canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

شجرات الأطلال/ أدي آدب

إن الشجرات الداخلة في مكونات أطلال الشعراء العشاق، مهما تنوعت فصائلها تبقى -في جلها- لصيقة بنبات الصحراء، ومتأصلة بذوات الشعراء، وتجاربهم الحراء، التي لن يقبلوا أن تكون عابرة إلا للعصور والشعوربما يكفل لها البقاء، بدل الفناء، نتيجة لما تخزنه من حصائد مشاعرهم ورؤاهم وفلسفاتهم، المسبوكة في مقاصد القصائد، وعلى ضوء ذلك لم يخلد الشعراء من غابات الشعر، وأوديته التي مروا بها عبر حيواتهم إلا الشجرات التي استصحبت لحظة تعني لهم أكثر من حمولتها الزمنية الخاطفة العابرة،

فعلاقة الإنسان بالشجرة، بدأت مع النشأة الأولى لهذا الإنسان، حيث أباح الله لأبوينا: آدم وحواء كلما في جناته من شجر، وثمر، ونهاهما عن شجرة واحدة، لحكمة وعبرة أرادها ربنا جل في علاه، فلما انبهرآدم بما في الجنة، “من النعيم والكرامة”، وكان يعلم أن البقاء لله وحده، قال: (لوأن خُلدًا، فاغتنم الشيطان ذلك منه، فأتاه من قِبل الخُلد، فلمَّا دخل الجنَّة وقف بين يدي آدم وحوّاء، وهما لا يَعلمَان أنّه إبليس، فناح عليهما نياحةً أحزنتهما، وبكى، وهو أول من ناح، فقالا له: ما يُبكيك، قال: أبكي عليكما، تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة والكرامة، فوقع ذلك في أنفسهما، فاغتمّا، ومضى إبليس، ثم أتاهما، بعد ذلك وقال: {يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}

إنها- ربما- النواة الأولى للعلاقة المركبة بين الإنسان الحساس، والشجرة، في ضوء العَبْرَةِ، والعِبْرَةِ، والفراق، والذكرى، والحنين، والتوق للخلود، كما أن وسوسة الشيطان النائحة، ودندنته حول الشجرة، ربما تكون نواة العلاقة بين الشجرة والشعر، فيما بعد.

وربما من هنا تماهى الإنسان بالشجرة، تمثلا وتمثيلا، فأصبح نسبه شجرة، راسخة الأصول ، فينانة الفروع، أو هكذا يراد له، فقال جرير:فما شجرات عيصك في قريش***بعَشَّات الفروع، ولا ضواحي ولكن هذه العلاقة الحميمة بين الإنسان والشجرة رهينة المنفعة، أيا كان نوعها، ولهذا نجد ابن باجة الأندلسي يتساءل عن هذه الجدوائية، وحتى لو كانت مجرد وفقة طللية:

فيا مَكْرَعَ الوادي، أمَا فيكَ شُرْبَةٌ؟ … لقد سالَ فيكَ الماءُ أزرقَ صافياويا شجراتِ الجزْع، هلْ فيكِ وقْفَةٌ … وقد فاءَ فِيكِ الظِّلُّ أخْضَرَ ضافيا؟ وتأكيدا لهذ المنحى النفعي لعلاقة الإنسان والشجرة خاطب محمد بن عبد الملك الثقفيّ “شجرات ضرب بهن مثلاً”: إذا لم يكن فيكنّ ظلٌّ ولا جنىً … فأبْعَدَكُنّ الله من شَجَراتِ

ولهذا- ربما- جعل الشعراء الإنسان المرثي، والمفتقد عموما شجرة، يقاس الفراغ الذي يخلفه في الحياة بمدى جنى ثمراته في المجتمع؛ وذلك مثل قول متمم بن نويرة في تأبين أخيه مالك:

وكلّ فتىً في النّاس، بعد ابن أمّه … كساقطةٍ إحْدى يديْهِ من الخبْلِوبعْضُ الرّجال نخْلةٌ، لا جَنَى لها … ولا ظِلَّ إلَّا أنْ تُعَدَّ منَ النّخْلِ وقد أبدع الشاعر الحساني سيدي محمد ولد الكصري، في رثائه للشيخ باب بن الشيخ سيدي، حيث كنّى عنه بشجرة ذوي الحاجات المختلفة، التي كانوا يأوون لظلها، كلما ضامهم الزمن، متعزيا، ومعزيا بأن سقوط هذه الشجرة بموتها الحتمي، يخفف الفجعَ الكبير فيه بقاءُ جذرها الراسخ، وورقها الناضر، وظلها المديد الوارف:

صدرايتْ رَكسْ أهل الحاجاتْ ….. الْكان انغرستْ ما تنسلْ

گالُ عـــــــــنه طاحتْ وُوفات …..

غير احمدت العالِ لَكْمَلْماطاحتْ صــــــــدرايَ خلاّت

….. اجــــــدرهَ وورگه والظلْ

نعم إن الأخلاق نفسها شجرة، تُمَجَّدُ تنميتُها، ويُنْعَى اجتثاثها من أصولها، ولذلك قال أبو تمام في رثائه لمحمد بن حميد الطوسي:إذا شجراتُ العُرْفِ جذّتْ أصُولها … ففي أيّ فرْعٍ يُوجَدُ الورقُ النّضْرُ وحتى الشجرات النباتية الواقعية، يستثمرها الشعراء في منطومة الرثاء، مثل شجرات القِرى، التي كان كرام الأحياء يتخذونها مضافات لعابري الصحراء، إليها يثوبون، ومما يناسب هذا الفن قول امرأة من بنى عامر ترثي أحدهم:

أيا شجرات الواد من يضمنُ القِرَى … إذا لمْ يكنْ بالوادِ عمْرو بنُ عامِر؟فتى جعفريٌّ كان غيرَ مُيَامِنٍ … طريقُ الندى عنْه، وغيرَ مُيَاسِرِولكن إليه قصْدُ كلّ محصّب … صبور على مُسْتَصْعَبَاتِ الجرائرِومُسْتَنْبِح تزْهى الصّبا عنْه ثوْبَه … تُقلّبُه الأرواحُ بين الدياجرِيُجاوبُه كلْبَانِ، والليلُ مُسْدفٌ … يكادان يَبْتَدَّانِه بالشراشرِيكادان- من وجْد به وتَمَلُّقٍ- … يقولان: أهلا بالمُكلِّ المُسافِر

ل إن الشاعرة الفارسة: الفارعة ليلى بنت طريف الشيبانية، تستعظم الفجع في مقتل أخيها الوليد الشاري، فتستنكرحتى على شجَر الخابور- أن لا تجف أرواقه، وتموت عروقه، تأثرا بهول المصاب الجلل:

أيا شَجَرَ الخابور، مالك مُورِقا؟…كأنك لم تجزعْ على ابن طريف!

ولعله غير بعيد من هذا القبيل ارتهان روح الشاعر البطل أبي محجن الثقافي للكرمة شجرة الخمر، وإشفاقه من أن يفارق ظلها، ولو بعد موته، ما جعله يعلن وصيته الشعرية في حياته:إذا متُّ، فادْفنِّي إلى جنْبِ كرْمة***يُرَوِّي عظامي- بعْدَ موْتي- عروقُهاولا تدْفِنَّنِي بالفلاة، فإنني***أخاف- إذا ما متُّ- أنْ لا أذوقها ورغم أن الله أنعم عليه بترك الخمر يوم أبلى أحسن البلاء في معركة القادسية، فعزم القائد العظيم سعد بن أبي وقاص أن لا يحدَّه في الخمر بعد ذلك اليوم، فآلى هو على نفسه أن لا يذوقها أبدا، ورغم ذلك، فقد (قال عبد العزيز بن مسلم العقيلي: رأيت قبره بأرمينية تحت شجرات كرم، فذكرت قوله، فتعجبت من الاتفاق الواقع له) وعلى كل حال تبقى الشجرات ذات البعد الطللي أكثر الأشجار اعتلاقا بأرواح الشعراء، وأكثرها انغراسا، وتناميا في قوافيهم، وأجملها تبرجا في عيون شعرهم العربي، فصيحه، وشعبيه، نظرا لحمولتها الرمزية عن المرأة والوطن، أو عنهما معا، حيث يكون الوقوف عندها وقوفا نادبا لمفقود مرغوب، وماض هارب مطلوب، وهذا الارتباط الوجداني الرمزي بين الأطلال-عموما- ورباتها، هو ما أشار إليه مجنون ليلى بقوله العاقل جدا: إنه ليس مولها بحب الديار، (ولكنْ حُبُّ من سكَنَ الديارَ)، وعلى ذلك المنوال نسجَ جرير، قائلا:

فإنِّي- وَلوْ لَامَ العَواذِلُ- مُولَعٌ … بحُبِّ الغَضَا؛ منْ حُبِّ مَنْ لا يُزايِلُهْوَذَا مَرَخٍ أَحْبَبْتُ؛ مِنْ حُبِّ أهْلِهِ … وحيْثُ انْتَهَتْ- في الروْضتيْن- مَسَايِلُهْ

قال ابن الرومي:

وحبَّبَ أوطانَ الرجال إليهمُ…مآربَ قضَّاها الشبابُ هنالكا وهذا ما سبقته إليه مُتَيَّم جارية علي بن هشام، حيث مرَّتْ على منزله مهجورا

وحبَّبَ أوطانَ الرجال إليهمُ…مآربَ قضَّاها الشبابُ هنالكا وهذا ما سبقته إليه مُتَيَّم جارية علي بن هشام، حيث مرَّتْ على منزله مهجورا مهملا، بعدما قتله المأمون، فقالت:يا منزلا لم تبل أطلاله…حاشى لأطلالك أنْ تَبْلَىلم أبْكِ أطلالك، لكنّنى … بكيتُ عيْشى فيكَ إذْ ولّىوالعيْشُ أوْلى ما بكاهُ الفَتى … لا بُدّ للمَحْزُون أنْ يَسْلَى وقد ألمَّ شاعرنا الشنقيطي المبدع: سيد محمد بن الشيخ سيدي بهذا المعنى، فاختصره وعمقه، حيث قال:وما ضيعةَ الأوْطان نبْكي… وإنما نُؤَبِّنُ من أعْمارنا كلَّ ضائعِص41-42

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى