جهود أميركية وكويتية لحل الأزمة الخليجية وأمير قطر يرفض الذهاب إلى أميركا
الدوحة (رويترز) -من توم فين- تعهدت قطر يوم الخميس بأنها ستخرج سالمة من العزلة التي فرضتها عليها دول عربية بسبب مزاعم بأنها تدعم الإرهاب وقالت إنها لن تتنازل عن استقلال سياستها الخارجية لحل أكبر أزمة دبلوماسية في المنطقة في سنوات.
وقطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين ودول أخرى علاقاتها الدبلوماسية مع قطر يوم الاثنين واتهمتها بدعم جماعات إسلامية متشددة وخصمهم الدود إيران وهي اتهامات تقول قطر إنها لا أساس لها. كما أوقفت الدول الأربع حركة النقل مع قطر.
ويعمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على إنهاء نزاع يقول قطريون إنه أدى إلى حصار حول بلدهم.
وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن بلاده لم تصلها قائمة بمطالب من الدول التي قطعت علاقاتها معها يوم الاثنين لكنه أكد على ضرورة حل النزاع سلميا. وأضاف قائلا “لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذه المشكلة”.
وقال الوزير للصحفيين في الدوحة “نواجه العزلة بسبب نجاحنا وتقدمنا. بلدنا منتدى للسلام لا للإرهاب… هذا النزاع يهدد استقرار المنطقة بأسرها”.
وتابع قائلا “لسنا على استعداد للاستسلام ولن نكون مستعدين مطلقا للتنازل عن استقلال سياستنا الخارجية”.
وأثار إغلاق السعودية الحدود البرية الوحيدة لقطر مخاوف من ارتفاع كبير في الأسعار ونقص في إمدادات الغذاء بين السكان البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة فيما طالت صفوف أمام متاجر بدأت أرففها تخلو من السلع.
ومع تعطل الإمدادات الغذائية وغيرها من الإمدادات وتزايد المخاوف من اشتداد حدة الاضطرابات الاقتصادية تحاول بنوك وشركات في دول الخليج العربية أن تبقي على الصلات التجارية مع قطر وتفادي بيع للأصول بأبخس الأسعار.
وقال الشيخ محمد “نحن لسنا قلقين من نقص الغذاء.. نحن بخير. يمكننا أن نحيا للأبد هكذا ونحن مستعدون جيدا”.
وأضاف أن إيران أبلغت الدوحة باستعدادها لمساعدتها في تأمين الإمدادات الغذائية وأنها ستخصص ثلاثة من موانئها لقطر لكنه أضاف أن بلاده لم تقبل العرض بعد.
وقطر لديها استثمارات ضخمة وهي أيضا مورد رئيسي للغاز الطبيعي المسال للأسواق العالمية لكنها تعتمد على الواردات.
ووافق البرلمان التركي على تشريع يسمح بنشر قوات تركية في قطر وتعهدت أنقرة بتوفير إمدادات المياه والغذاء لحليفتها العربية التي تستضيف قاعدة عسكرية تركية. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن عزل قطر لن يحل أي مشكلات.
واتهم مسؤول إماراتي كبير قطر يوم الخميس بتصعيد النزاع بالسعي للحصول على مساعدة من تركيا وإيران.
وكتب أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية على تويتر “التصعيد الكبير من الشقيق المربك والمرتبك وطلب الحماية السياسية من دولتين غير عربيتين والحماية العسكرية من إحداها لعله فصل جديد مأساوي هزلي”.
* تعثر جهود الوساطة
اتخذ ترامب في البداية جانب المجموعة التي تقودها السعودية قبل أن يتبنى موقفا أكثر توازنا حينما جدد مسؤولون عسكريون أمريكيون الإشادة بقطر التي تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة تنطلق منها الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي ثاني تدخل في النزاع في يومين قال البيت الأبيض في بيان إن ترامب دعا إلى التحرك ضد الإرهاب في اتصال مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واقترح عقد اجتماع في البيت الأبيض “إذا دعت الحاجة”.
لكن مسؤولا قطريا قال يوم الخميس إن الأمير لن يقبل الدعوة.
وأبلغ المسؤول رويترز “ليس لدى الأمير خطط لمغادرة قطر فيما الدولة تحت الحصار”.
وقال البيت الأبيض إن ترامب يواصل الحوار مع كل الشركاء. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه مستعد لمساندة الجهود الدبلوماسية “إذا رغبت كل الأطراف”.
لكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال إن بوسع الدول الخليجية أن تحل النزاع فيما بينها دون مساعدة خارجية. لكن لم تظهر دلائل تذكر على تحقيق تقدم فيما قام مسؤولون من قطر وجيرانها العرب في مجلس التعاون الخليجي بجهود دبلوماسية مكوكية.
وقال دبلوماسي في الكويت لرويترز “الشعور السائد هنا إن الأمر سيستغرق وقتا لإصلاحه. (الجهود) تهدف لمنع تدهور الأزمة… الكويت تحاول دعوة الجميع إلى الطاولة ومنع الأمور من التصاعد أكثر”.
وقال بيان البيت الأبيض إن ترامب دعا في اتصال هاتفي أجراه في وقت لاحق مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الوحدة بين دول الخليج العربية “على ألا يكون ذلك أبدا على حساب القضاء على تمويل التطرف أو هزيمة الإرهاب”.
وانهمك مسؤولون من قطر وجيرانها الخليجيين في جولة سريعة من دبلوماسية المكوك إذ من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية القطري إلى موسكو وبروكسل بينما يزور ملك البحرين حليفته مصر لمحادثات بشأن الأزمة.
وكتب السفير القطري في واشنطن مشعل بن حمد آل ثاني على تويتر إن الركيزة الأساسية لسياسة الدوحة الخارجية هي الوساطة. وأضاف “فتح قنوات الاتصال يتيح سبلا لحل النزاع”.
واجتمع وزير خارجية سلطنة عمان مع أمير الكويت الذي زار الإمارات وقطر يوم الأربعاء لمحادثات بشأن الأزمة قبل أن يعود للكويت.
* “إنه حصار!”
قالت وكالة أنباء الإمارات (وام) الرسمية يوم الخميس إن مجموعة بريد الإمارات، هيئة البريد الوطنية في الإمارات، أوقفت جميع الخدمات البريدية إلى قطر، في أحدث سلسلة إجراءات لتخفيض العلاقات التجارية وروابط الاتصالات مع الدوحة.
وأعادت هيئة الموانئ البترولية في أبوظبي أيضا فرض حظر على دخول أي ناقلات نفط متجهة من قطر أو إليها وذلك بعد أن خففت السلطات القيود في وقت سابق وهو ما قد يؤدي لتكدس شحنات النفط.
وقال دبلوماسي قطري إن ما يحدث حصار مثل حصار برلين وإعلان حرب. ووصف ما يحدث بأنه عدوان سياسي واقتصادي واجتماعي وذكر أن القطريين يريدون من العالم أن يدين المعتدين.
وحاولت السلطات تهدئة المواطنين يوم الأربعاء ونشرت لقطات فيديو لمتاجر بدت أرففها مملوءة بالسلع الغذائية وطمأنت القطريين، أغنى شعب في العالم من حيث دخل الفرد، إلى أن مستوى معيشتهم لن يتأثر.
وقال صندوق النقد الدولي إن من المبكر جدا تقييم الآثار الاقتصادية للأزمة. وفي علامة على الخسائر الاقتصادية جراء النزاع خفضت مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف ديون قطر يوم الأربعاء فيما تراجع الريال القطري إلى أدنى مستوى في 11 عاما وسط مؤشرات على نزوح أموال صناديق استثمار المحافظ بسبب الأزمة.
* الجزيرة في قلب الخلاف
تساند قطر حركات إسلامية لكنها تنفي بقوة أنها تدعم الإرهاب. وقدمت ملاذا آمنا لجماعات مناوئة للغرب مثل حركة طالبان الأفغانية وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية. وتقول قطر إنها لا تقبل وجهة نظر جيرانها بأن أي جماعة لها خلفية إسلامية هي جماعة إرهابية. وقال أمير قطر إن وجهة النظر هذه تمثل خطأ كبيرا.
ودعت مصر يوم الخميس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في اتهامات تنفيها قطر بأنها دفعت فدية تصل إلى مليار دولار لجماعة “إرهابية” تنشط في العراق للإفراج عن أفراد من الأسرة المالكة كانوا مخطوفين.
وفي مقابلة مع راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قال السفير الإماراتي إلى روسيا عمر سيف غباش إن قطر يجب أن تختار بين مساندة الإرهاب أو مساندة جيرانها.
وأضاف أن لدى الإمارات “كل أنواع التسجيلات” التي تشير إلى أن قطر تنسق مع القاعدة في سوريا.
وتابع قائلا إن قطر بحاجة إلى أن تتخذ قرارا بشأن هل تريد أن تكون “في جيب” تركيا وإيران والمتطرفين الإسلاميين مضيفا أن عليهم أن يتخذوا قرارا وأنهم لا يمكنهم السير على الحبلين.
ونشرت صحيفة الوطن السعودية ما أسمتها قائمة لثماني “منظمات إرهابية” تعمل على زعزعة استقرار الخليج من قطر من بينها قناة الجزيرة التلفزيونية الإخبارية التي تستهدفها الدول العربية الخليجية.
ورفض المدير العام لشبكة قنوات الجزيرة بالوكالة مصطفى سواق يوم الخميس في تصريحات أدلى بها لرويترز اتهامات بعض القوى الخليجية للشبكة بالتدخل في شؤونها من خلال ما تبثه من تقارير.
وقال في المقابلة التي جرت في مقر الشبكة في الدوحة “كل هذا الحديث عن تدخل الجزيرة في شؤون دول أخرى لا أساس له. نحن لا نتدخل في شؤون أحد نحن فقط نقوم بالتغطية الإخبارية”.
وفي وقت لاحق قال مصدر في شبكة الجزيرة إنها تتعرض لهجوم إلكتروني ضخم عبر الإنترنت لكنها تتصدى له وكل مؤسساتها تواصل العمل.
وقالت قطر الشهر الماضي إن وكالة الأنباء الرسمية تعرضت لاختراق إلكتروني جرى خلاله نسب تصريحات “مفبركة” لأمير البلاد مما ساهم في إشعال الخلاف الذي تفجر هذا الأسبوع مع دول عربية أخرى