رعشة البحر.. (قصة قصيرة)/ ام كلثوم احمد الحسن
يبزغ يوم جديد في حياتك الرتيبة؛
تصحين نشطة تلاحقين محطاتك الصغيرة اليومية وانت تتقافزين
ترمي بنفسك وراء مقود السيارة ، تديرين المحرك و تدوسين الدواسه في سرعة قلقة ؛تلتهمين الشارع ، تتحسين بقايا طعم معجون اسنانك في زوايا فمك؛ تتطاير خصلات من شعرك على صدغك الايسر، فترديها في حركة سريعة ؛ نسمات الصباح الاولى تدغدغ وجنتيك؛ وثقوب غلالة ظلام بقايا الليل تنبجس منها خيوط نور الصباح؛
الخط الاسود امامك يسير إلى الخلف في سرعة كبيرة؛
يسح خطان عموديان
على وجنتيك ، فتقطعين سيرهما بحركة سريعة من يدك ؛ فينزان من جديد،
جمهرة المتسولين عند أشارة التوقف الحمراء ؛ تخرجك من شعورك، تعطي قطعا نقدية صغيرة لذالك وتلك؛ يرون دمعك لايابهون،
تنطلقي كالسهم من جديد، تبوحين بصوت مسموع لطالما ناجيت مركوبتك الفولاذية هذه ؛ فالفولاذ أحن من الإنسان؛
تشعرين انها تسمعك وتفهمك وتحن عليك ؛ لكنها لاتجيب،
فتتمادي في البوح لها باسترسال، دون خجل او تردد او تهدج في الصوت حتى ؛ الكلام ياتي متسلسلا كامل المعنى
تقولين وتقولين فتحسين انها تربت عليك وهي تزمجر منطلقة كالسهم ؛ وتمضين في سرعتك الجنونية لايقطعها شيء ؛وحدك على الشوارع تلتهمين المسافات ونتوآت قليلة مسرعة تلوح هنا وهناك كالأشباح تمضين وتمضين و يزداد النور هجوما ا على غلالة الظلام يشتتها شيئا فشيئا
تشعرين بان النور كان اسرع منك فقد كنت تحبين ان تصلي اليه وبقايا ظلام الفجر تغطي المكان،
كنت تحبين الجلوس معه تحت جنح الظلام؛ لكنك تاخرت،
يسحرك اكثر ان تريه في الظلام؛ فالبوح في الظلام اجمل واصدق؛ فالعشق وراء ستر الذ واجمل ؛ و البوح بما في النفس غاية اهل الوله؛
تصل روائحه الاخاذة الى تجاويف انفك ؛ تتغلغل في اعصاب دماغك كما تفعل قهوة الصباح ؛ تدلفين مع الممر المؤدي للموقف ،
توقفين الرفيقة بلطف ، وتميلين بجسمك سريعا خارجة فيتلقاك بروائحه الاخاذة ، تسرعين راكضة عبر الممر فترينه منبسطا ينتظرك عملاقا مسطحا ازرقا بهيما” يال الجمال” تنطقينها وانت تسحبين نفسا عميقا داخل صدرك ، وعيناك تتسعان وابتسامتك تاخذ مداها بين وجنتيك؛
تقتربين والرمل ينزلق تحت قدميك مدغدغا ؛
تمضين فإذا هو يتضاحك صحكاته الافقية المتكسرة ؛ هههأ ههههأ ؛ وتمررين نظرك عليه مبتسمة له وتقفين قبالته كانك تستفزينه لكنك انما تتملين جماله وعظمته وكبرياءه؛
يعلو صدرك وينخفض فيتضاحك بصوت اقوى يقهقه هذه المرة قهقهات مزمجرة فرحا بمجيئك؛
حتى ان أحدى قهقهاته تلطمك كتحية منه تحسين ان البحر كله في عينيك البحر الازرق المتلاطم فيك
و بزفيرك وشهيقك تحركين مده وجزره؛ واستهوتك اللعبة صرت تشهقين فيضرب قدميك وساقيك ؛ وتزفرين فيعود القهقرى؛اندمجت معه في رعشته المتواصلة وساءلته :
لم ترتعش باستمرار
فتاضحك قائلا :
ارتعش مما ترتعشين له؛
احقا ؟ تساءلت في دهشة!
اردف قائلا ؛واطنابه تهتز كاطناب خيمة عظيمة
انا ارتعش فيك
قال بشفته الواحدة المرتطمة بالشاطئ
اجل؛ كلانا يرتعش هيبة وعشقا ووجدا للمحبوب وغمزني وردد للمحبوب