canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

نحيب الأمكنة 3.. / المرتضى محمد أشفاق

قم ناج جلق واندب رسم من بانوا
مشت على الرسم أحداث وأزمان

بنو أمية للأنباء ما فتحوا
وللأحاديث ما سادوا وما دانوا

بالأمس قمت على الزهراء أندبهم
واليوم دمعي على الفيحاء هتان

لولا دمشق لما كانت طليطلة
ولا زهت ببني العباس بغدان

مررت بالمسجد المحزون أسأله
هل في المصلى أو المحراب مروان

فلا الأذان أذان في منارته
إذا تعالى ولا الآذان آذان..

في بحثه السيزيفي عن الخلود، يقف الإنسان حائرا بين ماض انفلت منه دون انتباه، ومستقبل مبهم لا يطمئن إليه…
غول الفناء يأكله في نهم، وحب البقاء يضرم نيران اليأس من المبتغى المستحيل…
كلما شعر بوطأة الزمن، وتسارعه نحو الهاوية السحيقة، رتق فتقا منفصلا عنه بحثا عن انتصار وهمي على المارد القاسي…

نحن نموت كما تموت أوراق الشجر، نفقد أشياءنا الجميلة في الطريق، فلا ننحني لالتقاتطها، ولا نلتفت لوداعها…
وكلما هبطنا محطة جديدة من رحلتنا إلى الموت، حاولنا تعويض المفقود منا، بترميم أنفسنا متنفنين في المحسنات الجسدية بكاء على أطلال جمال رحل، وبقايا قوة شاخت..
ثم ننحني كرها تحت السنين المتراكمة على ظهورنا كذنوب الغافلين، ونجلس في انتظار تسفيرنا نهائيا إلى المدينة الهادئة..
مسكين ابن آدم يفر من الفناء بالفناء إلى الفناء…

نحن أبناء الرمال المتحركة تأكلنا الأرض..تتبع الصحراء آثارنا لتمحوها، تطمر أشياءنا الجميلة، وتأكل ذكرياتنا، تطمس ماضينا، وتبلع في جوفها المهول كل اللحظات التي شحناها براءة، وعفوية، ونزقا، وعبثا…

بين الرمل، والحجر، والبحر، مسرح معركة الإنسان الوجودية…
الأرض الصلبة، بحجارتها، بجبالها، بوعورة تضاريسها، أحفظ للعهد، وأصون للأثر، تبقى حجارتها المتناثرة في السهول، والمتلاصقة فوق الكدى والجبال شواهد حية لذكرياتنا الجميلة، هي صديقنا الوفي الذي يحتفظ لنا بكل التفاصيل…

عرفته عام 1973، مدرسا للمتوسط الثاني، CE2، في القاعة الشمالية من المدرسة رقم 2 بألاك، وقد اختفت بناية تلك المدرسة، ولم يبق منها سوى أطلال أرضيتها المدعمة…
أحمدُّو ولد أحمدُّو، كلما رأيته استحضرت كاف الشيخ ولد مكي في أبي بكر ولد عبد الله ولد الغزالي الشقروي الفاضلي:

وِلْ الغزالي كَارِدْ يَمْ
امْسَلًّكْ راصُ من لغرورْ

يظحك بشَّوْر أويتكلم
بشور ويتواط بالشور

خرجت من المسجد، فرأيت دار أحمدُّو ولد أحمدُّو، كدت أقول ضامرة، هزيلة، كبقرة عجفاء، غارقة في الوحل، يختفي لونها الأصلي وراء طبقات من لون الطين المذاب، سقطت غرفتها الشرقية..
رحلت بعده إلى ملاك مختلفين، واستوطنتها أمم لم تسمع بذكر رجل اسمه أحمدّو ولد أحمدّو، ظل سنوات عديدة شخصية سياسية من عهد حزب الشعب، إلى عمدة مسير لبلدية ألاك…
في طريقي إلى الحي الغربي افتقدت دارا من أفخم عمران المدينة في العقود الماضية، ضخمة، تستقر على مساحة واسعة، تحيط بها أربعة شوارع، في جانبها الشرقي قبة من الشاش الأخضر مثبتة كالبيت…
هي دار بكار ولد أحمدو، تعدد ملاكها وهو حي، ثم سويت بالأرض وشيدت على مساحتها سوق جديدة، وبين لغط التجار، والمارة اختفى اسم بكار ولد أحمدو نهائيا، ولم تحتفظ له ذاكرات المحتلين الجدد لوطنه القديم بذكر ولا اسم…

أنا الآن في سرة حي الدريسة، أسير في ممراتها الضيقة، الملتوية كآثار الثعابين، كل الدور التي عرفتها اختفت، ورحل ملاكها، دار محمد حيبلاه ولد مسكه ابتلعتها الأرض، واستقر على أطلالها منزل جديد..
دار الشيخ عبد الله ولد الشيخ عبد الله القديمة اختفت، وشيد في جزء من مساحتها مسجد، وفي جزء آخر دار أخرى على أنقاض الأولى، وبقيت المساحة التي ألقى فيها الشيخ إبراهيم انياس خطبته المشهورة المعروفة بخطبة ألاك، ويسميها البعض خطبة موريتانيا، عام 1967، محددة بمربعات بيضاء شواهد على مكان جلوسه…
غرب هذه الدار كانت توجد (دار ادْوَ)، أي مستوصف ألاك القديم، مبلط بالحجارة البنية، وسياج من المسامير البادية، بخلطة مركزة من (لصو) الخالص…
أصبحت تلك الدار اليوم مقر المحطة الجهوية للإذاعة، بالتناصف مع شركة بيع الدواء كامك…
إلى اليمين شرقا وقفت على مساحة صغيرة عارية، بقايا جدار، وكومة أوساخ، بحثت عن مكان جلوسي مع زميلي سيد اعل ولد فاتَه منتصف سبعينيات القرن الماضي، نراجع دروسنا، وفي جانب من المنزل شيخ أشيب وقور يسميه أهل المدينة، (شيف د فيلاج)، شيخ الدشره، هو والد صديقي…لم يبق من الدار وأهلها إلا تلك المساحة الصغيرة التي لا تبوح بسرها إلا لمن عرفها قبل أن تصبح بلقعا شاخصا إلى قبة السماء…
تلتصق بتلك الساحة الصغيرة منازل مهجورة، منها عمارة من طابقين، كانت منازل أهل تاج الدين، لكنهم رحلوا وتركوها للأيام تفعل فيها ما تشاء، كأن لم تعرف غرفها حياة هنيئة، ولم يدرج في مساحتها أطفال صغار يغادرونها كل صباح إلى مدرستهم، فيها كبروا، وخبروا شوارع حيهم الأصيل، هي اليوم تشكو ألم فراق أحبة في شبه يأس من لقاء قريب…
وقفت، وحرت أمام باب دار أهل النهاه ولد تاج الدين لأرى جثة جدي أسك، وقطع قمامة في تراكم عبثي، تذكرت هذه الدار قبل عقود، كانت شبه عاصمة صغيرة سياسية ودينية، لا تخلو شوارعها من سيارات، ولا تخلو بيوتها من أمم مختلفة المشارب والمطالب، عندما كانت مقر إقامة محمد ولد محمد عبد الله في ضيافة أهل بيت كرماء…في ذلك اليوم لا تسمع فيها حتى صفير الرياح من شقوق أبوابها المهجورة…

عدت إلى السوق القديم، مازال سقف العنبر قائما، اختفت بعض المربعات الصغيرة التي كانت تجلس فيها بائعات (كضه، وامبورو صوص) وبجانبهم نساء زنجيات يبعن اللبن الرائب وكريات الزبدة، ويعدن مساء ب(تمبداتن) الحليب الطازج، وكان اسويدن يتحايل عليهن بتذوق القداح كلها زاعما أنه يختبر أيها أطيب طعما، فيرتوي وينصرف، متعللا أنه لم يجد ما يرضيه…
أنا أبحث الآن عن دار إسلم ولد محمذن سيدي، ما زلت تائها بين جمهورية إفريقية من الدكاكين المتلاصقة، والمتجاورة في فوضى بدوية بدائية غريبة، لم أهتد بعد إلى تلك الدار التي كانت قبلة المنتجعين، والضيوف المقيمين، والمتدربين الأوائل على مهنة البيع من شيوخ قومه…
استقررت بعد تيهي العبثي على آثار بئر قديمة غرب مكاتب البريد، وأنا أبحث عن الزمان في المكان تذكرت الحافلة الطويلة التي تتوسطها خطوط حمراء تتوقف وينزل منها المرحوم المختار ولد داداه، ثم يصعد إلى سيارة (لاندروفير) لتحية الجماهير، كانت تلك رحلته لتدشين طريق الأمل، ويسميها البعض رحلة الوداع..

يتواصل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى