المناضلات يعشقن أيضا/النانه لبات الرشيد
،،و أبتسم حين أتخيل كيف يمنع نفسه الكتابة لي، ذلك أن النسيان محال و أني أجد ما يجد من صراع..
بخيمة عملاقة، مزركشة، ضجت أصوات نسوة العرس الوافدات من كل جوانب المخيم لحضور زفاف بنت مديرة المدرسة، كن على موعد مع المرح في يوم تمتزج فيه أشعة الشمس الحارقة برياح غربية خفيفة باردة لتخلق مناخا هجينا.
بدأت الخيمة على اتساعها تضيق،النسوة يصلن تباعا، زرافات ووحدان، و كنت و قد وصلت بوقت مبكر، أجلس بعزيمة الفرجة و تتبع حكايات المخيم المتناثرة بين أوتار الحوارات المتباينة.
كانت الخيمة مرفوعة الجوانب، كأننا نجلس تحت قبة قماشية معلقة بالسماء.. كانت هناك شابة أنيقة المظهر تطوف علينا بقنان العطر و أخرى أصغر منها سنا و أقل إدراكا منها لضرورة المجاملة توزع أقداح الحليب و أطباق التمر .. بجانبي طفل فوضوي، أخذ يلعق بسبابته بقايا صحن “قشطة” صغير..سألته :لماذا لا تتناول القشطة مع التمر بدل لعقها هكذا و قد اتسخت ملابسك و يديك، فأجابني:”ألا ما ريتو، أثركم بكيتو منو شي “” .. و قهقهت إحداهن لطرافة جوابه.
اختارت لالة مكانا من الخيمة غير بعيد مني، وصلت تمشي بتؤدة تستند إلى عكاز دون أن تظهر حاجتها له، كانت جميلة جدا بخصر متناسق، و سيقان بضة ممتلئة، كانت ترتدي “ملحفة” وردية، جعلتها تبدو شابة رغم توسطها عقدها السادس، لفتت انتباهي مذ تزاحمت بدلال و غنج مع صديقات لها بمدخل الخيمة.
قبل عام ترملت لالة، و قبل أن تشيخ كان زوجها الراحل وافر الحظ بامتلاك جمال كالذي خلدت أثاره بمحياها، ما تزال ابتسامتها ساحرة، و تشي زرقة عرق صغير بذقنها ببشرة طفولية رغم قسوة اللجوء..
-و أخيرا رأيناك عجوزا تمشي بعكاز، قالت إحداهن تمازحها، فأجابت لالة: لا و ربك، لقد قال صديقي أن ” إبليس ” لا يسكن غير ذوات العكاز، عليكن أن تعرجن كي تعشقن.. كانت تخفي ألم فقد عظيم… لكنها بدت مزهوة بماضيها الجميل، حد التندر بقصص حبها الجديد الخرافية.
فكرت، أنه يتطلع لقتل جبنه فيه، و مواجهة نفسه، فهو يعلم أني قد أجعل من خيبته “عكاز لالة”، لتكون الخيبة صفة محببة، لكنه يفضل أن يجعلني خطيئته التي يعلق عليها فشله و انتكاساته .
مخيم بوجدور 26 مارس2018
97 تعليقات