قراءة في مجموعة القصص القصيرة جدا (الزقوم) للشيخ بكاي (4) / النجاح بنت محمذن فال
ومن القصة القصيرة جدا صورة نصل الى قصة قصيرة جدا اخرى هي :
غزلان
ركضت غزلان بين السحب في الغيم الأبيض…
نادى الملاك: “…يا أهل الجنة خلود فلا موت”…
رتل الربيع سُوَّرَ “الدخان” و”الواقعة” و”الرحمن”..
-الغزلان
-السحب
تتعدد الأحلام بما تمثله الغزلان ، التى جاءت مسندة إلى فعل ركض فى الماضى المفرد ، بينما وردت الغزلان فى صيغة الجمع ليكتمل التكثيف ، والتأزيم بتعدد الالفاظ الدالة على المكان بدلالته الاحتوائية – السحب، الغيم ، مدار الركض .. لتتوالى أحداث القصة القصيرة جدا على مستويين :
المستوى الاول: التحليق بعيدا بالحلم المتعدد هنا :”ركضت غزلان”
المستوى الثانى : عالم الخلود ،الملاك ،الجنة –
ويكتمل الانشراح فى القصة بنفي الموت بعد الجنة أي بتحقيق الكمال الوجدانى بعد حصول هذا المشهد: ” ركضت غزلان بين السحب فى الغيم الابيض”..
هناك إذا عدة مستويات من الجمال..
تداعب مختلف مظاهر الكون مجسدة فى الطبيعة أحيانا:
غزلان، سحب ‘ غيم
وأحيانا ، تتراءى فى عالم الخلود :
الاملاك ، الجنة
البقاء فى إيحاء نفي الموت:
فلا موت
وتتحد هذه المستويات الجمالية لتحدث كثافة نوعية يتلوها وهج أطل من خلال أحد شخوص القصة ..
إنه الربيع الذى يرتل سورا ثلاثا هي من عبق الموروث الدينى (اشوايل الاخرة ) اتت لتعزز كثافة جمال هذه العوالم او بالأحرى لتحميها لتكون بمثابة خاتمة ..
خاتمة تعود بالأبطال الى حياة أخرى غير التى لاحت فى افق الغزلان والغيم ، بما تحيل إليه من توظيف للطبيعة فى نسقها التفاؤلى.. بل هي حياة تتراكم فيها صور الإبهام ،والقلق، والتناقض ، إذ البطل من سرب الطبيعة ، لكنه يلجأ الى أكناف الغيب ، فيلوذ به هروبا من عالم الطبيعة فى سور قرءانية من ضمن رمزياتها الكثيرة ما فى سورة الدخان من العذاب الاليم (فارتقب يوم تاتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذاعذاب اليم )ولايفتأهذا البطل الهارب من سربه (الطبيعة ) يلوذ بالغيب مجسدا الأزمة الوجودية فى المصير المحتوم ( الواقعة )
ثم مايلبث ان يغوص فى البيان وسحره ، مستلهما من سورة الرحمن ( خلق الانسان علمه البيان) ياتى كل ذلك فى انسجام مع ما تتطلبه القصة القصيرة جدا من الجمع بين المتناقضات والاضداد . ممثلا فى تفاؤل بالطبيعة ثم الغوص فى التشاؤم الوجودي المنبعث من وجود عذاب بعد الجنة !
وجع
غنت سنبلة القمح كلاما بقيع السراب.. عانق الشوق مهيضُ الجناح الزمنَ، وانثال الوجعُ من ذاكرة الطائر الصديان..
الغناء فى رمزيته للبقاء
السنبلة فى إحائها إلى الحياة
والشوق فى إحائه الشعورى المغذى للعاطفة والوجدان ..
بهذا تبد ا القصة القصيرة جدا -وجع-
اما المكان فهو قيع سراب حيث الخيبة فى مصير أزلى محتوم مقدر على الاشرار (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا …)
وبين الهجر والعناق مسافة ..اي بين الغناء فى قيع السراب والعناق والشوق ثلاث مسافات تختصر الزمن المهيض الجناح .. اما الوجع فيهزمه هذا السراب ، فماذا لوكان حقيقة ؟
تنبع كثافة الوجع من اتحاد عنصرين من عناصر الطبيعة هما السنبلة والطائر مهيض الجناح المتحد مع الزمن القابل للانكسار لصلته بطائر فى مايرمز لتقلب الاحوال وعدم ثباتها على مسار واحد.. ويتعزز الانكسار حين يكون الطائر مكسور الجناح حتى تتسنى هزيمة الزمن وينثال الوج