canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

وَدَاعاً أيّتها الأحزَان: ترَانِيم وَدَاع عامٍ أفَل واستقبال عامٍ أقبل! /محمّد محمّد خطّابي

ا قد حال الحوْل.. وها هو ذا التاريخ يعيد نفسَه، وقيّضَ الله لنا أن نجتاز بسلام آمنين عاماً آخر خطيراً ،شرّيراً، مريراً حافلاً بالمخاطر والويلات والأهوال، والهواجس والمخاوف تحت وطأة مخالب الجائحة  الجارحة المُرعبة التي سرعان ما تحوّلت الى مُتحوّرات أخطبوطية فتّاكة  متعدّدة الأرجل والأذرع والمثالبـ بثّت الرّعبَ والهلعَ فى قلوبنا، وقضّت مضاجعَنا، وهدّت أنفسَنا، وأثقلت كواهلنا،وغيّرت حياتنا ،وأحالت مقامنا فى هذه الدنيا إلى جحيم مقيم.. رَبَّ العباد إرفع عنّا هذا الوباء اللعين الذي ما فتئ يخبط خبطَ عشواء  عمياء بيننا، ويزهق أرواحاً بريئة من أقاربنا، وأحبابنا، ومعارفنا،وجيراننا ..وانشرْ اللهمّ السّكينة والطمأنينة والأمنَ والسلامة بيننا إنّك عليم بذات الصدور.

فجأةً إنطفأت الأضواءُ في كلّ مكان ، وطفق العناقُ تلوَ العناق، الصّادق منه، والمائق، والزّائف، والدّافئ ، ودارتِ  الأكواب الدّهاق،المُترعة حتى الثّمالة،ووُزّعت الصّحون الممتلئة بكل المأكولات الشهيّة المُعدّة خصّيصاً لهذه المناسبة التي تتكرّر كل نهاية عام ومطلع الآخر ، البطونُ بالطعام المُزّ، والشّراب المُرّ، ووزّعت الشموع والبلونات الملوّنة،وعلّقت القناديل المضيئة، وتمّ إيقاد الشمعدانات المذهّبة الكبرى ذات الأيدي الأخطبوطية المتشعّبة ،التي يكاد زيتها يضيئ حيناً، ويخبو حيناً آخر، تسطع،وتتراقص،وتخفت أنوارُها فى رومانسيّة حالمة، خافتة ،تتأرجحُ فتائلها فى خَجلٍ بفعل الرّقصات الصّاخبة ،وإهتزازات وتطاير تنّورات الصّبايا الحِسَان، المكان يملأه الأثاثُ المزخرفَ، والأواني المزركشةَ، والألوان الزّاهية، والمآدبَ الفاخرة،والمصاطب العليا،ومشروبات الكوكتيل الشهيّة الملوّنة، ودارت صواني طحالب السُّوشي اليابانية البحرية، وبطارخ الكافيار الرّوسيّة، والإيرانيّة الثمينة،وشطائر أسماك جاوة النادرة، وشرائح السَّلمُون النرويجي المُدخّن !.ومن خلال زجاج النوافذ المُشرعة تتراءى من بعيد الشهُب الإصطناعية البرّاقة التي تملأ الفضاءَ الفسيح،والتي تكاد تُغشى الأبصار، والحديث ذو شجون،وبعضُه ضربٌ من الجنون والفنون ، يجرّ بعضُه بعضاً،إنهم ينتظرون، ويرقبون، ويترقّبون،ويراقبون وصول ساعةَ الصّفر، ملأت الأجواءَ حرارةُ المكان، وما فتئوا يفرحون، يمرحون، يعبثون، يتشاجرون، يتصالحون،يتعانقون، يصيحون، يُغنّون، ويُهلّلون،في استقبال العام الجديد ..!

مُنتصف اللّيل..

