مع إننا اليوم نعيش على تخوم ظهور كم هائل من الشعراء الذي برزوا مع الافتتاح العالمي وطرحوا أنفسهم كشعراء حداثيين وأتاحت لهم مواقع التوصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والمنتديات الادبية والمجلات الالكترونية وبعض الصحف الورقية فرصة نشر إنتاجهم لكن ظلت هناك أصوات شعرية مهمة لها حضور مميز في الساحة الأدبية العربية تعتلي على هذا التيار والكل يترقب أي نص يطرحونه من هذه الاصوات الشاعر العراقي عباس شكر وهو شاعر عراقي وتجوز المحلية ليصل الى العربية يملك قدرة كبيرة في بناء النص والتعامل معه بطريقة فنية يجعلك امام لوحة ناقدة بكل انوع الفنون يقول في احد نصوصه
والنازلون تعددوا في سكّةٍ
والصاعدون توسّلوا كي يحترسْ
فالنازلون دموعنا رُهنت بهم
ad
والصاعدون ببسمةٍ..فعليه قسْ
وغدا سننزل لا محالةَ عندما
يأتي القرار بأمرهِ …لن نقتبِسْ
فعلامَ نفتعل الخصام وليتهُ
قد غيّرَ المكتوبَ مما يلتبسْ
وعلامَ لا نفشي السلامَ فطالما
هذا الخلاف مصيره أن ينكبسْ
صور شعرية متعددة جمعت تحت سياق مسمى النص وتعود هذه التعددية على الذات الشاعرة عند عباس شكر الذي نوع بطرح وظل محافظا على بنية العمل وفكرته حيث تدور كل الإحداث حول دورة الحياة وقد وجه الشاعر خطاب مفتوح ان عملية القبض على اللحظة الشعرية وتحويلاها على نص يحتاج لعدة عوامل منها الموهبة وامكانية استخدام المفردات والاعتماد على خزين لغوي ومعرفي وكل هذه الشروط حين تجتمع تولد لنا اثر ادبي كبير متكامل الجوانب ان الكاتب الذي يملك هذه الامكانيات يستطيع ان يصنع شيء مميز
فاترع ومن كاس الجمال شريبةً
واترك مرارات المياه لمغتلِسْ
إن الجمالَ منابعٌ…مرآتهُ
بمحبّة الأشياء ضوءً ينعكسْ
واذكر بها من زاد ذكرك رفعةً
ان الية الكتابة عند شكر ليست الاختزال او الابداع فقط بل فنية التصور والتقاط المشهد الذي تطوره حيث نجده تصور كاس الجمال شريبة ان هذه الارهاصات الشعرية هي ترجمة الاحساس ونقل واقعية بطريقة سحرية بعيد عن الترهل وطول السرد وهذا ما يجعلنا بتشوق لمعرفة المزيد ومتابعة تسلسل الحدث في القصيدة المطروحة
عجبتُ لهم جيلاً وكنت أظنّهم
إلى الكأس قد ساروا.. ولكن سأعجبُ
فقد بلغوا ما لا يُضاهى مراكزاً
وكلُّ طموحِ الآخرينَ ليلعبوا
حكيمي وزيّاشٌ وبونو وفرقةٌ
مرابطُ أوناحي وبوفالُ أذهُبُ
تحايا وأشواقاً بعثنا لرابعٍ
سنذكرهم ما لاحَ نجمٌ وكوكبُ
يقول الناقد العالمي أرشبيلد ماكليش ان الشعر لا صنع من الافكار انه مصنوع من اشياء او كلمات تدل على اشياء نستنتج من هذه المقولة المهمة كيف ان الشاعر الذي تربطه علاقة فنية روحية بالأشياء من حوله يستطيع ان يعبر عنه بحساس عالية ويبتكر منها صور ابداعية بعيدة عن الترهل فهناك ترابط جميل عند الشاعر عباس شكر الذي يبني خطابه الشعري على الحكمة وهذا كان يكتبه الشعراء الصوفيين واشهرهم ابا العتاهية والحلاج والشافعي وقد اعاد لنا شكر تلك النغمة الجميلة