canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

حبيبة لا تعلم.. / المرتضى محمد أشفاق

دخلت مرتبكة، تنظر ذات اليمين، وذات الشمال، تتحسس، وتتوجس، حاصرتها نظرات فضولية، تجنبتها في خوف وذهول، ثم لجأت إلى حقيبتها المنكبية تفتش فيها عن لا شيء، تفتش عن ركن تأوي إليه، عن خلاص من نظرات جمهور مختلط حكم عليها أن تكون جزءا منه..
تجاهلها طويلا، وبدا غير مكترث بما تحمله من طعم الغواية، وما تشاغب به أبالسة الفتنة المرابطين في كل بقعة من قوامها الرشيق..
شاب عشريني، مفعم كبرياء، صلب، يتهجى ببلادة أبجدية العطف، يستوحش دخول عالم الأحاسيس المسكون بالمشاعر المفخخة.
ظل يتجنب النظر إليها، والإصغاء إلى أحاديثها الطفولية العفوية..لأن عليه في شرع رجولته البدوية أن يظل قويا أمام ذخيرة الإغراء الجسدي للمرأة.

ارتعش قلبه أول مرة في صدام بصري غير متعمد، أحس بمنكبها تزاحمه على باب الخروج، خاف أن تنبطح كبرياؤه، وهي الترس الذي يتوقى به الوقوع في مصائد الفاتنات..

وجده يحفظ جدولها الأسبوعي..وأصبحت أيام فراغها كئيبة، موحشة كالمساءات بين الرموس..

وفجأة صار كل شيء فيها مختلفا، ملحفتها الزرقاء بذيل بني لم تعد كما كانت، هي اليوم أكثر إثارة في تسلقها قليلا على كتفيها، لتفشي سرا كتمته كثيرا، امتلاء ساقيها دون الشبع، بعدالة دقيقة في توزيع المقادير، فلم تظلم ساق رجلا، ولم تظلم بطن صدرا…شعرها الأشقر مبعثر في فوضى جميلة، يرقص مع أمواج نسيم تتسلل من ثقوب الستائر الحديدية.. يمسح بدهاء خيوط العرق المتصبب أسفل أذنيها..توقف فجأة عن قراءة التفاصيل، والجزئيات الصغيرة المتساوقة في بناء هندسي بديع، ليرى أول مرة قصيدة مكتوبة من جسم أنثى متمردة على موسيقى الأجساد الرتيبة..

أدرك أن ما يشده إليها شيء أعمق من المحاسن المادية، وأنه السر اللغز المتواري عن صيادي الجنس الرخيص، وعشاق وجبات الأرصفة القذرة..
وسوس له الشيطان، وزين له الأكل من شجرة الخلد، هل يدس في حقيبتها المنكبية خلسة رسالة إشعار تقيه مواجهة واعترافا لا يأمن عاقبتهما؟ هل يلفها في دفتر تحضيرها؟ ارتعشت يداه، وكاد يغمى عليه من هول ذلك الخاطر المهموس..

قرر أن يبتلع قدره الأسود، واقتنع أن نحس طالعه في أرض الجميلات يمنعه من دخول عالم الأحاسيس الجميلة، عالم الأحلام، والجموح الجارف، وتعطيل مكابح التردد، والتهيب، والخوف..
فهو لا يصلح للاقتحام، ولم يخلق لتتهاوى أمامه المتاريس، وحراس الحصون المحمية، لأنه باختصار لا يملك قوة الفاتحين..لكن أن تقسو عليه المرأة أحب إليه من أن تشفق عليه، فرحمة النساء إهانة وقتل لجلال الرجولة ..
افتقدها أياما، وأحس بفراغ قاس يأكل قلبه..
شعر بجسم غريب يربت على كتفه، نعم ضربته وهي تفتعل اللامبلاة وقالت له أنت مجنون…
اهتزت أوصاله، وقع في حالة استنفار شاملة، تزلزلت كل ذرة في جسده العنيد رغم النحول، ورغم الكبرياء..
غاب صاحبنا متاعا، وهو يستنجد المجهول بحثا عن مخبإ يدثر فيه حتى تهدأ عواصف الارتباك..
كانت عيناها في ذلك اليوم مجنونتين، تترنحان كسياف سكير، تحملقان في عبث شيطانة مشاغبة، تمسح قوامَها عيونُ كهول فضولية، ترحل في صمت، ومكر في تفاصيل جسدها، وكنزها الجمالي الطاغي…طأطأ رأسه، ولاذ بالصمت..وأدرك أن الصمت أكبر صديق لضحايا الطوارئ المربكة..
ثم انسحب -كما توهم- من قدر لم يحضره بعد..
بات يسامرها بطلا خارج الميدان في ذلك العتاب الرائع، ويغيب في لذة أوهامه حتى الهزيع…

لم يتجاوز صاحبنا رغم أحاسيسه الملتهبة ميدان الفروسيةالمعطلة..
أصبحت (ع،س)، شيئا فوق المقاييس البشرية، فيها شموخ النخيل، وأنغام الصهيل، ونقاء النبق، وفيها شيء من ترانيم السحر، وفيها بكارة القصيدة، ومخاض حلم جميل لم تتمايز بعد تفاصيله، ولا ألوانه، تريك في وقت واحد انشراح الشروق، وتباشير السعادة الأبدية، وكآبة الغروب ورسائل الوداع المخيفة، وترى امتزاج الظلال بالظلال في ذينك الزمنين الضدين..
لماذا كان الفتى ينتظر منها الخطوة الأولى؟ لكبريائه؟ لضعفه؟ لا يدري، فالأشياء تتحول أحيانا من الكينونة إلى الضدية..

ظل يتعذب بعتابها اللذيذ ذلك، فيراه مجرد مجاملة فارغة، وسدا لفجوة زمنية عابرة، حولتها نبرتها الرخيمة من أسلوب خبري إلى أسلوب إنشائي..
مؤلم أن تدرك أن السهم الذي استعذبت اختراقه مجرد رصاصة صديقة..
وموجع أن تشعل البرودة حرائق الجحيم، وتجهض أول حمل سري من أجنة الدنيا الجميلة..
بين كبريائه العنيدة، وعاطفته المشتعلة ظل
تائها يتشبث بخيط سراب، رافضا أن يركع ويبقى مجرد رقم عابر في المساحة الضبابية القاتلة..

هل يلململ حلمه المهزوم، وكبرياءه الجريحة، ليتوقف النزيف الذي لا يتوقف..؟
أم يبتلع مسكنات التجاهل، ويكتفي بقدر الجبناء؟ تمنى في لحظة يأس، وعتاب نفسي قاس أن ينسى كل شيء، ويغسل أوجاع الخيبة بمياه المحيط، ويطمرها تحت رمال الصحراء، لتبقى سرا مبهما في جوف الصمت والمجهول؟؟
حاول أن يتعافى بوجعه، وأن ينتصر بهزيمته، فردد مناجيا في شموخ وانكسار:(ع.س) بماذا تحلمين؟
لكنها كانت حبيبة لا تعلم..
سمع الصدى، لكنه تسمر، والتصقت قدمه بالأرض، وظل كما كان جامدا، خجولا أمام الغول، أمام الخطوة الأولى..

انواكشوط 1987.


المصدر: الفيسبوك – صفحة المرتضى محمد أشفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى