نحو الصميم ودون التفاتة / فاطمة حنن
يُخْطِئ من يجعل من رضى الناس معيارا للسلامة، إذ “لا يخلو مخلوق من عيب، فالسعيد من قلت عيوبه ودقت”، وواهم من توقع ألا يتعرضلطعن وتحامل الآخرين، فهذا -في الأصل- ديدن الخلق وأسلوب جُبِل عليه.
ويوجد من العاجزين عندما تضيق بهم السبل ويوقفهم الفشل عن التميز والتفوق، من لا عطاء له ولا إسهام، سوى الهرع إلى الهرج، كونه لميحسن بضاعة، ولم يتُق للتدافع والتكامل، بدل التمني والخصومة.
مهما بلغ الإنسان من اللطف والأخلاق والأدب فلن يسلم من كلام الناس، ولا يوجد إنسان خال من العيوب في النهاية، و التمام لله وحدهسبحانه وتعالى .
فعلى الإنسان المسلم أن يعامل الناس بما يُرضي الله وبما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدل والإنصاف ومحاسن الأخلاق، ثملا يهمه ما يقول الناس عنه، فعدم المبالاة بكلام الناس سبب لراحة العقل والبال ..
قال الإمام ابن حزم -رحمه الله-: ” باب عظيم من أبواب العقل والراحة، وهو ترك المبالاة بكلام الناس”.
وسُئلَ الإمَامُ أحمَد بِن حَنبل -رحمه الله- مرة، كَيف السّبيل إلى السّلامة مِن النّاس؟
فأجَاب: تُعطيهِم ولا تَأخُذ مِنهُم، ويؤذُونَك ولا تُؤذِيهِم، وتَقضي مَصالحهُم ولا تُكلفُهم بِقضَاء مَصالِحك ..
قِيل له: إنّها صَعبةٌ يا إمام..؟
قَال: وليتَك تَسلم!
و يقول الإمام الشافعي -رحمه الله -: “احرص على ما ينفعك ودع عنك كلام الناس فإنه لا سبيل للنجاة من ألسنة الناس”.
ولك أن تستقبل بروح رياضية كل الانتقادات، فإن كان فيك ما قيل حقيقة فما عليك إلا أن تحاول التخلص من هذه الصفة وتتلقى الانتقادبصدر رحب بل وتشكر من وجّه لك هذا الانتقاد، و إن كان ما قيل عنك زوراً وبهتاناً فقل لنفسك: “إنّ الناجح دائماً يواجه الكثير منالانتقادات”.
إن من يفكر كثيراً في كلام الآخرين عنه، يكون قد أرهق نفسه واستنزف طاقته، إذ يؤدي هذا الشعور إلى تحطيم النفس وعرقلة مسيرةالحياة، ولنبدأ العمل جاهدين على تطوير ذواتنا و إن كانت لدينا أهداف معينة فيلزم بذل قُصارى جهدنا للوصول إليها ويحسن أن نفعل مايحلو لنا ما دمنا نعرف بحق أنه يرضي مولانا ..
دون أن نهتم كعقلاء بتعالي أصوات الغاضبين والمتصيدين الذين لا طموح لهم سوي البغض والتشويش، ولا الكائدين والمحبطين الذين عجزواعن الإسهام، وعًزًٌ عليهم النجاح وتقديم صورة الإنسان البصير الواعي والمتوازن.