استيقظي يا حبيبتي، فالصباح ينتظر، والزهور تتهيأ لتنشر بتلاتها المخملية، والهلال يرسم ابتسامته النحيلة، ليكون أوّل المحتفين، يا نؤوم الضحى التي تغنّى بها الشعراء،افتحي عينيك بتكاسل لأطُل من شبابيكهما على هذه الدنيا الشارعة في الاحتفال، تعالي لننضمّ لمهرجان الصبح المؤتلق، ونتلفّع بغلالاته الرقيقة، وتمسّ أدمتنا رعشات الندى الراشحة من وجنات الزهر، تعالي نشارك الكون احتفاليتهّ العارمة!
يقولون إنه عامٌ جديد،والزّمن يواصل مسيرته على جسور أعمارنا الواقفة،فلنقتنص هذه اللحظة إذن،قبل أن تسرقها منّا أيدي الماضي الخاطفة، وتواريها في سجلاتها المعتمة،فاللحظات بروق تومض وتنطفي، ولم يبق على الشرفة إلا أنا وأنت، وتحتنا عالمٌ لاهٍ بذاته، تعالي ننتهز غفلته، قبل أن يحوّل انتباهه نحونا، فنتعرّى تحت نظراته الفاحصة، ونتعثّر بخجلنا مستدركين مغبّة السقوط!
إنّها مرّتنا الأولى، فدعينا لا نهدرها تحت عجلات اللامبالاة، فلنحافظ على وحدتنا محصّنة، ولا نتبعثر في عرض هذا الزّحام الغامر!
تعالي نمسك بهذا الطوق الذي ألقاه إلينا قدرٌ حنون، حتى نبلغ مرفأ الأمان،ونلقي نظرة الوداع على العام الراحل، حتى يتلاشى موكبه في سديم الأفق، وأكفّنا محتضنة بعضها بدفءِ الواثق، ونظراتنا معتنقة بعضها بشغف العشاق، وابتساماتنا مؤتلفة بفرح الناجين من لعبة خاسرة وممتلئة بيقين المقبلين على جولة ظافرة!
تعالي نأوي إلى خيمتنا إذن، ونصيخ من بعيد إلى أصوات العالم الصاخبة، التي تبعث أصداؤها في نفوسنا شجىً يؤبّد اللحظة و يفتح النوافذ على بهجة الوعود القادمة