كسر الزمن/ النجاح بنت محمذفال
ننساق وراء رحلة العمر بلا صوت ..
نهزم الزمن بصمتنا المهيب ونهرب نحو المكان شعورا بحنو ألفناه كلما طافت بنا رحال العمر عبر ثنايا الزمن الخؤون !
شعور راود من هم قبلنا استشعروا حنو المكان معذا من كل غائلة من هم أهل الكهف ومنهم ذوى مغارات ترك لهم الزمن أسفارا في ثنايا هي مخابئ كلها تغني سفرا واحدا هو اللاعودة
احيانا يكون السفر ذي مراكب ترسو لتبلغ غايات هي درب لآخرين كما حدث لأهل الكهف على سبيل المعجزة لكن مخابئ الزمن اكتنفت مراكبهم …
لم يهتم الامير احمد سالم ولد محمد لحبيب بمصير مراكب كل الماضين وأتاح لوجدانه السفر عبر الزمن غير مبال بتلك السطوة ولا احداثيات نقاط الوصول :
“منصاب الدنيَ تنثْنَ
بلٌِكامل نعرف فيها
من طربه واتم اسنَ
فبلده لين انجيها”
لا حاجة للتذكير بان الثني يعنى العودة بآخر الشيء إلى اوله ..
هنا المبتغى لكن اول السنة مختلف لأن النسبية تنتابه ، هو فبراير عند بعض وغيره عند آخرين ، لكن هم الأمير هو هزيمة اللاعودة -سُنة الزمن ! حتى ولو عن طريق حلم العودة بآخره إلى أوله! على طريقة الشنفري
وخرق كظهر التيس قفر قطعته
بعاملتين ظهره لييس يعمل
فالحقت أولاه باخراه موفيا
على قنٌة أقعى مرارا واُمثل
وهل يستطيع ؟
هل يستطيع غير الامير ان يطوي الزمن كما طوى الشنفري من قبله المكان ؟
هنا تتجلى قدرات الامير الإبداعية بان أسقط حالة المكان على الزمان مختزلا إياه في محتوى مطلوبا يقتصر على ما يحويه من ذكريات هي التي جعلته يتطاول على النسيان:
“بل ينعرف فيها
من طربه واتم اسن “
استيقاف الزمن هنا من أجل ثنيه عن الاستمرار في تجاوزنا ، في تفريطه في تخطيه وقائع عشناها بقي المكان شاهدا عليها وله بها بوح كلما استنطقناه لبى واعتمر !
لذلك تم إسقاط حالة المكان وصمته المهيب ووفاءه الحاني علينا على مراكب الزمن :
“…….واتمْ اسْن
فبلدها لين انجيها “
تجلٌِِ للوفاء لدى المكان تاق إليه الأمير احمد سالم ولد محمد لحبيب يجعل المرء يتساءل ؟
هل من صمود أمام ولولة السنين وعتو الايام وراجمات النجوم ؟
وفي تزامن ليس هناك ما يحيل إلى ان مبدعيه التقيا يقول الشاعر الفرنسي لامارتين
في قصيدته البحيرة التي ترجمها إلى العربية كثيرون منهم نقولا فياض :
يا دهرُ قفْ، فحرامٌ أن تطيرَ بنا
من قبل أن نتملّى من أمانينا
ويا زمانَ الصِّبا دعنا على مَهَلٍ
نلتذُّ بالحبِّ في أحلى ليالينا
علما بان احمد سالم ولد محمد لحبيب توفي حوالي سنة 1875. كما توفي الشاعر الفرنسي لا مارتين 1869-
وأن لم يلتقيا ثقافيا ولا واقعيا فإن شعورهما باستيقاف طيران الزمن وتحليقه بعيدا كان محور لقاء من نوع آخر …
شعور جعل اديبة موريتانية قديمة تسطو على الوصول ، تعلقا بمقدمة الموكب -موكب الزمن- زمانها ، فبمجرد كلمات قليلة اطلقت هذه الاديبة راجمات الغضب ضد صواريخ الأيام التي لا تنتظر !
” فاتو بعد أيام
يسعدْ الْجاهم من گدام “
وفى طي آخر لثنايا الزمن تقول أخرى في ابتهال إلى مقسم الارزاق-ربنا عز وجل في تعبير عن الله بالحسانية الگسام
“منصاب الگسام
واس ست أشهر ست ايام “
وتلاحق اديبة اخري الزمان بجيش من الآليات
منصاب اگدامي… لحكو ذ الاحك تخمامي
البشرية اقدام تسبقه واحلام تطارده لاقبل له بها !
وعلى طريقته الإبداعية الموغلة في الإيحاء والتخييل يقول الشاعر العربي الحسانى
الشيخ ولد دومان :
گالولي يلنهواك
عن ملگاي وإياك
فسيف الدولة ذاك
فزر الحديقه
لو دهر طويل اياك
ذي ماهي حقيقه
وعن ملگان فالشام.
ذل مالو دقيقه
لو عاد اثنعشر عام.
راعي ذي مُبيقه.
مستوى من التصوير الخيالي ينهض باللحظات من اثنى عشر عاما إلى دقيقة واحدة !!!
اما الشاعر العربي اللبناني جورج جرداق فقد نازع الزمن سيره وامتلك زمام ليله وأوقف الزمن عنوة لا اختيارا :
ملء قلبى شوق وملء كيانى
هذه ليلتى فقف يا زماني