canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

بودكاست مع ميت.. / المرتضى محمد أشفاق

س:.حبذا لو تفضلتم بتعريف القراء بكم، الاسم، تاريخ الميلاد، وتاريخ الوفاة…إلخ..
ج: اسمي عبد الله لا أستطيع تحديد تاريخ ميلادي بالضبط، لكنني سمعت عن استشهاد قائد المسلمين في معركة بلاط الشهداء عبد الرحمن الغافقي، وكنت وقتها سائس خيول، وبائع أسلحة..
س: كيف علمتم بموتكم؟
ج: كنت أتابع المشهد الرهيب، شعرت برغبة شديدة في الوقوف، والجري لكن قدمي كانتا جامدتين، كانتا شيئا آخر لصيقا بي ليس مني..وتابعت تهامس الناس حولي، وبكاء بعضهم، وأزعجتني تلك اليد التي امتدت لتغميض عيني، وحجب الدنيا عني إلى الأبد..
ثم فوجئت بالشروع في تجريدي من ملابسي، وتفتيش جيوبي، غضبت عندما بدؤوا خلع سراويلي، كيف أقبل أن تنكشف عوراتي..شعرت برغبة شديدة في الصراخ، ورفس الناس برجلي لكنني كنت عاجزا..
س: هل يمكنكم تصوير وقت إدخالكم القبر، وليلتكم الأولى فيه؟
ج: لما بدأ الناس يدلونني في تلك الحفرة العميقة، وأنا لا أستطيع الممانعة، والاعتراض، تذكرت صفائح ذهبي المخفية في صحراء الملثمين، وتذكرت قطعان إبلي، وأغنامي كيف بخلت بهذا كله على نفسي وأنا أحتاجه في هذه اللحظة المفزعة، وآثرت به قوما قد لا يذكرونني وقد لا ينفعونني..تمنيت أن يرجعوني لأفعل في أموالي ما أشاء..تكرت أوقات فراغي كيف كنت أقضيها في الفضول. والملاهي، والمعاصي، كم كنت مجنونا، غافلا عن قيمة أغلى كنوز ألدنيا، اللحظات التي تخلو فيها إلى خالقك..
ثم وضعوني في قعر القبر، هالوا علي الترب وأنا أتحسس ثقبا أسرق منه خيط هواء لأتنفس، ورحلوا، فشعرت بوحشة شديدة، ورعب لا يوصف..عشت معنى الوحدة القاسية، انقطعت صلاتي بعالمي الأول، وضرب بيني والدنيا التي غرقت في متعها بحواجز لا تنثني ولا تنكسر، وبدأت بعد ذلك أهوال لا تصفها الكلمات..
س:…وهل تستمر علاقتكم بالأحياء بعد الموت..
ج: تتوالى زيارات الميت أيام رحيله الأولى..تتقارب، وتتبلل القبور بدموع المفجوعين..ثم تتباعد..وتجف الدموع..ثم يعزل الفقيد في ركن مهمل من مساحة الذاكرة المظلمة..فلا تسمع عنه ذكرا…
س: متى يتذكركم الأهل، ويزورونكم؟
ج: في لحظة فراغ، وثراء مفاجئ، وبحثا عن نشاط ترفي غالبا، يتذكر البعض موتاهم، ويشدون إليهم الرحال..
في أيام زيارات القبور ترى الحياة تنهض، وتدب، فيخيل إليك أن مدينة الأموات على أبواب عمران جديد..
على مشارف بيوت تلك الأمة النائمة تضرب الخيام، وتذبح الحيوانات، وتوقد النيران، ثم ترفع الموائد، وينعم الناس بيوم بذخ جديد على حافة المقبرة، وبينهما برزخ لا يبغيان..

س: ما ذا تستفيدون من تلك الزيارات؟
ج: لا شيء، قد يسوي هذا وضعية شاهد، وقد يستبدل ذلك شاهدا قديما بشاهد جديد، وقد تزاح بعض الحشائش، وتكنس مساحة صغيرة عند رأس ميت، تقي الجالسَ وخز الأشواك، أو علوق الغبار..
وقد يدفع الفضول، وحب التسجيل في كتيب الذاكرة الفارغ بعضهم إلى جولة بين الأجداث، يطأ فيها رفات المنسيين…
س: كيف ينتهي يوم الزيارة؟
ج: تميل الشمس إلى الأفق الغربي، تختلط الظلال، ثم يؤذن المساء بالرحيل، فترى الناس مهطعين إلى رواحل الرحيل، لا يلتفتون، ولا يستبْقون أنفسهم للمكث قليلا مع راقد تحت الثرى، بكوه أمس بدمع غزير..لا أحد يستطيع أن يقضي ليلة يطفئ بها نيران أشواقه بين جثامين أحبة في قبضة الثرى والجلاميد..
وتبقى المقبرة كما كانت، مع بقايا فضلات، وأوساخ، هي كل ما يتركه الأحياء الزائرون لمن سبوقهم إلى الرقدة تحت الأرض..
وربما خطرت لأحدهم فكرة عابرة، ومروءة طارئة أملتها لحظة الوداع، ورسائل الغروب المنبئة بانتهاء المهمة..فيتعهد هذا بتسييج المقبرة، تحت مطر من كلمات الشكر، ويتعهد ذاك ببناء بيت للغسل، وذلك ببناء دار لاستقبال الزوار، وآخر يقول وعلي العريش وتبليطه..ثم يصيح متحمس جديد فيقول: وعلي تكاليف الضيافة القادمة..
ما أيسر أن نبني عالما من الكلمات…
س: وهل يفي المتعهدون للمقبرة ببعض الوعود؟
ج: كيف يفون بالوعد للأموات، وهم يخلفونه للأحياء، تبدأ حصة التسخين..ويعود اللاعبون إلى ميدان الحياة..وتبدأ البطاقات الحمراء تباعا كاعترافات الجبان..ويأزف الرحيل، ويعود المتعهدون للمقبرة إلى المقبرة، فرادى، لا لينجزوا وعودهم أمس، بل للإقامة الجبرية هذه المرة في حراسة شواهد لا تعمر إلا قليلا..
المؤلم أن الأموات لا يحتجون، ولا يسْتَقْضون الدائنين، ولا يصيحون لتحسين أحوالهم..هم هم كما رحلوا عنهم ذات زمان، وهم هم عندما حلوا بهم ضيوفا مقيمين..
س: وهل يصلكم ما يهديه لكم زوار المقبرة؟
ج: أبدا لا يصلنا شيء، لأن أكثر الذين يقرؤون القرآن لا يتقنون قراءته، ويتعجلون عن النية، وينشغلون بتقديم طلباتهم..
س: وهل يلتمس منكم الأحياء شيئا؟
ج: أكثر ما يفعله الزائرون هو أحاديث الفضول، وسرد أخبار لم تعد تعنينا، والأخطر أنهم يلتمسون منا حصولهم على وظائف كبيرة، ومال غزير، وأحيانا طلبات زواج لبناتهم، فلا نملك إلا الإشفاق عليهم..
س: ماهي الأشياء التي تلاحظونها على ضيوفكم؟
ج: نستاء كثيرا من أحاديث الفضول التي يجنح إليها أكثر المشيعين، كأحاديث السياسة، والتساؤلات عمن سيخلف الراحل في منصبه، وأحيانا كثرة الضجيج والضحك، هذه أمور تشوش علينا، لأنها تخالف جو السكينة، والوقار، وحتى الخوف الذي نعيشه..نحن عالم آخر رهيب..
وأحيانا نحزن لتلعثم بعض الأموات في ردودهم على الاختبارات الشفهية الأولى..
س: هل لكم مطالب أخيرة؟
ج: أن يعرف الذين لم يلحقوا بنا بعد قيمة الوقت، وخطورة الأمانة، فكل أمانينا الآن أن نعود إلى الحياة ونحسن استغلال فرصة العمر، ثم ننخلع من كل مسؤولية دقت، أو جلت، فجل المعذبين بيننا الآن هم المفرطون في ما استخلفوا من حقوق العباد..


المصدر: الفيسبوك – صفحة المرتضى محمد أشفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى