canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

رواية “هاني بعل الكنعاني” لصبحي فحماوي: بين الخطاب التاريخي والخطاب المعاصِر/ جميل كتاني

تعتبر هذه الرواية امتداداً لما سبقها من روايات للكاتب صبحي فحماوي، تحدّث فيها عن الحضور الكنعاني في فلسطين وما جاوَرَها؛ كرواية “قصة عشق كنعانية”، الصادرة عام 2009 عن دار الفارابي في بيروت، ورواية “أخناتون ونفرتيتي الكنعانية”، الصادرة عام 2020

تعتبر هذه الرواية محاولة لإعادة الحياة إلى الكنعانيين، وإعادة تدوين التاريخ الكنعاني من وجهة نظر كنعانية، وذلك من خلال سيرة البطل هاني بعل الكنعاني، ومن خلال من كتبه عن نفسه، لا من خلال ما كتبه الرومان عنه.

 وظّف الكاتبُ التاريخَ من أجل التعبير عن قضايا إنسانية تتعلق بالحرب والسِّلم، والحبّ والكراهيّة، والعدل والظّلم، والوفاء والخيانة، والتي هي جميعًا سِماتٌ بشرية صالحة لكلّ زمان ومكان. من هذا المنطلق، يشعر القارئ بأنَّ الرواية، رغم وُلوجها إلى التاريخ البعيد، إلاّ أنّها ملتصقة بالواقع التصاقًا شديدًا.

عتبات النّص:

الإهداء: “إلى البحيرة الكنعانيّة التي حوصِرَت ولُوِّثَت، فصارَت تُسَمَّى البحر الأبيض المتوسّط”.

يختزل الإهداء السّالف محاور الصّراع الدائر في الرواية بين الرومان وبين القائد هاني بعل الكنعاني-القرطاجيّ. فهنا نجد الصراع على التسمية بين كلمة “البحيرة” التي تنتسب إلى الكنعانيين، وبين البحر الذي ينتسب إلى الرومان. فكلمة البحيرة تشي بالسلام والطمأنينة والتملّك بسبب صغر حجمها، مقابل البحر الكبير المنفتح والممتد الأطراف. والمفارقة أنَّ العرب قديمًا أسمَوا البحر الأبيض المتوسط “بحرَ الروم”. وسُمِّيَّ البحر المتوسط لأنه يتوسّط مُلك الإمبراطورية الرومانية. إذن، فالإهداء يختزل كلّ المعارك والحروب التي دارت بين الرومان وبين قرطاجنة بقيادة القائد الكنعاني هاني بعل من أجل السيطرة على المكان. ولكم أن تتخيلوا وتربطوا هذا الواقع بالواقع الراهن، من خلال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ فهاني بعل (الكنعاني/ الفلسطيني) يمثّل الطّرف الخيّر الذي يسعى جاهدًا من أجل إحقاق الحق وإعادته إلى أصحابه من أيدي الرومان/ الغرب/ الصهيونية، التي تحتلّ وتنهب وتسلب وتقهر الشعوب المحتلّة.

التوطئة: “لا أكتبُ ما أعرفُهُ عن هاني بعل، ولكنني أكتبُ لأعرف”. (صبحي فحماوي)

يُجَسِّدُ الإهداءُ السالفُ بؤرةً من بُؤَر الصراع الحضاري الذي تشيرُ إليه الروايةُ في أكثرِ من موضع. فالإهداءُ جاءَ على لسان الكاتب صبحي فحماوي نفسِهِ، الذي يصرِّحُ بأنه لا يكتب ما يعرفهُ عن هاني بعل، ولكنه يكتب ليعرف، وهنا يمكنُ إضافةُ كلمة “الحقيقة”، ذات الأهمية البالغة، لتصبحَ كالتالي: “ولكنني أكتبُ لأعرفَ الحقيقة”. فالحقيقة هي التي ينشُدُها الكاتبُ عبرَ روايته فيما يتعلق بسيرة هاني بعل. هذا البطل المشرقيُّ الذي قام الرومانُ بطمسِ سيرته وبطولاتهِ. فقد كانَ هاني بعل يكتبُ سيرته الذاتية يومًا بعد يومٍ، ويجمعها في عدّة كُتُبٍ، إلى أن دخل الرومان قرطاجنة واستولوا على هذه الكتب، وأحرقوا قسمًا منها، وأخفَوا القسمَ الآخرَ، ليحجبوها عن القُرّاءِ والمؤرّخين الكنعانيين كي لا يفرحوا بعظمة القائد القرطاجيّ، ليعرفَ العالمُ أن لا قادةَ عظماءُ سوى قادة روما. (ص58).

فهنا نجد تجسيدًا واضحًا لنظريّة تاريخية مُفادها أنَّ التاريخَ يُكتبُ بأقلامِ المنتصرين، وأنَّ المحتلَّ أو المنتصر في الحربِ يسعى إلى طمس المعالم الحضارية والثقافية للشعوب التي يقوم باحتلالها، كما فعل التتارُ حين دخلوا بغدادَ، وكما فعل نابليون في حملته على مصرَ، وكما فعلت الحركة الصهيونية في استيلائها على مكتبات المثقفين والمؤرخين الفلسطينيين بعد نكبة عام 1948، ووضعها في الأرشيف الصهيوني، وفي مكتبتهم الوطنية الموجودة في القدس، والقدسُ ليست بوطنٍ لهم. وكما فعل الاحتلال الإسرائيلي بعد النكبة من طمس لمعالم المكان الفلسطيني، ومن تهويد للمكان وللمسميّات الفلسطينية.

خاتمة الرواية:

تنتهي الرواية بما يلي: “الرواية لم تتمَّ، لأنَّ الرومانَ واصلوا اكتساحَ العالَمِ، وتدميرَ كلِّ حضاراتِهِ، واستجلابَ كُلِّ ثرواتِهِ، لتكونَ كلُّ الطُّرُقِ تؤدي إلى روما”.

فروما هي رمز وتجسيدٌ للشر. إنّها رمزٌ للاستعمار الأوروبي على بلاد العرب والمسلمين. ورمزٌ للهيمنة الأمريكية والصهيونية العالمية في عصرنا الراهن. وهي تعبيرٌ عن الفوقية أو المركزية الغربية، التي تسعى إلى استعباد الشعوب. وهي رمز للعولمة بكل أخطارها الرّامية إلى دَحْرِ الثقافة المحليّة وهيمنة الثقافة الغربية-الأمريكية. إنها تعبيرٌ عن “نهاية التاريخ” كما رسمها الكاتب الأمريكي فوكوياما، وتعبير عن تفوّق الرجل الأبيض على باقي الشعوب والأعراق. هي تجسيد لنهب ثروات إفريقيا على مدار قرون عديدة واستعباد شعوبها.

القيم الإنسانية التي جسّدها هاني بعل:

  1. 1. كان هاني بعل مثقفا يجيد اللغة اليونانية واللاتينية، وتتلمذ على يد الكاتب اليوناني إميل دونال.
  2. 2. حبُّ الوطن والتضحية من أجلِهِ: ففي حوار مع الكاتب صبحي فحماوي الذي يرى هاني بعل في المنام، يقول هاني بعل:

“إنَّهُ الشعور بمسؤولية حماية الوطن يا أخي صبحي فحماوي. قد يكون قَدَري هو العَيشُ هو العَيْشُ بهذه الطريقة ما دمتُ قد أقسمتُ لوالدي ألاّ أتخاذلَ أمامَ العدوِّ الرومانيِّ الذي ينتهكُ الأرضَ والعِرضَ. كان قَدَري أن أدافعَ عن وطني قرطاجنّة، ليبقى مصدرَ إشعاعٍ للزراعة والصناعة والتجارة، التي روحُها السلامُ والمحبّةُ، وليس نهْبَ ممتلكاتِ الآخرينَ عُنوةً. إنَّهُ محبَّةُ بحرِنا الكنعاني الذي يوصلنا إلى كلِّ بقاعِ الدنيا، هذه قضيتي التي سأبقى أناضلُ من أجلها ما حييت” (ص134)

  1. 3. يرمز هاني بعل الكنعاني إلى العدل والشفقة والرحمة حتى مع ألدِّ أعدائه وخصومه من الرومان؛ فقد كان حين يقتلُ أحد قادة الرومان يلفُّهُ في تابوتٍ ويبعثُهُ باحترام، وذلك خلافًا للرومان الذين كانوا يمثّلون بالجثّة تعبيرًا عن وحشيّتِهِم وغطرستِهِم وهمجيّتِهِم.
  2. 4. يُجسِّدُ هاني بعل شخصية القائد المتواضع، المخلص لشعبه؛ فقد كان يجلسُ بين جنوده ويأكلُ معهم، ويلبسُ مثلهم. وقد قضى أكثرَ من أربعينَ عامًا وهو يقاتلُ وينتصرُ على أعدائه في معاركَ طاحنةٍ دون أن يجلسَ على الكرسيِّ، ودون أن يعيشَ حياةَ البذخِ والتَّرفِ.
  3. 5. جسّد هاني بعل قيم التسامح والكرامة والحرية وحبّ الآخرين، حتى لو كانوا من أعدائه. فقد صرّح في أكثر من موضع في الرواية بأنه لا يريد احتلال روما انتقامًا أو غطرسةً، وإنما من أجل نشر الحرية والعدالة. يقول هاني بعل مخاطبًا كبار ضباطه:

“نعم، احتلالُ روما نفسِها، ليس لاستعبادها والسيطرةِ عليها كما يفعلون هم بنا، ولكن لتخليص الشعب الروماني من سيطرة الطُّغمة الحاكمة المتسلّطة على رقاب العباد في بلادها، وعلى كلِّ البلاد الكبرى المتوجّهة لاحتلالها، وإلاّ فسيفشلُ صراعُنا مع روما كُلِّيًّا.. نريدُ أن نُحَوّلَ روما من دولة مفترسة تعادي الآخرين، وتُحطِّمُ كراماتهِم، وتنهبُ ممتلكاتهِم، إلى دولةٍ جارةٍ، مُحِبَّةٍ للشعوب، مزارِعةٍ وصانعةٍ ومُتاجِرَةٍ معنا ومع غيرنا من بلاد العالم” (ص62)

وفي موضع آخر يقول:”أريد أن أدخل عليكِ يا روما كأسطورة تخترق جبالَ الألب بتلك الفِيَلة المخيفة. فأنا لستُ مجرَّدَ قائدٍ عابرٍ في التاريخ. ستبقى بصماتُ جيشي، وخبطاتُ أرجُلِ فِيَلَتي راسخةً إلى الأبدِ على صخور الألبِ. وعندما تُدَمِّرُكُم قُوَّتي، أريدُكُم أن تخضَعوا لشعوبِكُم وليس لي، من دونِ مقاومة. وسأُعَيِّنُ على إيطاليا كلِّها قائدًا من بلادكم، يُعَلِّمُ النّاسَ الزراعةَ والصناعةَ والتجارةَ، بدلَ الغزوِ وتحطيم كراماتِ الشُّعوب وكيانات الأمم التي تعيشون على غزوِها وامتصاصِ دمائها، ثمَّ تقومون بنهب خيراتها وتدميرها. سأوقفُ استعبادكم لشعب إيطاليا أولاً، قبل نهشِكم حيَواتِ الشعوبِ الأخرى. سأمنحُ الحُرِّيَّةَ لشعوب العالم التي ينوي الرومانُ اكتساحَها، والسيطرةَ عليها، ونهبَ ثرواتِها، واستعبادَ شعوبها” (ص89)

  1. 6. الكرامة والثبات على الموقف وعدم الخضوع والخنوع: لقد كان مصير هاني بعل مأساويًّا بعد أن غادر قرطاجنة ولجأ إلى حاكم أنطاكية الذي كان في حالة عداء مع الرومان. وبعد انتقال هاني بعل من مكان لآخر هربا من مطاردة الرومان له، وضع السُّمَّ الذي كان يخبئه منذ زمن طويل في جوهرة معلّقة في رقبته، في كأس خمرة، فماتَ مسمومًا مُفَضِّلاً ذلك على تسليم نفسه للرومان.

السؤالان الأكثر أهميةً في الرواية:

1) “لماذا لم يدخل هاني بعل روما؟”

 لأنّ هاني بعل قد خُذِل من الداخل. من الحكومة القرطاجيّة متمثّلة ب(مجلس الشيوخ) من جهة، ومن (قبيلة هانو)ء المناوئة لقبيلته (قبيلة البرق) من جهة أخرى. فقد اتّهمه الطّرفان بالتّهوّر والطيش رغم أنه يدافع عنهم ضد مطامع الرومان. والواقع أنّ كُلاًّ من مجلس الشيوخ وقبيلة هانو يُمَثِّل المصلحة الذاتية القائمة على حُبّ المال، والتخاذل في نصرة الوطن والدفاع عنه. فقد كان شغلهم الشاغل جمع الأموال، والاهتمام بمصالحهم التجارية الخاصة. وفي ذلك يكون حالُ هاني بعل كحال شاعرنا الجاهلي طرفة بن العبد حين قال:

وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً    على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

والواقع أنَّ قبيلة هانو تُجسِّدُ القبليّة والفئوية والمصالح الضيقة والانتهازية. كما أنها تمثّل التناحرَ والاقتتال الداخليّ والصراعات القبلية والعائلية، وإهمال الجوانب الوطنية أو المصلحة العامّة، لذلك حين اجتمعت قبيلة هانو لتبتّ في أمر مساعدة هاني بعل في صراعه العادل مع روما، قال أحد مشايخ القبيلة: “في حالة مساعدة هاني بعل البرق ستكون أموالُ كُلٍّ منّا مهدّدةً بالتلاشي. سندفعُ له شواقلَنا الفضيّل لينتصر، فيعود إلينا بقوّةٍ جبّارةٍ لا قدرةَ لدينا على مواجهتها، فيتحكّمَ في مجرياتِ حيواتِنا. ومن جهة أخرى سيكون إمدادُهُ بالرّجالِ والمُؤَنِ سببًا رئيسًا في استنزافِ طاقاتنا الشبابية الفاعلة في الزراعة والرّعيِ والصناعة والتجارة، فكيفَ نُرسِلُ عُمّالَنا، وطاقةَ حيواتِنا التّجاريّة إلى هاني بعل البرق، ونقعدُ هنا فارغين”.

ولنا أن نتخيّل هذا السيناريو في واقعنا المعاصر؛ من خذلان الأقارب والجيران، ومن خيانة العملاء لوطنهم، ومن موقف الجيوش العربية من قضية فلسطين عام النكبة، ومن تحالف قسم من الأنظمة العربية مع دول الغرب في حرب الخليج الأولى.

2) لماذا اختار هاني بعل طريق جبال الألب الوعرة والمحفوفة بالمخاطر، ولم يختَرِ الطريقَ الساحليَّ الأسهلَ والأقصَر؟

الجواب المباشر: لأنه أراد الابتعاد عن طريق الساحل، حيثُ تمركز القوة البحرية الرومانية، وتفوّقُ الأسطولِ الروماني في البحر.

الجواب العميق: صعودُ جبال الألب تجسيد لأسطوريّة هذا القائد الفذّ الذي قلبَ كلَّ الموازين واستطاع أن يخترقَ جبالَ الألبِ رغم صعوبتها ووعورتها وبَردِها الشديد. لقد أراد أن يُثبِتَ للرومان وللعالَمِ أجمع بطولتَهُ وأسطوريته وعبقريتَهُ العسكرية. كما أنه أراد أن يُثبِتَ للشعب الإيطالي نفسِهِ أنَّهُ لم يدخل إيطاليا من أجل القتل وسفكِ الدّماء، بل من أجل العدل ونشر الحرية. وهذا ما تمَّ تحقيقُهُ من خلال انخراط جنود القبائل الشمالية الإيطالية في جيش هاني بعل، بعدما تيقّنوا من عدلِهِ وإنسانيّتِهِ، وذلك خلافًا لبطش الحكومة الرومانية التي كانت تُعامل هذه القبائلَ باعتبارهم عبيدًا عندها، وكانت تمتصُّ خيرات البلاد وتفرض الضرائب الباهظة على السكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى