ولادة النص موت و قراءته دفن/ المرتضى محمد اشفاق
عندما يصبح النص مادة مشاعة بين الناس يتحرر من رأي صاحبه، ويكتسب ثراءه من تعدد التأويلات التي يضفيها عليه القراء ….
ورأيي مستقر على أن علاقة الكاتب بالنص تتوقف هنا، وليس عليه أن يخرج نصه في موكب من النصوص الصغيرة، واللصيقة التي تحاول أن تتحكم في اتجاه مِقْود القراء…
النص ليس علبة دواء ترافقه نشرة طريقة استعمال، وليس جهازا لطحن الخضار مصحوبا بصور تبين كيفية الاستخدام….لكن بعض القراء ينبهك إلى الحاجة إلى ما يسميه الأقدمون بعد اكتمال رسائلهم”إلحاقا”…
في دنيا الكتابة، أقلام لم تتجاوز مرحلة الحبو والزحف على البطون … ما زالت في سن الطفل الذين يعركون النهود النافرة باعتبارها نتوءات خارجة على قانون السطح…
العصفور الصغير المصاب بتقوس الساقين لا يستطيع أن يخترق مملكة النسر، يظل في السفح يراقب النسور تحلق في خيلائها تلتحف مع الكون دثارا أزرق يبلله ندى يتمنع على عدوانية الأشعة الحارقة …. ترسم صورة الدنيا نقية بحروف عصية على الترويض… متمردة على الأقلام المتخمة بإدخال الطعام على الطعام، متمردة على عزف الأظافر القرعاء….
بعض النصوص يموت قبل أن يستهل، لا يكاد النص يتطهر من دمائه، ويتوقف نزيف القلم وشهيق الحروف المختنقة، حتى يتهامس الناس مترحمين ومغتابين، وإنه ليسمع قرع نعالهم… تتراكم النصوص على بعضها، يتمزق شاهد على بقايا شاهد، وتستمر الرحلة العبثية والركض المستمر في صحاري الضياع.
ولادة النص موت، و قراءته دفن، لأن الإنسان بطبعه يبحث عن الجديد، الجديد صفة المنتظر، لكن البكارة صفة مطلوبة للإعدام، لأن في القتل لذة الهروب من عذاب التكرار… هل كان شهريار منتقما أم فارا من رتابة الفعل المتكرر ؟؟ هل نجت شهر زاد بحرمان عذريتها من لذة الموت ؟؟
الإبداع تحرر من دائرة المُلْتقَى المفترق، و ذوبان في وهم لحظة تماس غامضة بين زمنين، بين وجود نحسه بقلق، وعدم ننتظره بفزع ….