الصحراء الغربية: طبول حرب يقابلها هدوء وتسريبات
نواكشوط- “مورينيوز”- فيما تشن المغرب حربا دعائية ضد موريتانيا وتقرع وسائل إعلام قريبة من البلاط طبول الحرب في تهديد مبطن لكنه صريح، تؤكد “البوليساريو” أن الحرب على الأبواب، وسط تسريبات موريتانية عن مضايقات مغربية “مرفوضة”، وتقليل من أهمية التهديدات.
وشاهد الموريتانيون “فيديو” من مقابلة مع محلل مغربي باسم عبد الرحمن منار السليمي حمل تهديدات بالحرب،وما وصفه بنقل المعركة القادمة من “الغويره” إلى مدينة نواذيبو الموريتانية.
ويتهم “الفيديو” موريتانيا بالتواطؤ مع “البوليساريو”، والسماح للرئيس الصحراوي بالوصول إلى المحيط الأطلسي عبر الأرضي الموريتانية. ويعتبر ذلك عدوانا على السيادة المغربية.
وأثارت المقابلة استياء واسعا، واعتبرها محللون موريتانيون رسالة من السلطات المغربية إلى نظيرتها الموريتانية.
وقال كاتب موريتاني لـ”مورينيوز”: “لا يخفى على المطلع العارف بالشؤون المغربية أنه لا مغربيا يقيم في المغرب يستطيع – من دون إذن- أن يتحدث بهذه الدرجة عن علاقة المغرب ببلد مثل موريتانيا، ولا عن الشؤون ذات الصلة بالأمن”.
وأضاف: “حملت الرسالة المغربية تهديدات غير مباشرة بإثارة قلاقل داخل موريتانيا باستخدام جماعات فيئوية وعرقية”.
وقال: “ورد في المقابلة الكثير من المغالطات، وأظهرت جهلا كبيرا بقضايا موريتانيا والمنطقة”.
وفي سياق التصعيد يصر إعلام “البوليساريو” على أن الحرب وشيكة، ويتحدث عن إفشال خطة مغربية للهجوم على “الكويره” وعزلها عن “موريتانيا والمناطق المحررة”.
و”الغويره” مدينة صحراوية تقع على بعد 7 كيلومترات من مدينة نواذيبو، وقضت ترتيبات خروج موريتانيا من النزاع الصحراوي بأن تظل تحت السيادة الموريتانية.
وقالت الإعلامية الصحراوية النانه لبات الرشيد لـ”مورينيوز” : “لا يعجز المغرب عن ادعاء من قبيل ان موريتانيا سمحت للرئيس الصحراوي بزيارة منطقة محررة أصلا من طرف الجيش الصحراوي منذ سنوات طويلة”.
وأضافت أنه “لا حدود للمغرب مع موريتانيا ( …) كل ما هنالك هو الجدار المقسم للصحراء الغربية و خلفه يتخندق جنوده ، ولم يتقدم الجيش المغربي مترا واحدا شرق الحزام لحد الآن”.
وقالت: ” الحشود المغربية زيف و ادعاء… خارج الجدار لا يمكن الحديث عن حشود وما بداخله أيضا لا يمكن معرفته “.
لكن النانه رشيد تؤكد في الوقت ذاته: “التصعيد وارد ، والحرب قاب قوسين او أدنى”. فالمغرب ” لابد له من التنفيس عن ضغطه باي شكل من الأشكال”، مضيفة: “الحرب ستقع… ستقع.. وأنا لا أتحدث اعتباطا عن مسألة الحرب… أتحدث بناء على معطيات …”
وأين سيكون مسرح هذه الحرب؟.. ترد الإعلامية الصحراوية أنه سيكون داخل الحزام الذي أقامه المغرب وستنقل الحرب إلى داخل المغرب نفسه عبر الصحراويين في المناطق المحتلة”.
وتؤكد: ” الجدار لا يحمي الجيش المغربي.. لقد حفرت الأنفاق التي ستهدمه وانتهى الأمر”.
وتشير رشيد إلى ما تعتقده عملا قامت به “البوليساريو” منعت به وصول الجيش المغربي إلى الحدود الموريتانية: ” المناطق المحررة التي يوجد بها الجيش الصحراوي تفصل موريتانيا عن خط التماس مع المغرب الموجود خلف الجدار. والكرگرات هي الجزء المحرر الفاصل بين الحدود الموريتانية و الثغرة المفتوحة بالجدار المغربي”..
وتشرح: “حاول المغرب تعبيد طريق إلى المنطقة في أغشت الماضي ، ورفعت الجبهة القضية إلى الأمم المتحدة التي أوقفت المحاولة، وتمركزت قواتها في المنطقة..”
وتضيف: “للمحاولة المغربية هدفان:الظاهر منهما بسط سيطرته على جزء محرر، ما يسهل عليه الزحف نحو أي منطقة أخرى محررة ، لان الفاصل بين المنطقتين المحررة و المحتلة هو الجدار، و إحداث ثغره فيه أمر سهل جدا.. والهدف الباطن هو استحواذه على الممر المؤدي للگويرة و عزلها عن شريطها الضيق وعن باقي الأراضي الصحراوية المحررة”.
وتقول إن هذا “ما يدركه النظام الموريتاني جيدا و يتخذ له احتياطاته بينما لا تفهمه النخب الفاعلة و لا تقدر خطره مطلقا”.
ويُعتقد أن السبب المباشر للحملة المغربية الحالية كان استضافة فرق فنية وشعراء من المخيمات الصحراوية في مهرجان المدن القديمة الذي انعقد مؤخرا في ودان شمالي موريتانيا، وظهور علم “البوليساريو” في هذا المهرجان. وشوهد العلم أيضا على التلفزيون الرسمي الموريتاني.
وكانت حملة مماثلة شنت في المغرب في وقت سابق بعد إرسال موريتانيا وفدا رفيع المستوى لحضور تشييع جثمان زعيم “البوليساريو” الراحل محمد عبد العزيز.
وتتحدث مصادر عن موقف موريتاني لا يساعد في عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وطرد”البوليساريو بالتالي.
وتعترف الحكومة الموريتانية بـ”الجمهورية العربية الصحراوية” التي أعلنتها “البوليساريو” منذ الثمانينيات، لكنها لم تفتح سفارة للدولة التى تعترف بها.
وظلت لقاءات المسؤولين الموريتانيين والصحراويين في معظم الحالات تجري من دون ذكر في وسائل الاعلام الرسمية الموريتانية.
وتعلن موريتانيا الحياد في نزاع الصحراء، لكن موقفها ظل يتأرجح بين التجاذبات المغربية الجزائرية. ولم تقبل المغرب إطلاقا هذا الحياد، لكن علاقات الطرفين عرفت أحيانا تحسنا كبيرا.
وظل المشكل الصحراوي يحكم العلاقات بين موريتانيا وكل من الجزائر والمغرب. وعملت موريتانيا بدورها على اللعب على تناقضات البلدين.
وخلال الأعوام الأخيرة كثرت الأزمات بين موريتانيا وجاريها المغاربيين على خلفية شعور لدى الموريتانيين بأن البلدين لا يقبلان لها ندية تعتقد أنها تستحقها، وترفض ما سواها متشبثة باستقلالية القرار.
وساعد غياب المغرب عن الساحة الإفريقية وتحسن في وسائل الدفاع الموريتانية، ودور متنامي إفريقيا لهذا البلد وخصوصا في منطقة الساحل في تجذير موقفه وثقته في نفسه.
ولم ترد الحكومة الموريتانية رسميا على الحملة المغربية. ويقلل الموريتانيون من أهمية التوترات الحاصلة، لكن أوساطا رسمية بدأت تسريبات تذكر بوقائع تضمنت مضايقات وإجراءات غير ودية مصدرها المغرب، منها رفض استقبال وزير الخارجية الموريتاني في البلاط الملكي حاملا دعوة إلى القمة العربية،وجهود مغربية مفترضة لإفشال قمة نواكشوط الأخيرة.
ومن هذه التسريبات تحريك المغرب وحدات عسكرية على الحدود ردا على إيفاد وفد لتمثيل موريتانيا في تشييع جنازة زعيم “البوليساريو”..
وتذكر التسريبات بما تقول إنه السماح بدخول شاحنات تحمل المخدرات إلى موريتانيا، ومصادرة السلطات الموريتانية شاحنة قادمة من المغرب تحمل معملا لتزوير العملة الموريتانية.
ويسرب الموريتانيون أن المغرب يحاول استغلال السنغال ضده..
وفي معرض التعليق على هذه “التسريبات” قال مصدر رفيع لـ”مورينيوز” : “لا تعليق لدي سوى أن هذه التصرفات مرفوضة”.
وعلى الرغم من لغة التصعيد “الإعلامي” لدى كل من المغرب و”البوليساريو”، وأجواء التوتر التي يحاول هذا الطرف أو ذاك الترويج لها، تبدو موريتانيا هادئة.. ويظهر في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ميل عام إلى التهدئة..
20 ديسمبر 2016
109 تعليقات