر نواكشوط: ولد أحمد فال يبحرُ غزلا في “مرفأ الذكرى”
(إيجاز صحفي – شهد بيت الشعر – نواكشوط مساء اليوم (الخميس) أمسية شعرية قدمت لجمهور الأدب تجربة شعرية متميزة، وذلك من خلال “أمسية الشاعر الواحد” التي اختار البيت هذه المرة أن يخص بها شاعرا من جيل الشباب هو المختار ولد أحمدو سالم ولد أحمد فال (من مواليد 1982) عضو اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، المعروف بتمكنه من ناصية لغة الضاد.
الأمسية التي جرت وقائعها بقاعة النشاطات بمقر البيت، وبدأت بكلمة للشاعر محمد المحبوبي، نوه فيها إلى أن شاعر الأمسية بدأ قرض الشعر قبل أن يبلغ عقده الثاني من العمر، ويبدو أنه تلبس بلبوس الغزل منذ أول بيتين كتبهما متسورا البوح وسيلة إلى عالم حواء، حيث قال:
يا من علقت بقلبي بعد مرآكِ
إني بمرآك صرت اليوم أهواكِ
مالي أحدق في الدنيا وزخرفها
وأنت زخرف هذا الكون عيناكِ
عريف الأمسية ألمح أيضا إلى أهمية تمكن الشعراء الشباب من ناصية لغة الضاد، باعتبار ذلك وسيلة لاغنى عنها للإبداع، الذي يرفضُ أن يتنزل إلا بلغة خصبة في سياقاتها وسليمة في بنيتها الدلالية. كما عرَّف بتجربة الشاعر وأنشطته الإبداعية والتعليمية، قبل أن يتيح الفرصة للجمهور الذي استمع إلى تجربة شعرية لا شك في نضجها ومستقبلها الواعد.
الشاعر المختار ولد أحمدو سالم ولد أحمد فال ثمن دور بيت الشعر – نواكشوط، واصفا إياه بـ” الصرح الأدبي الراقي والشامخ” وأعرب عن تقديره البالغ لمبادرة افتتاح بيوت الشعر في الوطن العربي، التي تسعى حكومة الشارقة من ورائها إلى بث الروح الإبداعية والأصالة والتمكين للغة العربية، وذلك عبر دعم كل أجيال الشعراء العرب بمختلف تجاربهم.
ولد أحمد فال اختار ديوانه “مرفأ الذكرى” ليقرأ منه ثمانية قصائد، أكدت أن هذا الشاعر -صاحب القصيدة الثملة غزلا – قرر أن يضيء بمفردته الشعرية أكثر من معنى وإحالة، تتخذ في منحاها العام طابع الغزل وسيلة وربما غاية.
أنشد الشاعر من قصيدة “تراتيل النسيان”
غنيتُ.. لا البحرُ أوجاعي تحركه ولا الجبال إذا ناجيتها كسلا
أنا المغرد للاشيء أخيلتي
راحت هباء وعودي شاخ واكتهلا
بعمق ذاكرتي جرح أخبئه
ونخلة في فؤادي تنبت الجملا
أحببت عن شهرزاد الشمس تحرقني
ووجه قافيتي عن وجهها بدلا
إلى أن يقول:
وتهت كالريح لا أفق يقربني
عاري الخطى أطرق الأبواب والسبلا
حتى تيقنت أن الحلم تسرقه
مني الظلال وأني لست متصلا
وأن قلبي تكاد الطير تأكله
وسنبلاتي عليها الدهر قد أكلا
أنا المعذب في إحسان سيدتي
بلا جزاء على فعلي كمن بخلا
كتبت في حبها مليون قافية
وقد بعثت المعاني بيننا رسلا
مالي وللعمر قد أودعت أوَّله
كف الفناء ورأسي شيبه اشتعلا
والأمنيات صداها بوح أسئلة
تقلب الطرف في وجه المدى خجلا
ضن الزمان على قلبي بقافية
إن قلتها ضم صدري الكل واحتفلا.
بعد ذلك قرأ قصيدته “وداع” التي تخالف تماما “وصايا العشق” أو ما هو مألوف من طبائع المحبين الذين يخافون الوشاة وإفشاء السر. يقول فيها:
فكري قبل أن يحين الوداعُ
كلُّ أمرٍ به أمرتِ مطاعُ
ولتبوحي إذا أردت بروحي
وبسري لأنَّ سري يذاعُ
أنا في العشق ما كتمت حديثا
إن كتم الحديث عندي خداعُ.
ثم أنشد قصيدته “أميرة الجمال” التي يقول فيها:
ذات يوم رأيت وجهك صبحا
طالعا من وراء تلك التلال
أحرقتني عيون سحر أذابت
أحرف الوجد في سطور خيالي.
كذلك أنشد قصيدته “إني أحبك حقا هل تحبيني؟” التي يقول فيها:
إني أحدث عنك الشمس أغنية
والطيرَ حينا حديث الماء للطين
وألبس الليل أحزانا وأقبية
من طيف حبك أهديها لتشرين
فهل ترى الغيم ينهي قطر أدمعه
ويورق الوصل يا نجوى وتأتيني؟
في قصائده: “أطواق”، و”من خلف فجر الضياء”، و”مناجاة”، لا يخرج الشاعر ولد أحمد فال عن صياغاته في بيئتها اللغوية والتخيلية العامة. حتى وهو يخاطب الوطن/ الأرض/ المحبوبة؛ فالمفردة الشعرية تكاد لا تفقد عند هذا الشاعر انتماءها إلى لغة الحب شوقا وحنينا.
114 تعليقات