في كتاب جديد: كسر الجدار الوهمي بين الشعر الحساني والشعر العربي الفصيح/ ادي آدبه
لقد أعلنت منذ2005 بمدينة ورزازات المغربية، في ندوة دولية، حول التراث المروي، أن الأدب الشعبي والشعر منه بصورة أخص يعيش ضيما مزدوجا يجب رفعه، حيث يتناقله رواة يحفظونه، ويستشعرون فطريا جماله، لكنهم لا يملكون ثقافة أدبية نقدية تمكنهم من تحليل جماليات فنياته، بينما يجهله أو يتجاهله نقاد الأدب العربي الفصيح، ولا يطبقون عليه طرق تحليل النصوص الشعرية العربية الفصيحة، بيد أن الأدب هو الأدب، والشعر هو الشعر، بغض النظر عن اللغة التي يكتب بها، بل إن شعراء الحسانية عندنا كثيرا ما يتفقون ابداعيا، على شعراء الفصحى، حيث يساعدهم عمق صلتهم بلغتهم الشعبية، على تصوير صدق احساساتهم، وترفد بعضهم-ايضا- ثقافته العلمية الأدبية في تجاوز التعبير العربي الفصيح التقليدي الراسخ رسوخ عمود الشعر العربي، عبر التاريخ، وقد كانت مداخلتي يومها محاضرة حول تقاطع الشعر الحساني والشعر الجاهلي، ما إن بدأت فيها أتلمس نقاط التقاطع بين هذين الشعرين ؛ حتى فوجئت بأنها أكثر مما كنت أتوقع، لدرجة تكاد تصل حد التطابق من حيث غموض النشأة، ومن حيث الأغراض، والمعاني والتصورات.
وقد أفضى بي البحث إلى أن هذ ا التطابق الغالب بين الشعرين مرده -تحديدا- إلى الصلات الحميمة بين الأفقين، والبيئتين المنتجتين لهما، رغم بعد ما بين المشرق والمغرب، وبعد ما بين الجاهلية والقرن الميلادي العشرين، وقد واصلت بعد ذلك مقاربة الشعر الحساني بمنظور النقد الأدبي االفصيح، كاسرا ذلك الجدار الوهمي بين صنوين، من منبت واحد، وإشعاعين من مشكاة واحدة.
وهكذا بني هذا الكتاب على أربعة أركان/ فصول: انطلق فيها البحث من “وصل الفصل بين الشعرين”، ليستظل بـ”شجرات الأطلال في عيون الشعر العربي الفصيح والحساني: بين العَبْرة والعِبْرة”؛ منتقلا-بعد ذلك- إلى استنطاق “الرمزية” فيهما معا، متلمسا خلفياتها وتجلياتها، لينتهي به المطاف إلى إرسال “إضاءات بين يدي البحث في إيقاع الشعر الحساني”، غير مهمل علاقته الإيقاعية بأبيه الشعر العربي الفصيح .