canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

ثوار القناة (نهاية)/ محمد إسحاق الكنتي

– اسحب على مهلك يا عم.. سأنتظرك…
لاحظ هاتفا مرميا بين قدمي الصبي، وصوت ناعم ينبعث منه…
– آلو! ألو! رد علي يا حسن.. ما الذي جرى لك؟ رد علي…
كان في الصوت لهفة حنان ذكرت صابر بابنته.. في الصوت حنان، وقلق، وخوف…
خفض صابر سلاحه..
– التقط الهاتف!
تردد الفتى..
لا يزال الصوت ينساب ونبرة الخوف تتصاعد فيه…
– التقط الهاتف! لن أوذيك…
انحنى الفتى على الهاتف وهو يراقب صابر…
– أنا بخير. سأعاود الاتصال بك…
طأطأ رأسه خجلا…
– إنها أختي..
ثم استدار ليبتلعه الظلام على الجانب الآخر من الجبهة. عاد صابر إلى خندقه ليتعود على قضاء حاجته فيه مثل باقي رفاق الثورة.
لم يلتق صابر بنضال سوى مرة واحدة حين جاء إلى الجبهة لاكتتاب استشهاديين. سأله عن ابنه جهاد فأخبره أنه في بريطانيا للعلاج، وباقي أفراد الأسرة يرافقونه.. توسل إليه ألا يكتتب ابنه جمال في الاستشهاديين فطمأنه أن الأجانب يتطوعون بكثرة… ظل صابر في الجبهة عدة شهور حاول خلالها الاتصال بزوجه، أو أخيها لدفع القسط الأخير من ثمن البيت، ويطمئن عليهم، لكنه لم يفلح… وانتصرت الثورة فعاد إلى مدينته.. وجد زوجه وابنته في ضيافة نسيبه، تفقد بيته الذي تضرر كثيرا، ونهبت محتوياته… طالبته لجنة التعويض عن الأضرار بشهادة ملكية. باع مصوغ امرأته وذهب إلى البنك لتسديد القسط الأخير واستلام شهادة الملكية، فأخبروه بمصادرة البيت بعد تأخره عن دفع القسط الأخير. عاد إلى بيت نسيبه منهارا.. أصبح بلا مأوى… كانت الصدمة عنيفة فألزمه المرض الفراش عدة أسابيع.. ألحت عليه زوجه بالعودة إلى عمله لاستلام مرتبه والبحث عن بيت للإيجار. في المصرف أخبروه أن مرتبه موقوف.. ذهب إلى الثانوية فوجد زميله، مدرس الموسيقى جالسا خلف مكتب المدير. سلم عليه ببرود..
– تفضل. بماذا أستطيع أن أخدمك؟
– أريد استعادة وظيفتي.
– ذلك غير ممكن. فقد شملك… يمكنك فقط استعادة وظيفة مدرس. وبما أنك كنت مدرسا للرسم لم تعد لك وظيفة عندنا، فقد ألغيت مادة الرسم من المناهج.
رد متهكما..
– ومادة الموسيقى.. ألم تلغ؟
– نعم ألغيت. وبما أنني لست من… عوضت عنها بالتعيين مديرا للثانوية.
عاد إلى بيت نسيبه وقد أحس وطأة المرض من جديد… أصبح نضال نائبا في البرلمان، وحصل ابنه جهاد على منحة دراسية في بريطانيا… بعد أسابيع وهو على فراش المرض، وصله نعي ابنه الذي قتل في اشتباك بين فصيلين. ذهب إلى الكتيبة لاستلام محضر الوفاة. لاحظ سبب الوفاة: “قتل في حادث إطلاق نار.” استشاط غضبا، وهو يقتحم مكتب قائد الكتيبة…
– أليس ابني أحد الثوار الأوائل! لماذا لم تكتبوا له “استشهد” وقد وزعتموها على المئات من ضحايا حوادث السير، لماذ؟ لماذا؟
رد قائد الكتيبة ببرود
– ابنك قتل في نزاع شخصي، ولم يستشهد من أجل الثورة والوطن…
انهار على كرسي…
– ربما لست ثائرا، أنا أيضا؟
رد قائد الكتيبة، بنفس البرود…
– كل من شملهم… شطبوا من لوائح الثوار…
خرج من الكتيبة متثاقلا.. هام على وجهه في المدينة لا يعرف له وجهة.. سار فترة طويلة وهو يستعيد الذكريات.. فكر أن الثورة علمته استعمال السلاح وقضاء حاجته في الخلاء… قادته قدماه إلى المقهى.. استلقى على كرسي.. طلب قهوة مرة، واستمع بكل إحساسه إلى السيدة فأحس أنها تسخر منه… كانت ترددها بشماته.. رفع القهوة إلى فمه… اندهش.. تصلبت يده… إنه هو.. لا يمكن أن يكون هو.. فقد أخبره نضال أن جهاد في بريطانيا لمتابعة دراسته… كلما اقترب منه، وهو يخطو متثاقلا داخل المقهى، منتفخ الخصر في جلابية شديدة البياض، مكوية بعناية فائقة، غمرت صابر رائحة البخور الممزوج بعطر غريب.. توسط المقهى، ثم نظر في عيني صابر، وصاح: الله أكبر!… دوى انفجار رهيب دمر المقهى.. هرع الناس إلى مكان الانفجار.. صاح أحدهم..
– لا تقتربوا، فقد يحدث انفجار آخر…
أخذت الجموع مسافة أمان يتفرجون على كومة الركام، تعلوها رأس بلا جسد، تتدلى غدائرها، كأنما تنظر إلى الجموع بحنق.. على الطرف الآخر من الركام ارتفعت كف بلا إبهام، وفي الأسفل ساق علقت في حذاء عسكري.. ومن تحت الركام لا تزال السيدة تصدح.. “عايزنا نرجع زي زمان؟…أول للزمان إرجع يا زمان…”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى