canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

من أعلى الشرفة رواية تسعى إلى كتابة التاريخ/ جان فرانسوا كليمان

«من أعلى الشرفة» هو عنوان رواية الكاتب المغربي إدريس الطاهي الصادرة مؤخرا عن دار نشر كراس المتوحد. رواية ينبغي على الكثيرين قراءتها لأنها تخرج عن المألوف. هي رواية شخصيات بامتياز: يقدم النص مجموعة من الشخصيات تكشف عن نفسها تدريجياً، وتجد نفسها جميعها منخرطة في الثورات الحضرية الكبرى التي شهدها المغرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين. أبطال هذه القصة يعيشون في مكان ضيق للغاية، شارع الخطيبي في الدار البيضاء، على غرار شخصيات علاء الأسواني التي تتردد على نفس المكان في القاهرة : عمارة يعقوبيان.

إلا اننا لا يجب أن نخطئ التقدير، فليس موضوع هذه الرواية هو الحب ولا هو الجنس ولا عالم الطفولة، ولا الاستغراب على خلفية التعارض بين الذات والأخر، ولا هو الرحلة الداخلية أو في الفضاءات الكبرى التي تضعنا أمام موضوعة الهجرة وتجارب النفي والنزوح، وأحياناً العودة. صحيح أن هذا النص ليس موجها للقراء الأجانب، إذ إنه يتوجه في المقام الأول إلى القراء المغاربة، على غرار نصوص أدب السجون التي انتشرت قبل بضع سنوات. بل الأمر يتعلق قبل كل شيء بسرد قصة  مع ذكر تجاوزاتها.

نحن إذن أمام موضوع جديد ألا وهو موضوع المقاومة في مواجهة عنف السلطة. فشخصيات هذه الحكاية، هم كلهم إيجابيون لا يحملون الضعف والهشاشة ولا يعيشون تمزقا داخليا، ويجابهون أشكالاً متواصلة من العنف الوحشي، سواء ما كان من آخر زفرات المقاومة القبلية التي حدثت في عام 1933 في جماعة آيت عطا على أطراف جبل بوغافر، أو من تعبئات حضرية مختلفة بين 1953 و1955، ومن انتفاضة الدار البيضاء عام 1965، ومن ثورة نفس المدينة عام 1981.

هذا ما يجمع لأكثر من نصف قرن بين هذه الشخصيات التي يتعلق بها القارئ والتي تهز وجدانه أحياناً، ” من أعلى الشرفة”، نشاهد مرور بعض الأحداث الرئيسية في التاريخ المغربي للقرن العشرين والتي نشاهدها على متن سرود حيوات شخصية وعروض لانخراط ملتزم في قضايا جماعية. أشكال العنف هذه سبق ذكرها منذ ثلاثينيات القرن الماضي في الادب الشعبي، بدءاً ب إزران أو إزلان في الريف أو الأطلس الأوسط. كانت النساء تبدعن هذه الأغاني لاستنهاض همة وحماس رجال القبائل الذين كانوا يعرفون أنهم سائرون نحو الخضوع لدولة مركزية، وهو ما يعني الخضوع  للقيود والأكراهات. نقلت لنا بول مارغريت، وبعدها مؤخرا عبد الإله الشيخي، مثل هذه الأعمال التي تم نسيانها عموماً اليوم لأنها ترتبط بالثقافة المنقولة شفهيا. ولكن الانتفاضات الحضرية لم تنتج لنا إبداعات مماثلة.

ولعل هذا ما يقدمه لنا إدريس الطاهي في بناء روائي، مكتوب  الذي يحتفظ بالذاكرة الجماعية بطريقة مختلفة.

ولكن هل يتعلق الأمر حقاً بشكل روائي تتواجه فيه عادةً القيم من دون تقديم حل واضح؟ القصة هي بالأحرى تراجيدية بما أن رجالأ ونساء “أحرار مخيرون” يجابهون قدرا يسحقهم. يتجسد هذا القدر ويتخذ له شكلا ملموسا مع ديمومة العنف، وخاصة عنف المجتمع، الذي يطال ويمحق الأبرياء.

وهذا بغض النظر عن الأنظمة السياسية المتعارضة المقدمة في هذه الرواية، سواء تعلق الامر بنظام الحماية أو نظام مغرب الاستقلال. هل هذا الاستنتاج هو ما يجعل شخصية تنتقل، عندما تسرد قصة حياتها، من عام 1953 إلى عام 1965 دون ذكر الأحداث المعقدة التي صاحبت الحصول على الاستقلال؟

 يتأسس هذا النص حول هذا الثقب الأسود أيضاً. ثمة ثقب أسود آخر، هو الحضور الضئيل للغاية للصور الفوتوغرافية التي تروي هذه الأحداث. لدى من الضروري أن تصبح الرواية بديلاً للتاريخ. تصوير عبر الحكاية. ما الذي يحظى بالأولوية في هذه القصة التراجيدية التي ننتقل فيها من انتفاضة حضرية إلى أخرى؟ هل يتعلق الامر باستنتاج القطائع أم الاستمراريات؟ وفي حالة استنتاج الاستمراريات، كيف يمكن أن نفهم هذه الاستمرارية؟ ذلك أن استنتاج ذلك يعني المضي على العكس من قيم الشخصيات المتشبعة بقناعة قيمة قيمها. إن البعد الروائي يعود للظهور في هذا الاستنتاج التراجيدي. إلا انه بعد روائي واقعي، يمضي على النقيض من أي غواية بأي بعد ميتاروائي أو إبداع ما بعد حداثي.

امنية في الختام: حتى اليوم وحدها غاليريا ليمانص، الواقعة بالقرب من الميناء ، كانت تحتفظ في الدار البيضاء بذكرى عبد الكبير الخطيبي، و أتمنى أن تجعلنا هذه الرواية نسرع بتسمية شارع باسم الخطيبي في هذه المدينة. وإذا كان الواقع في هذه الرواية قد صار جزئياً خيالاً، فقد يصير جزء من هذا التخيل حقيقة واقعة.

مقطع من الرواية:

شارع الخطيبي شارع ذو اتجاه واحد. يمتد مقابلا للشرفة على خط مستقيم على مدى يقرب من خمسمائة متر نحو الشرق. شارع ينبسط مثل سجاد تحوط بجوانبه المباني والمحلات التجارية، لينتهي عند مفترق طرق يتقاطع عنده أهم شارعين في المدينة. على يمين السعدية، يستدير شارع الخطيبي ويمتد على مسافة مائة حتى شارع طنجة؛ وعلى يسارها يمكن، عند الساعة العاشرة، مشاهدة مقهى الشمس على مرمى حجر. يحتل مقهى الشمس مساحة كبيرة ويتميز بواجهته ذات الديكور الفريد والجذاب، خاصة عند إضاءتها مساء، وهو ما جعله الملتقى الأثير للتجار وغيرهم من الموظفين. إنه معلمة مهمة للعابرين والزبناء.

ستفتح متاجر البيع بالجملة ومحلات الأجهزة المنزلية وأواني المطبخ والألبسة والخردة ومستحضرات التجميل، التي تصطف على جانبي الشارع، أبوابها من لحظة إلى أخرى. سنسمع الصرير الأول لرفع أبواب المحلات، ثم الأصوات النشاز للمستخدمين. سيشرعون في عرض البضاعة على واجهات المحلات وهم يدردشون، وينفجرون ضاحكين من وقت إلى آخر، ويتبعون بنظراتهم أولى النساء العابرات اللائي يحثن الخطى وتستعجلن الوصول إلى العمل. ستدوي متفرقة هنا وهناك أصوات تشغيل محركات السيارات وشاحنات التوصيل كأنها انفجارات. وستخلي المركبات المركونة ليلا أمكنة ركنها واحدة تلو أخرى لمركبات جديدة قادمة حتى تسمح بعمليات شحن وتفريغ جديدة؛ هو حفل باليه مذهل تحييه حركات الذهاب والإياب، وأصوات محركات وأبواق السيارات، ومختلف أصوات الصرير الحاد للعربات المجرورة التي يقود الأوركسترا فيها سائقو توصيل البضائع والكثير من العمال ومفرغي الشحنات.

مشاهد لم تكن السعدية لتقبل أن تفوت مشاهدتها. هي لحظات قوية تطبع انبثاق الحياة في هذا الشارع. بداية يوم وسط البلبلة والاضطراب. يوم يبدأ بتمتمات يختلط إيقاعها مع دقات قلبها، ويستمر في الاتساع إلى أن يبلغ ذروته مع صخب لا يهدأ حتى حلول المساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى