يبدأ اللبناني جورج طنب ملحّن “باليه بينوكيو” من حيث ينتهي الآخرون
20 يناير 2022، 02:09 صباحًا
بيروت – (أ ف ب) – يضع المؤلف الموسيقي اللبناني جورج طنب اللمسات الاخيرة على كتابة موسيقى عرض “باليه بينوكيو” الإيطالي الانتاج، تمهيداً لعرضه قريباً في إيطاليا ودول أوروبية وعربية، ليعزز بذلك الموسيقي الشاب الذي تتلمذ على يد فنانين كبار في أوروبا وهوليوود، خطواته نحو العالمية.
في الاستوديو الذي يملكه في ضواحي بيروت، يُمضي الشاب المتحدر من عائلة فنية عريقة في الموسيقى اللبنانية عزفاً وغناءً، ساعات كل يوم، يؤلف ويدوّن بقلم الرصاص نوتات مقطوعات متناغمة مع مشاهد العرض المقام بمناسبة احتفالية الذكرى المئة والأربعين لولادة الشخصية التي ابتكرها الكاتب كارلو كولودي وطبعت الأدب الإيطالي.
وسيكون الشاب اللبناني البالغ 29 عاماً والذي نال أخيرا جائزة التميز لأفضل موسيقى أصلية عن فيلم “كفى” الوثائقي في مهرجان الأفلام التسجيلية الأميركي “ويذاوت بوردرز”، الفنان غير الإيطالي الوحيد في هذا العمل الذي “يُفتتح في أيلول/سبتمبر المقبل في صالة الأوبرا في مدينة ليتشيه في جنوب ايطاليا”، على أن “يجول في العالم من كارنيغي هول في نيويورك الى المملكة العربية السعودية”، بحسب ما يوضح طنب لوكالة فرانس برس.
ويفتخر طنب بأن “الموسيقي يتوج عادة رصيده الفني بتلحين عرض باليه”، فيما هو ينطلق في بدايات مسيرته “بعمل من هذا النوع” على المستوى العالمي.
ويشير إلى أن هذا العرض الراقص الممتد على 140 دقيقة، يتضمن عشر لوحات مدة كل منها عشر دقائق. وتتميز الموسيقى التي وضعها طنب له وتسجل قريباً بمعهد سانتا تشتشيليا الوطني في روما، بالطابع الرومانسي، وفيها نوستالجيا و”روح موسيقى أفلام ديزني”، على ما يقول.
ويصفها بأنها “متحركة، كأنها تصور قصة بينوكيو”، و”تحل محل الكلام والخطوات”.
ويشرح أنها “موسيقى حديثة لكنّ بنية كتابتها كلاسيكية والأوركسترا ستعزفها مباشرة أثناء العرض الراقص”.
– كلاسيكية وسينمائية –
ويعكس ديكور الاستوديو البيروتي الخاص بطنب مسار دراسته ومسيرته الفنيتين، إذ يزين جدرانه رسم لبيتهوفن ولوحة تجمع المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ ومواطنه الموسيقي جون ويليامز، وصورة صغيرة بالأسود والأبيض للمؤلف الموسيقي الايطالي الراحل إنيو موريكوني.
ولا ينسى طنب النصيحة التي أسداها له كونراد بوب، موزع موسيقى “ستار وارز” لجون ويليامز: “لا تذهب إلى لوس انجليس لتصبح مؤلف موسيقى أفلام بل اثبت حضورك قبل ذلك في عالم الموسيقى الكلاسيكية في أوروبا (…) إذ أن عدد المؤلفين الذين يكتبون بطريقة كلاسيكية يتضاءل”. ويضيف “أدركت اليوم قيمة كلامه”.
تتلمذ طنب على يد كونراد في فيينا، حيث درس التوزيع الأوركسترالي وتقنيات تأليف موسيقى الأفلام، وكان بين اساتذته أيضاً موزع ومؤلف موسيقى الجزء الثالث من أفلام “سبايدر مان” كريستوفر يونغ. ثم انتقل إلى لوس انجليس حيث درس أسس تأليف موسيقى الافلام ضمن ورشة عمل “هوليوود ميوزيك”.
– هندسة المقطوعات –
ولم يعمل في مجال الهندسة المدنية التي نال إجازة جامعية فيها، بل فضّل أن يهندس مقطوعاته الموسيقى، شغفه القديم.
فجورج الصغير الذي تأثر بوالده عازف البيانو والمؤلف الموسيقي سمير وعمّاته آمال ورونزا وفاديا اللواتي كنّ جزءاً من المشهد الفني المحلي بأصواتهن المميزة ورصانتهن نهاية سبعينات القرن العشرين وثمانيناته، كان أول تلميذ يلتحق بصفوف المعهد العالي للموسيقى في لبنان (الكونسرفاتوار الوطني) في الرابعة من عمره، مع أن عمر الدخول الرسمي هو سبعة اعوام.
ويتذكر قائلاً “لم أكن اقرأ النوتات، بل كنت أحفظ المقطوعات على السمع”.
في البيت، تأثر بالموسيقى الشرقية، وفي الكونسرفاتوار، تنقلت أصابعه على المفاتيح البيض والسود عازفا مقطوعات لكبار الموسيقيين الكلاسيكيين، وبيتهوفن هو الأحب الى قلبه.
وفي فيينا، بالغاً، كتب مقطوعة سمّاها “سيرين فيينا” أو بالعربية “فيينا الهادئة” مدتها ست دقائق، فتحت أمامه أبواب الموسيقى الكلاسيكية.
وبدأت مسيرته العالمية في ميلانو حين أدرج قائد الاوركسترا فرنشيسكو اتاردي “سيرين فيينا” في حفلته الموسيقية في سان ريمو قي ايطاليا وعزفتها الأورسكترا السيمفونية للمدينة، إلى جانب مقطوعات لبيتهوفن وموزار.
وكرت سبحة مشاركته في المهرجانات العالمية من ميلانو مروراً بالأردن فباريس، إلى ان التقى واضع كوريغرافيا باليه بينوكيو مصمم الرقص الإيطالي مؤسس فرقة فريدي فرانزوتي الذي طلب منه كتابة ألحان العرض.
ويكشف طنب أن الأميركي من أصل لبناني ماريو قصار الذي أنتج فيلمي “ذي ترمينايتور” و”بايسيك انستينكت”، طلب منه وضع موسيقى لفيلمين تاريخيين قيد الانتاج بعدما سمع الموسيقى التي الفها لفيلم “كفى” لديزي جدعون “الذي يوثق حرب لبنان”، على ما يقول.
وأمام اللوحات المائية التي تمثل مناظر لبنانية رسمها جده لوالده مارون طنب، يقول المؤلف الشاب “إذا أردت أن اكتب موسيقى مستوحاة من وضع لبنان الحالي، ربما أؤلف تحفة”.