مجرد رأي../ المرتضى محمد أشفاق
من كان عنده كتاب قديم مما يدعوه الناس اليوم كتب الأوراق الصفراء فليحافظ عليه..كانت الطبعات اللاحقة على الطبعات القديمة تنقيحا، وتصويبا وتوضيحا، أو إضافة وتوسعا، وكل ذلك مفيد لأنه يحدث بنية علمية بحتة وصادقة، اليوم شاع في كثير من الطبعات اللاحقة الإلغاء، والتحريف، والتشويه، والتبطيل، ووقع التشويش على الناس في معارفهم، والتلبيس عليهم في عقائدهم…
أيها الناس انتبهوا لا تطمئنوا كامل الاطمئنان إلى محرك البحث اليوم، لأنه مهما بلغ من التقنية والتطور، وسرعة نتيجة البحث، وكثرة المحمولات وتنوعها، تبقى وراءه نفس بشرية، ويبقى مَعْبَرا للتشظي الفكري، وشحنا بالتضليل، والطعن، والتشويه، تحركه الخلفيات حيث تشاء، وتسيره الأهواء حيث تريد..لم تعد محمولاته اليوم على افتراض أنها كانت، مرجعا صحيحا في كثير من المجالات مثل الأمور الفقهية، والدينية، وتاريخ الإسلام، والسيرة النبوية، والحديث الشريف، ويلزم الحذر الشديد، والتزود بكمية معتبرة من الشك، والاحتياط، والتدقيق في هوية المفتي، والمتكلم، وصدقية المرجع، لما دخلها من تحريف، وتجريف، وتخويف، حتى الفتيا التي تصدر ممن تعرفونه من العلماء بكلامه، وصورته، وصوته، تخضع للمغالطة والفبركة، فقد يخيل إليك أنك تسمع، وترى عالمك الذي أنت به خبير، يشرح ويبين، والحق أن الكلام ليس كلامه، والبيان ليس بيانه، لكن دقة التكنولوجيا، ومهارة شياطينها قادرة على أن تخدعك فتسمع وترى ما ليس له وجود..
لا تقنية اليوم مهما بلغت، وبهرت، وأذهلت، تستطيع أن تزيح الكتاب الورقي -والقديم خاصة- عن كرسي سلطان المعرفة..وعندما ننزع العصمة عن بعض ما في محركات البحث من محمولات، وبعض ما في الطبعات الجديدة من تغييرات، فإننا لا نمنحها مطلقة للمؤلفات القديمة، ففيها لا شك ما يحتاج الغربلة، والتنقيح، والتصويب، والتأصيل، لكن من الباحث الأمين، ومن هو بالثقة والأمانة قمين…