عزيز: ما خلقت لأستقيل.. وما خلقت لأفشل..:
نواكشوط- “مورينيوز”- من الشيخ بكاي- أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز كما كان متوقعا، أنه قرر إجراء استفتاء شعبي يتم من خلاله تمرير تعديلات دستورية رفضها مجلس الشيوخ،وقال إنه يستند إلى آراء قانونيين “لا يمارسون السياسة ولا يحتلون وظائف”. وامتدح الرئيس ورودا إلى القوات المسلحة، مؤكدا أنه لن يترك مصير بلده في أيدي 33 شيخًا. وهي إشارة إلى أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني الذين صوتوا ضد التعديلات.
وقال عزيزفي مؤتمر صحافي حضرته السيدة الأولى ورئيس الوزراء وحشد من الأنصار إنه اتفق مع غالبيته وأحزاب المعارضة (المحاوِرة) على تنظيم الاستفتاء بعد استشارة قانونيين كبار لا يمارسون السياسة ولا يحتلون مناصب في الدولة، ولم يسبق أن احتلوا وظائف تشوّش عليهم، وهي إشارة غير مباشرة إلى إلى الفقيه الدستوري محمد الامين ولد داهي المعارض للتعديلات وسبق أن أحتل مناصب سامية ويُصنَّف ضمن خصوم النظام.
وخلا حديث الرئيس الموريتاني من حدة اتسمت بها خطب وتصريحات سابقة، و لم يصف شيوخ حزبه الذين أسقطوا التعديلات بالخونة، لكنه أكد أن مصير البلاد لن يترك في أيدي لـ33 شيخا و لن يتركهك يختطفونه، لأنه رئيس مؤتمن. وقال إنه سيواصل مهامه حتى تنتهي مأموريته. مستغلا المؤتمر الصحفي لتأكيد أنه مستمر في ممارسة السياسة بعد انتهاء مأموريته، وقال “لن أهاجر، وسأظل معنيًا بشؤون البلد”.
ويطرح كثيرون تساؤلات بشأن نيات الرئيس وسط أحاديث رسمية تؤكد أنه لن يتخلي عن الحكم بعد انتهاء مأموريته بداية العام 2019.
وقارن عزيز بين موقفي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، مشيرًا إلى أن تصويت 33 شيخًا ضد التعديلات، لا يمكن أن يكون أكثر وزنًا من تصويت 121 نائبًا في الجمعية الوطنية. مذكرا بأن النواب منتخبون بطريقة الاقتراع المباشر، بينما انتخب الآخرون من خلال المجالس البلدية.
وشكك الرئيس في شرعية الشيوخ قائلا إن النواب يعملون في الشرعية بينما مأمورية الشيوخ منتهية..واعتبر متابعون ذلك زلة لسان.. فالشيوخ يعملون فعلا بعد أن انتهت مأموريتهم لكن المسؤولية في ذلك تقع عليه هو إذ لم يدع إلى تجديد هيئة يسيطر عليها ولم يكن يتوقع أن تتخذ موقفا ضده.. وفي الخطأ نفسه تقع المعارضة التي تدافع الآن عن الشيوخ، فقد ظلت ترفض القرارات الصادرة عن مجلس الشيوخ، وتعتبر أنه يعمل خارج الشرعية لأن مأموريته انتهت منذ فترة طويلة ولم يتم تجديده. وهي تعتبره الآن بعد رفض التعديلات الدستورية بطلا، وتستند في رفض التعديلات الدستورية على موقفه.
“ما خلقت لأستقيل.. وما خلقت لأفشل..”:
وظهر عزيز في بداية المؤتمر الصحفي متوترا لكنه تجاوز التوتر وبدا مرتخي الأعصاب يتبادل النكات مع الصحفيين على غير عادته.
وجدد الرئيس الثقة في الحكومة وفي الغالبية السياسية التي تدعمه وقال :”لا مشكل لي مع الأغلبية ولا مشكل للأغلبية في ما بينها، ولن يدفعنا الآخرون إلى ذلك”. ورفض أيضًا تحميل حكومته مسؤولية تصويت الشيوخ ضده قائلا: “تلك مسؤولية الرئيس والوزير الأول ولن يدفعنا أي أحد إلى ذلك”. كما رفض الرئيس ربط مستقبله بأي فشل محتمل لتمرير التعديلات من خلال الاستفتاء، وقال: ” ما خلقت لأستقيل.. وما خلقت لأفشل.. وسينجح الاستفتاء”.
ولم يفت على المراقبين أن عزيز افتتح المؤتمر بتوجيه التهاني إلى “القوات المسلحة وقوات الأمن التي تسهر على أمن الموريتانيين”، وهو ما نظر إليه على أنه تقديم ورودٍ إلى المؤسسة المنظمة الوحيدة في البلد التي هي أساس قوة الحاكم، ويعتبرها الموريتانيون ملاذهم الأخير رغم ضيق السياسيين بفترات الحكم العسكري في البلاد.
و في ما يشبه دق إسفين بين الجيش والمعارضة غضب عزيز حينما ورد اسم “العسكر” في سؤال لأحد الصحفيين : “العسكر كلمة لا تطلق على الجيش الموريتاني المحترم”. ونفى أن تكون سنوات الحكم العسكري الطويلة حكما للجيش، مؤكدا أن “الحركات السياسية الأيديولوجية” هي التي كانت تحكم باسم الجيش وتتصارع و” تسجن بعضها البعض”.
وحكم موريتانيا من العام 1978 إلى الآن ضباط لا ينتمي أي منهم إلى أي من الحركات السياسية “السرية” الرئيسية المعروفة في البلد، وهي اليسار الماركسي، والناصريون والبعثيون والإخوان المسلمون، وإن كان لكل منها تأثيره غير المباشر في شؤون الحكم.
وقال عزيز إنه وحده استطاع القضاء على نفوذ الحركات السياسية في الحكم و”إنقاذ البلاد منها”.
واستقال الرئيس عزيز (الجنرال وقتها) من الجيش العام 2009 ليترشح للانتخابات الرئاسية بعد انقلابه على الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله، غير أن المعارضة ظلت تصفه بـ”الجنرال محمد ولد عبد العزيز” وتطلب تخلي الجيش عن السلطة.
وأكد عزيز أنه لن يطلب مجددا من المعارضة الدخول معه في حوار: ” انتهينا من ما تصفه المعارضة بالمسرحيات.. لن أدعو مجددا إلى حوار، لكن بابي يظل مفتوحا لمن أراد منهم أن يناقش معي شؤون البلاد.
وقال محلل سياسي لـ”مورينيوز” إن “المعارضة في موقف دقيق؛ إن شاركت شرعت الاستفتاء في حال تمرير التعديلات، وإن قاطعت فقد انتحرت.. سبع سنين عجاف، لا مشاركة سياسية فيها باستثناء تواصل”. وأضاف : “عندي إحساس أن طبقة جديدة من المعارضة سوف تتشكل بحكم الضرورة لن يكون فيها وجه قديم ولن تكون ممنهجة أو مدروسة، وعزيز يخشاها والمعارضة كذلك”.
95 تعليقات