عانت عائلة أبو حجر من شظف العيش لقرون طويلة ، حيث كانت تقتات على البقول والثمار البرية قبل أن تتعرّف على اساليب الري والزراعة وايقاد النار وصيد البّر والبحر . وكان بديهيّاً أن تتحسّن ظروف معيشتها ، فتفاخر يوم ألأحد عادة، بالعاب الروديو وحفلات الشواء الباذخة . وكان ألأكثر سعادة في هذه الأجواء، صغارها الذين كانت اسماؤهم الشائعة تتراوح بين حصى وطبشور وبرونز وحديد ،مع اضافة صفة التأنيث المناسبة . وبتوالي السنين، أصبح للعائلة تراث جسّدته برسوم مميّزة زيّنت زوايا كهفها .
في ألأثناء ، وفي ليالي الشتاء الطويلة ، كان أطفال العائلة يتحلّقون حول الجدة حجر عثرة ،مصغين لقصصها عن الجن والعفاريت وعنترة والسندباد وعلي بابا والشاطر حسن وذات الرداء ألأحمر وقاتل العمالقة . والغريب ، أن الجدة اخترقت حاجز الزمان وأبدت اعجابها الشديد بمغامرات هاري بوتر من دون أن يختلط عليها ألأمر ، فتظنه قلب الدفاع الانكليزي هاري مغوايير .
ولحسن حظ العائلة ، أضاءت الكهرباء الكهف 24 على 24 ، ما دفع ربّ العائلة أبو حجر الى السوق ،وإبتاع مذياعاً أمدّ العائلة بأخبار واغنيات العوائل المجاورة . وحقق ترنداً عالياً في نفوس العائلة مسلسل سمارة الذي كان البرنامج العام التابع لقبيلة القاهرة ، يحرص على بثه بموعد ثابت ، في تمام الخامسة والربع مساءً .
وسرعان ما أكل الغبار الراديو والكاسيت ، ليلمع في ألأفق التلفزيون . فكان أبو سليم الطبل وجحيم المعركة ويانصيب شفيق جدايل ومسلسل فارس ونجود الذي عقبته الفانتازيا البليدة للعديد من المسلسلات المصرية فالمكسيكية والسورية والتركية .فصفّقت العائلة لقيامة ارطغرل على حريم السلطان . وحاليّاً ، لحلقات عشق منطق وانتقام ! !
استمتعت العائلة بذلك حتى الثمالة ،الى أن سيطرت شبكة الانترنت على العالم . وهنا ، تفوّقت العائلة بواسطة :like وDislike على ظاهرة البيتلمانيا . لكن هذا جلب لها الخمول ،فعافت اعمالها التي وقعت كلها على كاهل ابو حجر . فإستبد به الغضب ذات يوم ، ودرز كل العائلة بالكلاشن ،وتاه في زحمة المدن مقاوماً برأسه كتل ألأخبار العاجلة . وكان أحدها أن مقاوماً فلسطينيّاً دهس اسرائيلياً فاشيّاً . ولمّا كان رأسه حجراً ، صنّف المقاوم ارهابيّاً . وبإندلاع الحرب الروسية / الأوكرانية ، انحاز الى اوكرانيا بعدما سخسخته سباياها ذوات الجمال الباهر . وتمتم دعاء داعش ، بأنه سيقطع رأس بوتين في اقرب سانحة . لكن عندما رأى مثاله ألأعلى بايدن يتعثّر دائماً في مشيه ، لم يقوَ على العيش ، فقرر ألإنتحار ، ليس بالهاريكيري أو الروليت الروسية ، بل بسيف الحجاج الذي قيل أنه حسن اسلامه ، في آخر ايامه .
تلك كانت تراجيديا أبوحجر .كما بلغتنا بالتمام والكمال . فلنأخذ العبرة بقلب سليم ،والله المستعان على ما كان ،وكان .