جاءتهم ساعةُ الصّفر إليهم تُجَرْجِرُ أذيالها ، ومعها  تدنو وتقتربُ لحظةُ الهَوَس، والنَّزَق، والفرح والمرح، وها قد أزفتْ هنيهةُ (توديع عامٍ – وإستقبال آخر).. فإذا الحناجر تصيح بصوتٍ جهوري: أطفئوا الانوار…. وأوقدوا الشّموعَ،والقناديل، وانثروا الضّياء ..فإذا الوجوهَ باشّةً هاشّة ً ضاحكة، وإذا القلوبَ تخفق سعادةً وهناءةً وحبوراً، وتلمح الاجسام ترتمي فى جَذلٍ نحو أخرى لتُعانقها مهنّئةً إيّاها بإنسياب حِقبةٍ من الزّمان وإنقضائها، وبزوغ أخرى. كلّ المدن، والحواضرالكبرى تسبحُ في ثبجِ فضاءٍ أثيريٍّ بهيج ، وأضواءُ النيّون ملأت الدّنيا، إنتشرت،وسطعت في أماكان بعينها، وإستمرّ الظلامُ الدامسُ مُطبِقاً في أماكن أخرى، كثيرون منّا يجهلونها ، قليلون منّا يعرفونها ..عاقرت الكؤوسُ بعضَها بعضاً، وإنفرجت الأشداقُ من فرط القهقهات ، وزاغت العيونُ من فرط النظرات ، وانتفخت الأوداج، وتاهت العقول وعلت أصوات  المزامير والطبول  .

المنسيّون،المُهمّشون ما فتئ يلفّهم البردُ القارس الزّمهريرالذي يَصْلىِ المَقْرورَ، ويُبيحُ كلّ محظور، ويُجمّد الثلجَ الصقيعُ المتكاثفُ الجسومَ النحيلة، وأبدانَ عاصبي البطون المُرمّلة الهزيلة ، الذين  يمزّقُ الطوى أوصالَهم ، ويُغلفهم البؤسُ والتعاسةُ، ويسكنهم الضنكُ،والنكد وتسربلهم الكآبة، لدى الآخرين  المحظوظين هناك دائماً وفرة، وزيادة، وغزارة ،وهناك تضخّم فائض، أو فيضٌ متضخّم،وبالمقابل دائماً هناك ثَمَّةَ عَوَزٌ، وخصَاصَةٌ ،وفاقةٌ،وفقرٌ، وإحتياج ،وقبضٌ من ريح، وحصادٌ من هشيم.

ها قد  حال الحَولُ، ودار الزّمانُ، وتوارىَ العام ، وتوارت معه أحزانُنا، وأتراحُنا، وبعضُ أفراحِنا، وجذلِنا،ومآسِينا، وإستقبلنا في ذاتِ الوقتِ عاماً جديداً لا زالت أيامُه، ولياليه في طيّ المجهول،وخبايا الكِتمان ،وعِلم الغيْب. ها هو ذا عامٌ آخر من أعوام البشرية قد هَوَى، وإنْزَوَى، وَمَضَي إلى حالِ سبيله، لينسابَ كالسّيلِ العارمِ العَرَمْرَم، أوالأتيِّ المنهمِرالضّائع بين أخاديد أيّامنا المنهوكة، يذوي بين طيّات الزّمن،وثنايا النّسيان، وثبج السّنين، ويتبخّر فى معارج طِباق السّماوات ، ومدارج سديم الفضاءات السّرمديّة الأثيريّة، اللاّنهائية، واللاّمنتهية، واللاّمتناهية لينضمّ إلى سلسلةِ عقودِ الأعوام المنصرمة التي ولّتْ،ومضتْ، وإنقضتْ،وتوالتْ، وذهبتْ لحال سبيلها بدون رجعة..!

أزهارُ بودلير

 كان صاحب أزهار الشرّ أو أزهار الألم ”  شارل بودلير” يكره الليل،لأنه كانت تقوى فيه عليه وتتفاقمُ آلامُه المُبرحة،كانت تتراءى له فيه هوّة عميقة ،حالكة ، سحيقة، لا قعر، ولا قاع لها أودت به فى آخر المطاف إلى التّوى، ثمّ فى جُنحه حاق به الرّدى،فقد كان يشمّ فيه- كما كان يقول- رائحة القبور.أواني الورد  لديه، ومزهريّاته لا تكلّل سوى ب” أزهاره الشرّيرة” الملعونة الفحشاء ، وهو معذورٌ على كلّ حال ، فهو فنّان معنّى، ومُبدعٌ معذّب، وعليل لا يشاطر الناسَ، ولا السّامرين شغفَهم بالليل، وهيامَهم بحلكته،إنه نقيضُهم على آخر الخط، وهو يعي جيّداً ما يقوله ويعنيه.

طاغور العظيم

وهذا هو ذا  “طاغور”العظيم في ” إنتقام الطبيعة” يؤكد لنا  أنّ إنشطارالليل والنهار لايهمّه،ولا إنقسام الشهور،ولا الأعوام ، فتيّار الوقت عنده قد توقّف ، يرقص الزّمنُ على أمواجه، و يتمايل القشّ و تميس الأغصان،هو وحيدٌ تراه، مُجندلاً، كئيبباً، وحيداً في هذا الكهف المظلم المدلهمّ، منغمراً في نفسه ، منهمكاً في ذاته، منهوكاً بفكره ،والليل الأسودُ، الأبديّ، البهيمُ ،ساكنٌ كبحيرة جبلٍ نائيةِ المَدىَ، بعيدةُ الغُور،عميقة القرار، تخافُ عمقَها نفسُه ،الماء ينضحُ، ويرشقُ،وينساب، ويقطر من الشقوق المُبلّلة، وفي البِّرك الناتئة، والغُمُر المُوحلة، والتِّرع الآسنة تسبح الضفادعُ العتيقة ، إنّه حبيسُ ذاتِه ،ينشد ترتيلةَ اللاّشئ… إنّه  مخلوق حرّ.!

سارقة الضّياء

كانت الأسطورة تقول في الازمان الغابرة : كان البدائيّون يبكون أفولَ الشمس ، وغيابَ القمر،وكانوا ينتحبون سدولَ الليل،ذلك أنّ الليالي كانت تسرق منهم الضياء، وتحرمهم من الدفء، وتطويهم تحت جبّته العملاقة الحالكة ، وتبتلع كلّ شئ..والآن تَرَى النَّاسَ يهلّلون لمقدمِ الليل، ويضجرون من وضح النهار،ذلك أنّ الليلَ فى عُرفهم ساكنٌ،راكنٌ هادئٌ، حالم سماوى،لا حرّ ولا قرّ فيه،من أين يأتي الحرُّ، ومن أين يجيئ القرّ ،وهناك العديد من المدفآت،والمبرّدات،ومكيّفات الهواء، والمراوح،والرّيش، والطنافس،والسجاجيد،والألحفة التى بمقدورها التحكّم في  قيظ الحرارة، أولسعة البرد حسبما شاؤوا، أوأرادوا، إنّهم مُحقّون في ذك لا ريب ، فالنّهار ليس لهم، إنّه للكادحين، والعسيفين،المُتعبين، الذين يعملون في الحقول، والمغاور، والمعامل، والمَصانع، والمَزارع، والمَقالع، والمَدامع، والمَعادن،أمّا الليل فهو ملك لهم ، أفرأيتَ إذن كيف إنقلبت  الآية.؟ أفرأيتَ الآن كيف أنّ النّاس كانوا يتشاءمون ،ويستاؤون من غياب النّهار، وأفول الشمس وانتشار الظلام ..؟! ،

أوَارالحروبُ

الكلّ يصيح ،والكلّ يرقص طرباً ،ويضحكُ  جذلاً بفرحة مَقدم العام الجديد،منتشياً ببنات  الدّوالي والكروم، وبهاجس إنسياب الزّمن، وزواله وإندثاره، فتنضحُ عنه ،ويستبشرُ بها خيراً في إستقبال العهد القادم المهروِل، تُرىَ ماذا يحمل تحت جناحيه وأعطافه  وشغافه وثناياه هذا اليعسوب الأثيريّ الطنّان الذي لا يتوقّف عن الزَنِّ  والرنّ والتحليق منذ الأزلْ، ولم يزلْ، تُرىَ ماذا يُخفي تحت أجنحته..؟ أَ شَهْداً حُلواً مُصفّى وتَمْرَا..؟ أم حنضلاً مُرّاً وصِبْرا..؟ الكلّ ينشد السعادةَ،والهناءةَ، في عالمٍ مشحونٍ بالرّداءة،والكآبة، والشّقاءوالضنك والنكد .

 تفاقمت الحروب في منطقتنا ، وعلت نارها، وإشتعل أوارها،وحمي وطيسُها، نمتْ وإستشرت الفِتنُ، والقلاقلُ، و وتفجّرت الثوراتُ في مختلف أصقاع المعمور ، وفي أماكنَ بعينها من العالم ما زالت رحى الحرب الممقوتة تدور بثقالها وثفالها الكريهة وستظلّ إلى أجَلٍ غيرِ معلوم ..في تلك البقعة النائية من العالم حيثُ القومُ الذين وُهِموا بالهداية والنّصر،ما برحوا يحتسون نُخبَ العام الجديد في جماجم بشرية ، أنا، وأنت، وهو، والآخرون يعرفون أين تقع  هذه الأرضُ الطيّبة ..إنها حيث يتسلّل الصيّادون ليلاً  بفِخاخ البشر،وحشيتُهم أحدُّ  فتكاً من أنياب الذئاب، وكبرياؤهم أشدّ عمىً من الآجام المظلمة، لننسَ أو لنتناسى قليلاً ..هكذا يقولون، كفانا هُراءً، وهرطقةً، وزندقةً، وتفلسفاً،وإفلاساً، وتذمّراً،وتنمُّراً، وتنطّعاً، وشكوىَ ، فلنعانقْ، ولنعاقرْ ولنحتفِ، ولنمحِ من ذاكرتنا كلَّ شئ، ولو إلى حين،ولنجعلْ بيننا وبين الأحزان، والأشجان،والأدران برزخاً واسعاً،وهوّةً سحيقة عميقة.

الماضي فاتَ

الشّاعر المُعنّى كامل الشنّاوي، فى رحلة عمره ، كان فى كلّ خطوة من خطواته يشبّ فى قلبه حريق، ويضيع من قدمه الطريق، كان صادقاً مع نفسه، ومع خلاّنه،ومع إخوانه،ومع واقعه لحظة تقييمه ليوم مولده، فقد خالف الناسَ في عُرفهم ،إنّه يتوجّس خيفةً وهلعاً ورهبةً من هذا اليوم ،لأنّه يعرف مدَى فداحة الموقف بالنسبة له وللآخرين،فهو لم يُخْفِ وجهَه،ولم يُدارِ مُحيّاه في الرِّمال كما فعل غيرُه، وإنساق وراء القطيع ،بل إنّه رفع رأسَه، واشرأبّ بعنقه عالياً،سامقاً، ليُدينَ الزَّمنَ القاهر، الذى لا يتوقّف عن الدَّوَرَان حتى يصادف اليومَ  المشهودَ الذي زُجَّ به بدون إستشارته في هذا العالم المشحون بشتّى ضروب العُنف، والعَنت،والتنكيل، والشقاء، والمُعاناة. ولئن قُرِنَ الكلامُ هنا بعيد ميلادِ شخصٍ، فذلك لأنَّ له إرتباطاً وثيقاً به، وفيه مَعنىً متقارب جدّاً بالنسبة لإنقضاء عام، وقدوم آخر،هذا العام في الواقع هو بمثابة عيد ميلاد للبشر جميعا، أو للبشرية جمعاء،ذلك أنّ كثيرين منّهم يشتركون في الإحتفال، والإحتفاء به جماعةً في كلِّ مكان، ففيه ترتفع الأهازيجُ، وتعلو أصوات الشّدو، والطرب، والغناء، والسّماع، وصلةُ كلّ هذه المعاني هي إلى الألمِ، والحزنِ، والأسى، والشّجن أقربُ منها إلى الفرح، والمرح ،والسعادة،والجّذل، والغِبطة والحبور، ومع ذلك تراهم يتمادوْن في لامبالاتهم، ويتظاهرون بأنّهم سُعداء… وقد يكون صنيعُهم ذاك من باب الإنتقام، وإغتنام الفرص وَعَمَلاً بنصيحة ”الخيّام” القائل في هذا القبيل أن تمتّع بيومك قبل غدك،فمن أدراك أنّك راءٍ أو مُدْرِكٌ هذا الغدَ المجهول،أو من باب: الماضي فاتَ والمُؤمّلُ غَيْبٌ  / ولكَ السّاعةُ التي أنتَ فِيهَا .!

شُجيرات الصّنوبر الغضّة

في هذه التواريخ ترى الناس يهيمون مُسرعين،ومُهرولينً، يذرعُون الشّوارعَ، ويجوبون الأزقةَ والدّروبَ، يجرون عاجلين فوق البسيطة، ويزحفون تحتها، ويطيرون فوقها في الفضاء اللاّمتناهي الفسيح، ويغوصون فى أعماق البحار، وفى أغوارالمُحيطات، ويتزلّجون فوق لججها وأمواجها، ويقطعون الصّحارى والقفار؟،والمَفاوز،والمهامه،والآكام،والآجام، إلاّ أن الجائحة اللعين ومتحوّراتها هذا العام شلّت تحرّكات الطيران وإقلاع السّفن، والبواخر، وإنطلاق القطارات وسواها من وسائل النقل،والسّفر في جميع أنحاء المعمور ؟! ومع ذلك ترى الناس يتسارعون على غيرِ هُدىً منهم، وعلى غير عادتهم، يُسرفون، ويبذرون،يقتنون الحاجيات، والآليات، والمأكولات، والمشروبات، والهدايا،والهبات بِشَرَهٍ وَنَهَمٍ وبدون حساب، ويقتلعون شجيراتِ الصّنوبر الغضّة،ويجلبون أغصانَ الأَرز اليانعة التي نحن في مسيس الحاجة إليها في هذه الأطوارالعصيبة التي يجتازها العالَمُ المتحضّر،والمتصحّر أو فى طريق التصحّر..! وتماشياً مع سياسات الحفاظ على البيئة، وإحترام الطبيعة، وَصَوْن الأدغال والغابات، و الدفاع عن المحميّات الطبيعيّة، والإيكولوجية من كلّ نوع، بل نحن في حاجةٍ إليها أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى، لنستظلَّ بظلالها ،ونستمتع برونقها، و ننعم ببهائها، وببساقتها،وبساتنها، ونضارتها، وجمالها الخلاّب . كم أنتَ قاسٍ أيّها الإنسان، كيف تسمحُ لنفسك ؟ وكيف يتمادى بك الغيُّ، ويبلغُ بك الغرورُ لتتطاول وتتجنّى على الطبيعة  أمّنا الكُبْرىَ، وتقتل، وتقتلع بغطرسة وتجبّر تلك الشّجيرات البريئة لتجعلها زينةَ، وقتيةَ، عابرة في منزلك، تغمرها بالباقات، والبطاقات،والياقات،والورقات، والأضواء، والألوان ،لتطوف حولها وأنت ثملٌ عديم الإحساس بها، وبما، وبمن حولها في لحظاتٍ كان أجدرَ بك  فيها  تعميق فكرك،وإعمال نظرك فيما يدور حولك ويمور من أمور،وما يجري فى هذا العالم من رزايا،وخطايا،وقضايا، وأهوال، وويلات البشريةُ التي غزا الشيبُ مفرقَها كذلك مثل شاعرنا المكلوم إيّاه، وأضاعت عمرَها هباءً منثوراً في ويلات التقاتل، والتطاحن، والتشاكس، والمواجهة، والمعاداة، والبغضاء.لعلّ هذه الأمور تجعلنا نأسى ونتأسّى، وتبعثُ اللّوعةَ، والحزنَ، والضّنكَ  في الأنفس الملتاعة المعنّاة.،وظلمُ البشرية لا ينحصر في بني طينتها وحسب، بل إنه يطولُ حتّى الطبيعةَ، ومختلفَ الكائنات الحيّة المحيطة بها ، فالإنسان هو الكائن الوحيد في عالم الأحياء الذي يقتلُ فقط للإستمتاع وإشباع رغبة الإنتقام في نفسه الأمّارةُ بالسّوء، ومن ثمّ تلك المباريات المنظّمة، وغيرالمنظّمة في عالم الصّيد، والقنص، والطّرد .

أيّامٌ تمرّ

ما إنفكّت الحضارةُ المعاصرة  تحملُ إلينا عشرات المفاجآت كلّ يوم ، فما كنّا نخاله بالأمس خرافةَ أضحى اليومَ حقيقةَ ماثلةً حيالَ أعيننا،وما كنّا نظنّه أسطورةً أضحى اليوم واقعاً ملموساً نصبَ أنظارنا ،وهكذا لم نعد نفرق  بين الأحداث حتى أصبحنا نؤرّخ لها بالأعوام ، تماماً كما كان أجدادنا يفعلون، فذاك عندهم كان عامَ الطوفان،وعامَ الفيل ، وعام ولادة السيّد المسيح عليه السلام،وعام الهجرة النبوية الشّريفة،وعام الفتنة ،وعام الحملة النابليونية على مصر، وعام المجاعة، وعام الفتح،وعام النهضة ، وها قد أصبحنا نقول نحن اليوم كذلك  كما كان أجدادنا يقولون ..هذا عام إندلاع الحرب الكونية، وذاك العام الذي وضعت فيه الحربُ أوزارَها،وتينك كانت سنة وعد بلفور المشؤوم، وأعقبه عام النّكسة اللعين، وعام فضيحة واترغيت، وعام الصّعود الى القمر، وعام الهبوط منه..! وعام مهازل ويكيليكس،وعام التسونامي،وعام الإيبولا،وعام الظلام.. وعام الرّبيع العربي وخريفه …وعام الجائحة !

 على مشارف المَجْهُول

دقّات ساعة مُنتصف اللّيل..إطلالةٌ  على مشارف المجهول، وَوَقْعُ خطواتٍ على مجاهيل، وغياهب عتبات عام جديد،لابدّ أنّه يحمل في طيّاته، وثناياه كثيراً من التخوّفات، والتوجّسات، والتساؤلات،والإستفسارات، والإرهاصات، والآمال،والتطلّعات، والآلام معاَ،إنها لعبة الجَدّ، أوالحظّ كما وصفها أبو الطيّب المتنبّي ذات يوم، التي تبتسمُ حيناً في وجه هذا، وتكشّر طوراً في  مُحيّا ذاك، وهكذا حتى تفضُلَ فيه العينُ أختها، أوحتى يكون فيه اليومُ لليومِ سيّدا. وأنت أيّها العام المنقضي ،لقد ودّعنا فيك،وخِلاَلَك، ومعك بألمٍ مُمضّ صفوةَ من أصدقائنا، وثلّة من أحباّئنا، وخلاّننا ،ومعارفنا ممّن كنّا نتعايش معهم ،وكانت تربطنا بهم علائقّ حبٍّ، ونسجنا وإيّاهم عُرى مودّة وإخاء، وأقمنا معهم وشائجَ صفاءووفاء. وواحسرتاه عليكَ أيّها الحَوْلُ النّكد … وتبّاً لك أيّتها الأيّام، بل أيّتها الأعوام لقد تأسّى من قسوتك، وتشكّى من فداحتك، السّابقون، وها أنتِ ما فتئتِ  تنوئين بكاهلنا، وتثقلين بكلكلكِ ظهورَنا، وتتوالين مُهرولةً غير عابئةٍ، لا تلوين على شئ، مُنثالةً، مُسرعةً، تنهبين أعمارَنا نهباً مُخيفاً،وتعصفين بحياواتنا عصفا مُريعاً، ومع ذلك نظلّ نأمل،ونتأمّل،ونرفع رؤوسنا، ونجيلُ بأعيننا إلى السّماء نحدّق فيها بإمعان، كأننا نستلطفها، ونستعطفها أمراً مّا كامناً في كنه أنفسنا، وفى أعماق أفئدتنا، وفى قرارة وجداننا ،لقد حان وقتُ تلاوة ترانيم مباركة لنردِّدَ مع “آغا ممنون”  المنكود الطالع، العاثر الحظ، ، وتقول معه بصوتٍ جهوريّ : ألا ليْتَ هذا اليَأسُ يَتْلُوهُ الرّجَاء / ألا ليْتَ هذا العَامُ يأتيِ بالضّيَاء  ..!وداعاً عاماً مَضىَ بِثِفالِه.. ومرحباًعاماً أقبل بآماله..!.

 *كاتب، وباحث، ومترجم من المغرب عضو الأكاديمية الإسبانية -الأمريكية للآداب والعلوم- بوغوتا-  كولومبيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى