رواية “حنين” للكاتب ياسين نوار.. سرد صراع القيم /د. وليد بوعديلة

أصدر المبدع والكاتب الجزائري ياسين نوار رواية جديدة،هي “حنين”، عن دار كلاما للنشر والتوزيع، بقالمة، الجزائر، 2022، ويقترح فيها على القارئ قصة حي شعبي و يوميات أهله مع مشاغل الحياة.

يعتمد الروائي تقنية المزج بين السرد والحوار في تحريك الأحداث، وفي وصف المشاعر والأفكار، وفي تتبع الأحداث، من خلال  تقديم مجموعة من الشخصيات في حي شعبي من أحياء الجزائر،ونجد سمير يتحدث_طيلة الرواية_ مع صديقه الشاب الجامعي أحمد ،حول العجوز مختار العامل اليومي بالسوق،وكيف أضاع والده المتوفى سي داود كل المال والأملاك، جريا حول سراب الدنيا و شهواتها وزيفها.

وهنا يعتمد السارد على الاسترجاع للتذكير بزمن السكن بالريف،قبل العودة لزمن الراهن في المدينة وصراعاتها وتناقضاتها،وإنهيار القيم فيها، لأن سي داود (والد مختار) قرر الدخول للمدينة والابتعاد عن الريف والأراضي التي تركها له الأجداد، بسبب نصائح خادعة لأصحابه ،وهم الذين يسلبونه كل شىء فيما بعد. وبدخلونه عالم الأعمال والقمار والنفوذ والتعاملات المالية المشبوهة…حيث يروي سمير لأحمد قصة عائلة داوود ومعاناتها مع الحياة الصعبة، نقرأ:”بحسب ما علمته من صديقي أيضا فإن رب الأسرة المغامر ظل يخسر في سهراته الليلية مبالغ صغيرة لم تلبث أن بدأت تتضخم يوما بعد يوم، أضحت الديون التي عليه ثقيلة تتراكم بالفوائد الفاحشة.”(ص51).

ad

وتتطور الاحداث،ويتوفى الوالد والوالدة، ويتجه الصغير مختار للعمل اليومي،ويدخل دروب الصراع في يوميات السوق الشعبي،لإعالة إخوته ومساعدتهم في مواصلة الدراسة.

إن الرواية تقدم صورا متعددة من المشهد الاجتماعي الجزائري،بخاصة ملامح السقوط لبعض القيم،ففيها نجد كيف تقع الأسر في التفكك والتشت بسبب المال، وكيف يجري الإنسان خلف مشاغل الدنيا وبنى أهله وأحبابه…ولكن تظل القيم الدينية والأعراف الإيجابية تصارع للبقاء،فنجد في الرواية كيف تتضامن العائلات المتجاورة في أزمنة الحزن والألم(مساعدة الجيران للأطفال اليتامى،و مساعدتهم لمختار في كبره لربطه بإخوته الذين ابتعدوا عنه)، وكيف يتعاون الأصدقاء ماديا و يساندون بعضهم معنويا،كما نجد مشاهد تعليم القران في الكتّاب…

ومن ملامح بناء معمار الرواية نقرأ الصراع الداخلي بين الواقع والذات وأحلامها (رغبة مختار في الارتباط بفتاة من طبقة مرفهة وغنية رغم أنه فقير)، ونجد سردا لوضعية العاملين في الصحراء (القطاع العسكري)بعيدا عن الأهل، ومشاعرهم المتناقضة المتصارعة بين العاطفة والواجب.

أخيرا…

هي رواية المزج بين الحدث الاجتماعي والداخل الذاتي،للشخصيات،عبر استعمال المونولوق والحوار،وعبر لغة سردية لا تستغرق في الجماليات الشعرية والفلسفية والرمزية، بمعنى أنها من جماليات الكتابة الواقعية..ننصح بقراءتها.

جامعة سكيكدة