النانه الرشيد تكتب عن القيظ والوجوه “الصابرة” في المخيمات وبرد “رسل السلام” وسلبية العرب
مخيم بوجدور (الجنوب الجزائري)- “مورينيوز” – (خاص)- جاوز عمر مخيمنا الأربعين، كبرت أجيال فيه وولدت أخرى، تكاثر قاطنوه و إتسعت رقعة خيمهم و مبانيهم، تغيرت أشياء و أشياء، غير مناخه القاسي جدا، القارس شتاء، الحار كالنار صيفا… الصيف موسم متوحش جدا، ريح السموم فيه تلفح الوجوه الصابرة، و تقتلع خيم المبعدين عن وطنهم، و رمله الساخن يشوي أقدام الصغار العابثين بلا حذر … منتصف شهر ماي من كل سنة تقفل المدارس أبوابها، و تبدأ قوافل المتمدرسين بالجزائر العودة للمخيمات، بعد قضاء أشهر الدراسة التسع.. هنا يبدأ أكثر المواسم قسوة، فالمخيمات بلا مرافق ترفيه و لا منتزهات، و حرارتها مرتفعة جدا، تنعدم راحة المرء داخل الخيمة و خارجها، و أكبر الهواجس هو حماية الصغار المجبولين على اللعب و المشاكسة من ضربات الشمس و نهار المخيم الجحيمي الطويل .
قبل أكثر من ثلاثة عقود، سن متضامنون أوروبيون برنامجا صيفيا لأطفال المخيم، الذين لا تتجاوز أعمارهم إثني عشر عاما و لا تقل عن السبعة أعوام ،وجدت الاسر اللاجئة و السلطات الصحراوية في هذا النشاط فرصة رحيمة بأبرياء المخيم الصغار تمنحهم رؤية عالم مختلف عن عالمهم القاسي..
أخذت عطل الأطفال في أوروبا عنوان رسل السلام.. وتشارك في العملية دول غير اسبانيا،منها ايطاليا و السويد و فرنسا و المانيا و النمسا، غير أنه لأسبانيا حصة الأسد من حيث عدد المستقبَليتن من الصغار و نمط إستقبالهم..
ويقضي كل طفل او اثنين الشهرين عند عائلة ترعاه كما ترعى أولادها .و يستفيد الأطفال من الرعاية الطبية الجيدة. و تحرص العائلات على راحتهم و تمكينهم من زيارة المنتزهات و أماكن الترفيه الخاصة بالأطفال، و تنظم جمعيات الصداقة و مكاتب تمثيل جبهة البوليساريو لقاءات و مهرجانات و مسيرات تجمع الأطفال و مضيفينهم حسب المناطق و المقاطعات .
يطول حديث عطل السلام، و تتشعب مناحيه دون القدرة على الإلمام بكل تأثيراته و نتائجه، و يركب البعض معطيات صحيحة لكن يراد بها باطل، من قبيل شبح التنصير و إفساد الثقافة الصحراوية و تأثيرات إقامة اطفال صحراويين عند عوائل أوروبية، لكن ظروف المخيم التي ذكرنا آنفا ، و صدود العالم العربي و الإسلامي عن العناية و رعاية اللاجئين الصحراويين سببان رئيسيان لعطل كهذه .
لقد أثبتت التجارب للصحراويين، و هم مسلمون، متسامحون وسطيون، أن قيم الإنسانية أكثرها في الغرب من العرب الأشقاء، فالأنظمة الأوروبية التي تدعم إحتلال أرض الشعب الصحراوي، لا تعيق شعوبها و مجتمعاتها المدنية عن عون الصحراويين، و دعمه مدارسه و مستشفياته، و عطل أطفاله … بينما تقف كل الشعوب العربية _ عدا الشعب الجزائري _ متفرجة على معاناته أو غير مبالية أصلا بها .
قبل أسبوع بدأت رحلات الأطفال؛ “رسل السلام “، الى أوروبا، و في استقبالهم عوائل و جمعيات، سددت تكاليف الرحلات و ستنفق أكثر من ذلك لراحة اللاجئين الصغار. و قبل أن يستنكر أي قارئ عربي هذا ، عليه توجيه السؤال لنفسه : هل زرت مخيمات اللاجئين من قبل ؟ و ما ذنب الأطفال لتتجاهلهم، أي كانت وجهة نظرك من الصراع الصحراوي المغربي ؟؟؟؟