canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

أشياء صغيرة / باته البراء

بعض النصوص تسكنُنِي وتلح علي فلا أُشْفى منها إلا عندما أتحدثُ عنها، وكلما حاولت الانشغال عنها بنصوص أخرى اعترضتني وقفزت إلى ذهني.

إن الأحداث الجانبية والأشياء الصغيرة التي تصنع حدث الشعر لدى شعراء الحسانية لم يتفطن إليها الشعر الفصيح، بل دخل في تفاصيل الجسد وتأثيراتها لدى الإباحيين، وعبر عن التعلق والشوق ووصف المحاسن لدى العذريين؛ فلم يستطع شعراء الفصيح أن يتعدوا دائرة الانبهار الحسي بالمرأة.
أما الشعر النبطي ولغن الحساني فاستوقفتهما أحداث صغيرة شكلا منها صورا بالغة التأثير والتعبير عن قيمة الأنثى في حياتهم، وما تستدعيه أشياؤها وانفعالاتها من شَجًى وشَجَنٍ، وما تترك لديهم من ذكرياتٍ تُؤَثِّثُ عالمهم الإبداعيَّ والجماليَّ.

يقول الأمير بدر بن عبد المحسن :

قَصَّتْ ضَفَايرْهَا ؤُدَرَيْتْ
الْبَارِحَه جَانِي خَبَرْ
أَدْرِي لِبْسِتْ خَاتَمْ عَقِيقْ
وَتَقْرَا لَهَا كِتَابْ عَتٍيقْ
كتَابْ وَأَظُنُّهُ شِعْر ْ


أَحْفَظْ أنَا حِجَارْ الطريقْ اللِّي يُوَدِّي لِبَيْتْهَا
وَأعْرِفْهَا زَيْنْ..
وَأعْرِفْهَا زَيْنْ وَأنَا
لَا شِفْتْهَا وَلَا جَيْتْهَا
قَابَلْتَهَا صُدْفَه عَلَى شِفَاهْ الصِّحَابْ
هَمْسِةْ أَمَلْ حَسَّيْتْهَا
وَدَمْعِةْ عَذَابْ
وَصَارَتْ هِيَ الْخَبَرْ الجديدْ.

هكذا تتشكل الصورة من لقطات مختلفة حَيِيَّةٍ: (قصة ضفائر- لبس خاتم – قراءة كتاب- معرفة أحجار الطريق- )، وتأتي المفارقة حين يؤكد أنه رغم معرفته لها حق المعرفة، كما تؤكد التفاصيل المقدمة، فإنه لم يرها ولم يزرها.
إنها أحجيةٌ تلقفها من أحاديث الأصدقاء، همسةُ أمل ملأتْ نفسه بالحضور، دمعةٌ أسهرته الليالي تباعا، هي فكرةٌ وجمالٌ مطلق لا يُرى ولا يُلمس وإنما يَعْمُرُ النفس فتذوبُ في ملكوت الحب.
ولا يختلف الشاعر ولد اكليب بدوره عن بدر بن عبد المحسن في دخوله حالة من التجلي لحدثٍ بسيطٍ التقطته باصرته:
گَطْعِتْ مِنْتْ اعْلًيَّ@ مِنْ جِدْرْ اسْدَيْرِيَّه
عُودْ اعْلَ عَيْنِيَّ @ مِنْ ذَاكْ التَّوْ ازْگِرْ
بَالِي مَاتَ فِيَّ @ مِنْ لِغْبَ گِدْ اشْبِرْ
ؤُلَاتَ بِيَّ مَطْمُوعْ @ وَألَّا عِدْتْ اعْلَ زِرْ
عَنْ لَغْيَادْ ؤُمَكْطُوعْ@ كِيفْ الْعُودْ امْنِ اجْدِرْ

حدث صغير لاحظه الشاعر فغير مجرى حياته كليا، كان أشبه بالمَسِّ أو السحر: ف “منت اعلي” لم تزد على أن قطعت عودا من شُجَيْرةٍ، تبتغيه سواكا أو تريده لسد قربةٍ أو وطابٍ أو غيرهما.
تلك الحركة الخفيفة، حولت أحاسيس الشاعر وجعلته يعيش لحظة نرفانا مستمرة، فلا هو يتطلع لمعرفة شيء، ولا هو يصبو لبلوغ مرام، ولم تعد تستثيره الغواني، بل عاش عزلة فريدة مماثلة لعزلة العود الذي اجتث من أصله.
كلا النصين ابتدع طريقا مختلفا للحديث عن المرأة، وشكل نظرة غزلية مختلفة لها، فنأى عن العيون والقد والثغر والشعر، واحتكم إلى تفاصيل صغيرة كونت رؤية متعالية على المألوف، غنية بالإيحاءات الإنسانية الحميمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى