حنين…/ المرتضى محمد اشفاق
الحنين هو شيبة ذاوية تبحث عن سوادها، هو حرف أضاع طريقه إلى نص تمزق..هو دمعة حيرى تتحسس بين ركام الآلام والخيبات رفات ابتسامة قضت في ازدحام الأغبياء…
الحنين هو رجوع على الآثار قصصا بحثا عن أجزاء منا سقطت، وأشياء لنا ضاعت، وأنفاس فينا احترقت في غبار الرحلة الرهيبة.. هو بكاؤنا علينا حين نقف على رموسنا البالية، فلا نرى إلا غبارا، وضبابا، وضياعا…هو تلمس نغم جميل قتَلَنا ذات خلوة، وفي لحظة غيْبَة غبِيَّة دفعناه ثمن عبور إلى الرصيف الآخر…
الحنين قلق يستدعينا لنرتاح، وحاجة إلى دفء بَخِلَ بنا فبخلنا عليه، هو تراكم أناتنا، وبحثها المكبوت عن نفَس وسط الاختناق..الحنين هو كلمات تنَفَّسْنا بها ذات سحر، وطمرتها الأتربة المسافرة في زماننا العبثي ..
الحنين هو إفلات من أسر حاضر يحرمنا لذة الالتفات حين ندرك أن البقاء ما هو إلا نزع طويل، وأن الحياة موت بالتقسيط.. الحنين هو إدراكنا المتأخر أننا نجري في رحلة النهاية…الحنين هو نحن نسافر إلينا، مبحرين في لذة الألم، تائهين بين الرمل والبحر، ننشد صمتا بديعا فقدناه في الضجيج، وسكونا هاربا من نحيب العاصفة، هو نحن نحلم بمدارج طفولتنا، نبني ونحطم، نطيش ونشقى، تعزفنا المواجع والمواجد، في أنشودة الهمس والأمس والرمس…