“هموم الهوية”.. معرض في بيروت لفلسطينيين من رواد حركة الفن الحديث
ويضم معرض ”هموم الهوية“ الذي افتتح يوم الثلاثاء 28 عملا للفنانين نبيل عناني وسليمان منصور وتيسير بركات وفيرا تماري. وتعود هذه الأعمال إلى مجموعاتهم الخاصة ومجموعة النمر الفنية ومجموعة رولا العلمي.
وكان الأربعة أسسوا في خضم الانتفاضة الفلسطينية الأولى جماعة ”التجريب والإبداع“ بصفتها إطارا يجمع بين فنانين منغمسين بصورة كلية في ممارسة فنية تطمح إلى تعبير جماعي عن تطلعات الفلسطينيين للتحرر بحيث قدمت أعمالهم الجديدة هامشا لمزيد من مساحات التجريب والإبداع باستخدام خامات البيئة الفلسطينية.
وقد بلورت أعمال هؤلاء الفنانين الجماعية فضلا عن أعمالهم الفردية التي تم إنتاجها في السبعينات طرقا يمكن للفن من خلالها أن يصبح وسيلة ترويج لمقاومة الاحتلال وأداة للتوعية المحلية.
الحضور إلى بيروت والذي كان الأول بالنسبة لكل من تيسير بركات ونبيل عناني لم يكن سهلا بأي حال كما رافقته كثير من التحديات كما يحكي رامي النمر مؤسس وصاحب دار النمر.
وقال النمر لرويترز ”أمر بحد ذاته شكل صعوبة كبرى توازي صعوبة نقل الأعمال من فلسطين إلى لبنان التي هي شبه مستحيلة“.
وأضاف ”لم يكن سهلا زيارة رواد الفن المقاوم للاحتلال الإسرائيلي إلى لبنان، وذلك تطلب معاملات رسمية وأيام سفر طويلة متعبة لهم“.
وفي ندوة تزامنت مع افتتاح المعرض وأدارها الفنان الفلسطيني الشاب عامر الشوملي تحدث الرباعي المخضرم عن تجاربهم الفنية وحركة الفن الحديث بالأراضي الفلسطينية.
في البداية تحدث عناني (76 عاما) عن تاريخ الحركة الفنية الفلسطينية ما قبل 1948 التي لم تكن متحدة في حركة أو تجمع واحد وعرض للرموز الدينية والتاريخية والبيئية وعلاقتها بالهوية.
وقال ”الفن الفلسطيني كأي بلد فيه ثورة، طغى عليه أسلوب الرموز الكثيرة وكل فنان كان لديه رموزه الخاصة التي تستفز الإسرائيلي، بدءا من العلم الفلسطيني الذي كان يسبب هستيريا للإسرائيليين قبل أن تأتي السلطة، وصولا إلى المرأة كرمز للوطن والولادة والاستمرارية، والحمام والقبضات والأسلاك الشائكة، وكنيسة القيامة والتطريز والمفتاح والكوفية والزيتون والبرتقال، ثم الخيمة والسلاح كرمز لفناني الخارج، والحصان لكونه رمز الثورة والخارطة الفلسطينية من البحر الى النهر“.
من جانبه عرض سليمان منصور (72 عاما) تطور الشكل الاتحادي والمؤسساتي للفن التشكيلي بالأراضي الفلسطينية بدءاً من رابطة الفنانين التشكيليين التي نظمت أول معرض في القدس عام 1972 وصولا إلى إقامة فروع لها في رام الله والبيرة وغزة والخليل والقدس.
وتطرق منصور للجهود التي بذلت من أجل تأسيس كلية للفنون في جامعة بيرزيت قائلا ”الاحتلال يمنع هذه الكلية تحديدا وكلية الزراعة لأنه يعتبر أن التدخل بالأرض ممنوع والفن الذي يجسد الاحتجاج والتعبير عن الذات والوطن ممنوع“.
أما تيسير بركات (60 عاما) فتحدث عن كيفية انتقال الفن التشكيلي من الاقتصار على الرموز إلى لغة بصرية معاصرة عميقة والخروج من النمطية ومتطلبات السوق والتحرر من المؤثرات الخارجية وهو ما جسدته حركة “التجريب والإبداع“ التي أسسها الفنانون الأربعة.
وقال إن هذه التجربة أورثت توثيق القضية الفلسطينية في الفن لبناء الذاكرة الجماعية من جيل إلى جيل.
واختتمت فيرا تماري الندوة بعرض لتاريخ الفن المعاصر ووصوله إلى الأراضي الفلسطينية بعد عام 1994 واتفاقية أوسلو التي تقول إنها ”أعطت أمل في حينها لعودة الدولة والتطلع نحو المستقبل حيث شهدت فلسطين نهضة عمرانية وعودة الفنانين من الجغرافيا المشتتة، لكن للأسف اكتشفنا لاحقا أنها فترة غير حقيقية“.
وتذكرت كيف أدخل فنانون فلسطينيون وصلوا إلى العالمية أمثال سامية حلبي ومنى حاطوم وإميلي جار وخليل رباح وخالد حوراني الفن المعاصر إلى فلسطين.
وقالت ”شكل هؤلاء مع فناني الداخل والضفة لغة جديدة متعددة ومتشابكة في العمل الفني فيها نقد وتحليل“.
ويستمر المعرض الذي يضم أعمال الفنانين الأربعة حتى 25 مايو أيار.