المرأة في الشعر العربي .. وفي وجدان الشاعر/ النجاح محمد محمذن فال
بها تغنوا وعنها حدثوا ..حكايات شجن وشجي مفعمة بالانوثة تارة بأدوات واحيانا دونها زينة خلقية وزينة مادية كانت العربية اداة لنقلها تاخذك الي جمال الانوثة بلاد لذلك اسرج الشعراء قصائدهم
فكانت شحنة الانوثة اجمل ما اصطادت العربية ، حيث القصيدة انثي ..والقافية انثي.. والمراة أنثي والزينة انثي ..
فتكت الانوثة بوجدان الشاعر العربي
فذرف الدموع ولم يكتف بها بل اسقط ذلك علي أنثاه
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي
بسهميك في اعشار قلب مقتٌل
تاتي العيون في الاساطير اليونانية المستمدة من إلهة الخصب والجمال عشتار كمصدر للدموع الموحية بالم الفراق ولكنها هذه المرة تاي إسقاطا لصفة الجرح التي تحدثها السهام ليتم توظيفها كإلة سطو ولذلك جاء البيت مشحونا بالتثنية والتضعيف والجمع احيانا ( عيناك ؛بسهميك ،اعشار مقتل )كل ذلك
ملحمة صاغها الشاعر من اجل لقاء مكانه الاول خدرها المحاط بالاحراس ..فهي المصون ذات الجمال المتحد مع بيض النعام (كانهن بيض مكنون
أما الثاني فقد وظف له اركان ملحمة يتزاحم فيها الزمان مع المكان .. الخدر بطن خبت الحقاف
اما الزمان فهو وسط الليل حيث تتعرض الثرياء واوجارتها الجوزاء وسط السماء وتحفها النجوم كما تحف أثناء وشاح مفصل بانواع الحلي فتاته تداعب العربية كلا من المكان والزمان في ملحمة لقاء تكتنفه ابيات قليلة ..
وَبَيضَةِ خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُها
تَمَتَّعتُ مِن لَهوٍ بِها غَيرَ مُعْجلِ
تَجاوَزتُ أَحراساً إِلَيها وَمَعشَرا
عَلَيَّ حِراساً لَو يُسِرّونَ مَقتَلي
إِذا ما الثُرَيّا في السَماءِ تَعَرَّضَت
تَعَرُّضَ أَثناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ ملحمة لا تقصي العربية منها الزينة النسائية المادية فيحضر الوشاح المفصل بانواع الحلي كناية عن التفرد وغياب الرقيب ..
وقد جادت قرائح شعراء العربية بمالم يتسع له خيال غيرها من قدرة علي تطويع اللغة لصالح الزينة النسائية : إن خَلقيا أوماديا ..فهذا ملِك اللغة والخيال امرؤالقيس يسبح في بحر الزينة النسائية متلبسة في في شخوص يصنعون الحدث ألا وهو حدث اللقاء المستمد من عنصر الزمان المشار إليه بتوقيت النوم
فَجِئتُ وَقَد نَضَّت لِنَومٍ ثِيابَه
لَدى السِترِ إِلّا لِبسَةَ المُتَفَضِّلِ
خَرَجتُ بِها أَمشي تَجُرُّ وَراءَنا
عَلى أَثَرَينا ذَيلَ مِرطٍ مُرَحَّلِ
ومع ذلك فهو يواري ويخدع نفسه حين يغيب الاثواب إلا لبسة المتفضل وفجاة يظهر ثوب المرط الطويل القادر علي إخفاء الآثار
خَرَجتُ بِها أَمشي تَجُرُّ وَراءَنا
عَلى أَثَرَينا ذَيلَ مِرطٍ مُرَحَّلِ
عنديذ يكون شخوص هذا اللقاء المكان الزمان الثوب والعاشقان إلا انالبطل الرىيس هو الثوب في تجلياته المختلفة ( لبسة المتفضل ،مرط مرجل)
ياتي كل ذلك بعد ان تداعت العربية لتشبع الشحنة الانوثة الباعثة علي اللقاء ثم لتتناغم مع مقتضيات الزينة النسائية لنستمع إليه عنما يستحضر جمال بياض فتاته كيف تطيعه العربية ليوزع شحناته الجمالية علي كل مايرتبط باللقاء من ادوات ..
هَصَرتُ بِفَودي رَأسِها فَتَمايَلَت
عَلَيَّ هَضيمَ الكَشحِ رَيّا المُخَلخَلِ
مُهَفهَفَةٌ بَيضاءُ غَيرُ مُفاضَةٍ
تَرائِبُها مَصقولَةٌ كَالسَجَنجَلِ
كَبِكرِ المُقاناةِ البَياضِ بِصُفرَةٍ
غَذاها نَميرُ الماءِ غَيرُ المُحَلَّلِ
تَصُدُّ وَتُبدي عَن أَسيلٍ وَتَتَّقي
بِناظِرَةٍ مِن وَحشِ وَجرَةَ مُطفِلِ
وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِفاحِشٍ
إِذا هِيَ نَصَّتهُ وَلا بِمُعَطَّلِ
وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ
أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ
غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلي
تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ
وَكَشحٍ لَطيفٍ كَالجَديلِ مُخَصَّرٍ
وَساقٍ كَأُنبوبِ السَقِيِّ المُذَلَّلِ
وَتَعطو بِرَخصٍ غَيرِ شَثنٍ كَأَنَّهُ
أَساريعُ ظَبيٍ أَو مَساويكُ إِسحِلِ
تُضيءُ الظَلامَ بِالعِشاءِ كَأَنَّه
مَنارَةُ مَمسى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ
وَتُضحي فَتيتُ المِسكِ فَوقَ فِراشِها
نَؤومُ الضُحى لَم تَنتَطِق عَن تَفَضُّلِ
إِلى مِثلِها يَرنو الحَليمُ صَبابَةً
إِذا ما اِسبَكَرَّت بَينَ دِرعٍ وَمِجوَلِ
يوظف الشاعر هنا العلاقة الإسنادية ليتخلص من اعباء العشق ويسنده إلي فتاته فباستثناء الفعل هصرت ُ تاتي كل الافعال مسندة إلي الانثي (تمايلت ، غذاها نمير الماء ، تصد ونبدي ،وتتقي ، إذا هي نصته ، وفرع يزين المتن ، وتعطو برخص ، تضيء الظلام…… )
واللافت ان كل الصفات الجمالية خارقة ( هضيم الكشح ، ريا المخلخل ، بيضاء ،ترائبها مصقولة ، تنير الظلام بالعشاء ) غير ان البيت :
تنير الظلام بالعشاء وتتقي
بناظرة من وحش وجرة مطفل
يتعدي سمات الجمال الخلقي والمادي إلي مسالة القيم فالحياء هنا مصدر إلهام مستمد من تشبيهها بذات صغير من وحش وجرة العريق لاتستطيع ان يفارق نظرها فتتقي نظرات الشاعر حياء ..
اما عمر بن كلثوم فلايقيم كبير وزن للزينة المادية وإنما تتمثل شحنة الانوثة عنده في جانبها الخَلقي
ترِيْكَ إِذَا دَخَلَتَ عَلَى خَـلاَءٍ
وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَـا
ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ
هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَـا
وثَدْياً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخِصـاً
حَصَـاناً مِنْ أُكُفِّ اللاَمِسِيْنَـا
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سَمَقَتْ وطَالَـتْ
رَوَادِفُهَـا تَنـوءُ بِمَا وَلِيْنَـا
وَمأْكَمَةً يَضِيـقُ البَابُ عَنْهَـا
وكَشْحاً قَد جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَـا
وسَارِيَتِـي بَلَنْـطٍ أَو رُخَـامٍ
يَرِنُّ خَشَـاشُ حَلِيهِمَا رَنِيْنَـا
فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ
أَضَلَّتْـهُ فَرَجَّعـتِ الحَنِيْنَـا
ولاَ شَمْطَاءُ لَم يَتْرُك شَقَاهَـا
لَهـا مِن تِسْعَـةٍ إلاَّ جَنِيْنَـا
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّـا
رَأَيْتُ حُمُـوْلَهَا أصُلاً حُدِيْنَـا
فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَـرَّتْ
كَأَسْيَـافٍ بِأَيْـدِي مُصْلِتِيْنَـا
تتزاحم النواحي الجمالية في العربية لتجعل من الانوثة مقصدي ومبتغي ولئن تصور البعض دموع الطلل متاتية من حسرة الفراق فإنها تاتي ايضا عند اللقاء كمافي قول امرىء القيس
وماذرفت عيناك ، البيت ،فتتمددالعربية لتحتضن اللقاء والفراق معا في ابهي الحلل لتتحلي بكل مناحي الجمال