الرئيس الموريتاني يتجه إلى التصعيد .. الاذاعة الرسمية تدعو إلى التظاهر ضد الشيوخ
نواكشوط- من الشيخ بكاي- وسط توتر سياسي ضاعفه إسقاط مجلس الشيوخ تعديلات دستورية اقترحها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، تدفع السلطة باتجاه استفتاء شعبي لفرض التعديلات لا يتفق فقهاء القانون الدستوري على شرعيته. وفيما تدعو الإذاعة الرسمية إلى مظاهرات ضد الشيوخ دعت المعارضة إلى الشروع في حوار شامل ينهي أزمات البلاد.
وفي خطوة مفاجئة رفض مجلس الشيوخ في البرلمان الموريتاني الذي تسيطر السلطة على الغالبية فيه الجمعة الماضي المصادقة على تعديلات دستورية تسمح بإلغاء المجلس نفسه وتغيير كلمات النشيد الوطني وألوان علم البلاد، وإلغاء محكمة العدل السامية ضمن أمور أخرى.
ولم يعلق الرئيس الموريتاني بعد على الحدث، وأعلنت الاذاعة الرسمية أنه سيتحدث إلى الشعب يوم الاربعاء المقبل، لكن أنصاره يشنون حملة على أعضاء مجلس الشيوخ ويطالبون في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بفرض التعديلات. وتشن الإذاعة الموريتانية التي تملكها الدولة حملة تدعو إلى النزول إلى الشوارع في مظاهرات ضد الشيوخ، وإلى فرض التعديلات الدستورية.. وتتخذ الحملة شكل مقابلات مع مواطنين من معظم أنحاء البلاد. ويذكر العارفون بمؤسسات الإعلام الرسمي أنه لا يستطيع اتخاذ مبادرات في الأمور السياسية ولا ينشر إلا ما هو داخل ضمن تعليمات رسمية.
واجتمع الرئيس ولد عبد العزيز الاثنين بعدد من قادة الأحزاب السياسية من أبرزهم مسعود ولد بلخير رئيس حزب “التحالف الشعبي التقدمي” وهو من أحزاب تسمى في موريتانيا “المعارضة المُحاوِرة” لدخولها في حوار جزئي مع السلطة حول التعديلات التي ترفضها المعارضة وقطاع عريض من النخبة المثقفة. وعُلِم أن الرئيس كشف للذين استقبلهم نيته اللجوء إلى استفتاء شعبي يتجاوز البرلمان من أجل فرض التعديلات.
ويثور جدل حول مادة دستورية تتحدث عن الاستفتاء. ويقول فقهاء دستوريون مؤيدون للسلطة إنه يجوز للرئيس اللجوء إلى هذه المادة في استفتاء الشعب حول التعديلات، في حين يرى غير المؤيدين من هؤلاء الفقهاء أن الدستور لا يدخل ضمن هذه المادة التي هي في رأيهم خاصة بالقوانين ذات الصلة بالمعاهدات الدولية والأمور السياسية بعيدا عن تعديل مواد الدستور. ويرى هؤلاء أن البرلمان بغرفتيه هو الطريق الأوحد لعرض تعديل دستوري في استفتاء أو تمريره عبر الغرفتين مجتمعتين. وهي مسألة انتهت بقرار مجلس الشيوخ إسقاط التعديلات.
غير أن مراقبي الشأن السياسي الموريتاني يعتقدون أن القرار الفعلي يعود إلى الرئيس في كل الحالات. ويعتمد ذلك على رغبته في التهدئة أو التصعيد.. وصدرت دعوات من جهات مستقلة تدعو الرئيس عزيز إلى نزع فتيل أزمة سياسية خطرة تلوح في الافق حسب قول هؤلاء، بقبول النتائج والانطلاق منها في تفاهم عام بين جميع الأطراف يجنب البلاد أي مزالق. لكن لا يبدو أن الرئيس سيقبل بكسر إرادته فهو في نظر المراقبين رجل عنيد، وما زال ممسكا بالأمور بقبضة قوية سياسية وأمنية
وحاولت المعارضة أن تجعل من إسقاط الشيوخ المنتمين إلى الحزب الحاكم التعديلات نصرا سياسيا لها، وصدرت عنها دعوات إلى استقالة الرئيس والحكومة. وقال “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” وهو تجمع معارض يضم أحزابا وشخصيات مستقلة ونقابات وهيئات في مؤتمر صحفي الاثنين إنه على الرئيس عزيز الشروع مع المعارضة في حوار شامل من أجل التوصل إلى “مخرج توافقي” من “الأزمة” التي تعيشها البلاد. وأوضح المنتدى في بيان قرئ خلال المؤتمر الصحفي أن الحل لن يكون إلا عبر. “حوار شامل وجدي مشترك التحضير والتسيير والمخرجات”. وقال إن ” الوقت لم يعد يسمح بتجاهل الحلول”. وقال نائب رئيس المنتدى موسى فال إنه على السلطة حل الأزمة “التي وقعت فيها من خلال حوار مع جميع الأطراف وهذا هو الخيار الأول الذي يجب على النظام اتباعه” حسب قوله.
ويبدي مراقبون الخشية من حدوث أزمة حادة في حال أصر الرئيس على تمرير التعديلات عبر استفتاء لا ينال الإجماع، لكن من المؤكد أن نتائجه ستكون لصالحه، فهو رغم الهزة الحالية حائز على غالبية يضمنها زعماء القبائل المؤيدون دائما للسلطة، وأطر الحكومة والإدارة، كما يتوقع أن يصوت لصالحه فيها معظم مؤيدي أحزاب المعارضة “المُحاوِرة”.
تاريخ النشر 20 مارس 2017
108 تعليقات