قراءة في قصة الشيخ بكاي القصيرة جدا”بؤرة دم”/ النجاح بنت محمذفال

كان يعرف أنها كذبة…
وحينما أزفت ساعة الحقيقة،عوت ذئبة وفحت أفعى…
قالت جثة ميت :
” لن أرحل”…
غاصت سكين في بؤرة دم…
الغائب هنا هو بطل القصة “بؤرة دم” التي بدأت بالغياب عن طريق إسناد الفعل الناسخ (كان ) لضمير الغائب( كان يعرف ).. ويستمر الغياب مع ضمير الغائب (ها ) المحيل في تأنيثه إلى الكذبة لتصبح الكذبة المفضوحة هي مكسب البطل الغائب ! الذي أنجزه بعد ان كان مخبأ في اللاوعي لديه …
فهل تعني الكذبة غياب الحقيقة فقط، ام انها تعني الاسطورة كما يعبر به البعض عن الاسطورة ام انها تعني كذبة الحياة بشكل عام؟ أما وقد حضرت الذئبة والافعى فقد انقشع ظلام هذه الكذبة التي عاشها البطل وعايشها مخباة في وجدانه ! لكن عواء الذئاب في صيغة المؤنث لا الذئب ، وفحيح الأفعى في صيغة التأنيث لا ثعبان ، كشف كل شيء … فالأفاعي والحيات فى صيغتها كانثى حضرت فى قصة موسى عليه السلام على سبيل التخيل وليس الحقيقة فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ).. أما الذئب فقد ألصق بتغييب الحقيقة فى قصة يوسف وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ .. ولكن تأنيث الذئاب هنا جاء ليثبت الخيانة وغياب الصدق عند الانثى كبراءة للبطل المتمثل فى ضمير الغائب ، والذي لم يحضر إلا لينشر كذبتها ويكثفها فى تجليها فى بطلة تتعدد متجلية تارة افعى، وتارة ذئبة، وهذه انثى كائنات مفترسة لا تحضر اصلا إلا لغياب الحقيقة كالذئاب التي هي في ثقافتنا الحسانية تحيل إلى المراوغة والخيانة او كالحيات (الافاعي) التي فى الغالب نذيرة لنهاية الحياة … حتى رغم مكابرة المحبين ( “لن ارحل “ (قالت جثة ميت : ” لن أرحل”… ) وتستمر تراجيديا القصة دون توقف بحضور السكين القاطع للأحلام وأي أحلام تلك التي هي بين الأفاعى والذئاب والسكين … إنها تراجيديا …