ولد الگصري في محراب الذكرى / النجاح بنت محمذن فال
بين ماض لم يعد ينبض بالحياة وحاضر بلا انفاس ، وآتِ لا ينتظر ! زاحمت “دار ابلغان” “دار مية” ، و”دار عبلة” ، و”دار أرمد” .
لم يتمكن كل أولئك من نقل الإحساس كما نقله ولد الگصري ولو انهم أبدعو في نقل إحساس الامس إلي اليوم حين يناجي عنترة دار عبلة:
يادار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
فإنه لم يتمكن من خاصية امحاء غيرها ، كذلك الأمر بالنسبة للشادي بدار أرمد ودار مية …
تفاني ولد الگصرى امام شطط الذكري لم يسبقه إليه غيره :
قد يكون اسم بئر “ابلغان ” الواقع على بعد عشرين كيلومترا إلي الجنوب الغربي من بتلميت مستمدا من تركيب “ابوالأغاني” وقد لايكون ! لكنه مدار قصة حب عاشها الأديب.. رسم ملامحها وافني غيرها من الذكريات ..
يامس دار ابلغان احياتْ
ذاك ال شكيت انو مات
اگبل من تلياعى وامحات
من لخلا گ ال خاطيهَ
اتلفت اعليهَ مرات
كيف ال ناس ش فيهَ
واعگبت امنين ابعيد ابگات
وانبيت اتلفت اعليهَ
تلفيت مني ما خلات
فظلَ لاهي نكره بيهَ
وال نبغِ ذ ال موجود
اتل فالدني خاطيهَ
ماه اتل خالگ لين انعود
نكرها وال نبغيهَ
بين دراما صخب الحياة والإنس ، وسكون الموت والاندثار، تشكل لدى ولد الگصري عالم من انبعاث الذكري سمته الأبرز التفاني في المحبوب ومنحه حياة تتطاول علي النسيان ..بل علي الموت …
(… احيات
اذاك ال شكيت ان مات … )
وفي الوقت نفسه يأتي امحاء الغير من الذاكرة حتى تتفرغ للتفاني في محراب واحد هو دار ابلغان( وامحات من الاخلاگ ال خاطيه)
مابين التلاشي في هذه الديار والصمود أمام سطوة النسيان يتصور الأديب ولد الگصري من خلال التشبيه (كيف ال ناسي ش فيه )أنه نسي امرا مهما يشكل جزءا من وجدانه تسامي علي اسوار النسيان وعاديات الزمن، لتكتنفه هذه الدار، رغم خلوها من الشخوص منشإ الذكري – علي اعتبار ان الدار في العربية والحسانية هي الدمن – ولكنه حين يتسور محراب الماضي لينقل ذلك الإحساس لغيره ، تشده الالتفاتة الأخيرة لما لها من إيحاء تراكمي:
(اتلفت اعليه مرات) وهي تختزن ألم الم السنون :
(تلفبتَ مني ما خلات
فظل لاهي نكره بيه
وال نبغي ذ ال موجود
اتل فالدني خاطيهَ
ماهْ اتل خالگ لين انعودْ
نكرها والٌ،َ نبغيه)..
تاتي الالتفاتة الاخيرة لتستنفد مخزون الصبر الزاحف ليهزمواكب الهجران ، بالامحاء لما سوى هذه الذكرى التي هي لسواها لاتبقي ولاتذر
(ماهْ اتل خالگ لين انعودْ
نكرهَ وال نبغيهَ)..
يتضَخم الإحساس بنشوة الذكري لدي الأديب ولد الگصري في هذه الطلعة فتنمو فيها قدرته على وصف الإحساس بحتمية الخروج من قفص الزمن الهارب؛ بدل الالتحام بالمكان على غير ما أبدعه في شقيقتها طلعت تگانت – مسقط راسه – التي غلب فيها الجانب الوصفي:
( والحگ منها بل امنين
عاد ابانول روص اخشام
اكد تگانت متحدين
ينباو أ يغباو افلغمام
اهوم زاد ال مشيوفين
أما هنا فينقل إحساسه بتراتبية بديعة يعززها التماسك الذي يسمي في الشعر الحساني ب”الزرف ” الذي يعرف ولد الگصري بإتقانه في أكثر من موضع وخاصة في هذه الطلعة وشقيقتها طلعت تگانت ،اي ان مصدر الإلهام في طلعت إبلغان هو المراة أما مصدر الإلهام في طلعت تگانت فهو الربوع.