ثقافة وفن
مشكلة نحوية بحاجة إلى وقفة: ”قمة الدول السبع الكبرى“ أم ”قمة الدول السبعة الكبرى“
مع اجتماع وزراء خارجية الدول الصناعية الكبرى في مدينة لوكا بإيطاليا، يعود إلى عناوين الأخبار تركيب (قمة الدول السبع الصناعية الكبرى). وفي هذا التركيب مشكلة نحوية بحاجة إلى وقفة.
يضم هذا التركيب:
· اسما هو (الدُّول)، وهو جمع يميل بعض المذيعين من المصريين إلى نطقه بكسر الحرف الأول فيه هكذا (الدِّوَل) خطأً، متأثرين بصيغته الشائعة في اللهجة العامية المصرية. ومفرد هذا الاسم هو (دولة، أي اسم مؤنث)،
· وصفة جاءت بصيغة العدد (٧)،
· ثم صفة أخرى بصيغة عادية (الكبرى)، أو صفتان (الصناعية الكبرى).
وتنص قواعد العربية على أن الصفة، أو النعت، تتبع الاسم الذي تصفه، أي الموصوف، من حيث العدد (مفردا، أم مثنى، أم جمعا)، والتذكير والتأنيث، والحالة الإعرابية (مرفوعا، أم منصوبا، أم مجرورا). وهاكم بعض الأمثلة.
· هذا كتابٌ جديدٌ ممتعٌ، وهذه صورةٌ جميلةٌ ملونةٌ (حالة الاسم المفرد المرفوع، مذكرا ومؤنثا)
· قرأتُ كتابين جديدين ممتعين، ودراستين قصيرتين مهمتين (حالة الاسم المثنى المنصوب، مذكرا ومؤنثا)
· التقيت مع صحفيينَ مصريينَ وافدينَ في المعرض، ومع فناناتٍ سورياتٍ زائراتٍ أيضا (حالة الاسم الجمع المجرور، مذكرا ومؤنثا)
لكن تلك القاعدة انتهكها الصحفيون الذين صاغوا تركيبنا السابق (قمة الدول السبع الصناعية الكبرى). إذ إن العدد (سبع) في التركيب هو في حقيقته صفة للاسم السابق (دول، ومفرده اسم مؤنث هو دولة)، لكن من كتبوا العنوان استخدموا صيغة المذكر (سبع) وصفا لاسم مؤنث (دولة). وهذا يناقض قاعدة اتفاق الصفة أو النعت مع الاسم الموصوف أو المنعوت في التذكير والتأنيث. فلماذا خالف الصحفيون تلك القاعدة؟
هنا قد ينبري أحدنا ويقول: الصفة هنا هي العدد (سبع)، والعدد – بحسب قواعده – يخالف الاسم المعدود من حيث التذكير والتأنيث، إذا كان ما بين ثلاثة إلى تسعة. وبالنظر إلى أن الاسم المعدود (دول، ومفرده دولة مؤنث)، فيجب مخالفة العدد (٧) له فنستخدم صيغة العدد المذكر (سبع) فنقول (سبع دول)، و(دول سبع).
وهذا اعتراض وجيه، بيد أني لا أستسيغه لسببين.
أولهما: أن قاعدة العدد من حيث مخالفة المعدود في التذكير والتأنيث تُطبق بلا استثناء إذا كان ترتيب العدد في الجملة قبل الاسم المعدود، كما في (سبع دول). وقد شرحت سر هذه المخالفة في مقالة أخرى سابقة. أما إن ورد العدد بعد الاسم المعدود، كما في (دول سبع) في التركيب الذي نحلله هنا، فيجيز النحاة إما اتباع قاعدة العدد السابقة من حيث مخالفة العدد للاسم المعدود، وإما موافقة صيغة العدد للاسم في التذكير والتأنيث، أنه صفة، وينبغي اتباع الصفة للموصوف كما بينا.
ثانيهما: أن تطبيق قاعدة الصفة من حيث موافقتها للاسم الموصوف هنا في مثل هذا التركيب (قمة الدول السبع الصناعية الكبرى) الذي تتابع فيه صفتان أو أكثر، أولى – في رأيي – من تطبيق قاعدة العدد من حيث المخالفة. وذلك حتى لا يكون للاسم الواحد في الجملة، مثل (دول) في تركيبنا هذا صفتان إحداهما مذكرة (وهي العدد سبع)، والأخرى مؤنثة (وهي الصناعية، والكبرى). وهذا تناقض لا تقبله اللغة: أي أن يكون لاسم واحد مؤنث مثل (دول) صفتان، إحداهما مذكرة (سبع) والأخرى مؤنثة (صناعية، و كبرى).
ومنعا لحدوث هذا التناقض في الجملة أرى أنه من الأولى أن نطبق قاعدة الصفة، ونغفل قاعدة العدد، لأن قاعدة اتباع الصفة للموصوف هنا مع تعدد الصفات، أي تتابع أكثر من صفة بعد الاسم الموصوف، تجبّ قاعدة العدد، فنقول: (قمة الدول السبعة الصناعية الكبرى). ولا ننساق بلا تفكير وراء قاعدة العدد.
محمد رياض العشيري
تعليق واحد